غزة/ حسني نديم / الأناضول
– مقتل 33 فلسطينيا وإصابة وفُقدان 84 آخرين، بمجزرة ارتكبتها إسرائيل الخميس بقصف مربع سكني بالنصيرات
– محمد البيومي، أحد سكان المنطقة: امتلأ المكان بالجثث والأشلاء المتناثرة
– سامر الشيخ علي، أحد ناجي المجزرة: خرجت من تحت الركام بصعوبة وعشرات من جيراننا لم يخرجوا
عاش أهالي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ليلة دامية مساء الخميس، عندما دمر الجيش الإسرائيلي بعدة غارات مربعا سكنيا مكتظا بالمدنيين الفلسطينيين وذلك إمعانا بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
سرعان ما حولت المقاتلات الإسرائيلية المنطقة الهادئة نسبيا إلى كومة ركام وسط أصوات الصراخ والاستغاثة المتصاعدة من تحت الأنقاض.
وبعد انقشاع غبار القصف، انكشف مشهد مروع للمواطنين، حيث امتلأ المكان بالجثث والأشلاء المتناثرة، وفق رواية شهود عيان للأناضول.
قُتل 33 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء ومسنون، وأُصيب وفُقد نحو 84 آخرين، في المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بقصف المربع سكني في النصيرات، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وقال المكتب الحكومي: “جيش الاحتلال كان يعلم أن هذه البنايات السكنية يقطنها عشرات المدنيين والأطفال والنساء والنازحين الذين شردهم من منازلهم”.
واعتبر أن هذه الجريمة الجديدة تأتي بالتزامن مع إسقاط إسرائيل للمنظومة الصحية في غزة عبر استهداف المستشفيات وإخراجها عن الخدمة، ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها بالقطاع منذ أكثر من عام.
و6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري قالت وزارة الصحة الفلسطينية (مقرها رام الله) إن “عدد المستشفيات التي تعمل جزئيا في غزة 17 من أصل 36، وتعمل بأقل الإمكانيات من الكوادر والمستلزمات والمعدات والوقود والكهرباء، وهي مهددة بالتوقف في أي لحظة”.
** ليلة مأساوية
محمد البيومي، أحد سكان المنطقة قال: “كنا على وشك الخلود للنوم عندما أطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية صواريخها التدميرية باتجاه مربعنا السكني المكتظ بالسكان والنازحين”.
وتابع في وصفه للمشهد الأولي، خلال حديثه للأناضول، إن “الأجواء كانت ملبدة بالغبار والدخان، وأصوات صراخ الجرحى والمصابين تملأ المكان.. لم نستطع الرؤية بشكل جيد”.
وكشف انقشاع الدخان الكثيف عن مجزرة حولت إثرها إسرائيل بنايات سكنية إلى كومة من الركام، كما امتلأ المكان بالجثث والأشلاء المتناثرة، وفق البيومي.
ويزيد واصفا: “الجثث تناثرت فوق الأنقاض وتحتها، ووجوه الأطفال الشهداء مهشمة، والأطراف المبتورة كانت ترسم صورة مأساوية لليلة لا تُنسى”.
وأشار إلى أن هذا الهجوم تسبب بـ”تدمير منازل عائلات البيومي، والحاج، والشيخ علي، بجوار مبنى البريد قرب مقبرة القسام”.
** إنقاذ بطرق بدائية
بعد لحظات من وقوع المجزرة، هرعت طواقم جهاز الدفاع المدني إلى المكان لإنقاذ الجرحى وانتشال جثامين القتلى بإمكانيات متواضعة وطرق بدائية.
وفي موقع المجزرة، تداخلت أصوات طواقم الدفاع المدني التي تنادي على الناجين تحت الأنقاض مع أصوات بكاء الأهالي الذين يترقبون خروج أبنائهم.
أحد عناصر الدفاع المدني، حمل سيدة مسنة على ظهره وتنقل بها بحذر بين أكوام الركام لإنقاذ حياتها وإخراجها من مكان الحدث، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما كان بعضهم، وفق الفيديو، يضربون بمطارق يدوية جدرانا إسمنتية سميكة لإنقاذ المصابين، بشكل اختزل حجم المعاناة في غزة في ظل النقص الشديد في الإمكانيات والمعدات.
ويقول سامر الشيخ علي، أحد الناجين من المجزرة، بذهول: “لم نكن نعلم ماذا يحدث، فجأة، انهالت الصواريخ علينا، وكل شيء حولنا انهار، خرجنا من تحت الركام بصعوبة، لكن عشرات من جيراننا لم يخرجوا حتى اللحظة”.
وتساءل الشيخ علي أثناء حديثه مع مراسل الأناضول، وهو يراقب الدمار الهائل حوله: “أين العالم من هذه المجازر؟ أين الزعماء والرؤساء العرب؟ أين الرئيس الأمريكي الجديد؟ أليس ما يحدث هنا منافٍ لكل قوانين واتفاقيات البشر؟”.
** مستشفى مكتظ بالمصابين
وفي “مستشفى العودة” بمخيم النصيرات، حيث تم نقل عدد كبير من المصابين إلى هناك، كان المشهد بنفس القسوة، إذ امتلأت الأسرة بعشرات الجرحى.
حاول الأطباء بما تيسر لديهم من إمكانيات علاجية بإنقاذ حياة المصابين، وسط نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية تعاني منها المستشفيات القليلة العاملة.
وفي 24 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت وزارة الصحة بغزة عن نفاد 60 بالمئة من قائمة الأدوية الأساسية و83 بالمئة من المستهلكات الطبية جراء حرب الإبادة وسيطرة إسرائيل على المعابر وإغلاقها.
وداخل إحدى الغرف افترشت جثامين القتلى الأرض، وجلست والدة الشاب فادي البيومي إلى جانب جثمانه تبكيه بحرقة وهو الذي قُتل بالمجزرة بينما كان محتضنا طفله “علي”، وفق إفادة المراسل.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 151 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات