غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول
– المحلل السياسي حسام الدجني: من المرجح أن تتعاطى حماس بإيجابية مع توافق مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية على تطوير حقل “مارين” للغاز الطبيعي في حال تم تخصيص جزء من عائداته لحل أزمات غزة.
– المحلل السياسي مصطفى إبراهيم: التوافق على تطوير الحقل مرتبط بالأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية.. وربما بحث المصريون الموضوع مع “حماس” ولذلك لم تعلن موقفا رسميا.
– المحلل السياسي إبراهيم المدهون: إسرائيل تنوي سرقة الغاز الفلسطيني.. “حماس” تستعد لخوض “معركة الغاز” وبدأتها بحراك دبلوماسي إقليمي ولا تستبعد المواجهة العسكرية لمنع سرقة الغاز.
رأى محللان سياسيان فلسطينيان أن حركة “حماس”، التي تدير قطاع غزة، ستتعاطى بإيجابية “مشروطة” مع جهود تطوير حقل “مارين” للغاز الطبيعي قبالة شواطئ القطاع، فيما اعتقد ثالث أن الحركة تتجهز لخوض “صراع الغاز” الذي بدأته بحراك دبلوماسي في المنطقة لرفضها التدخل الإسرائيلي في الملف.
وفي حديثهما للأناضول، قال المحللان إن الحركة يمكن أن تتعاطى بشكل إيجابي مع هذا التفاهم، بشرط تخصيص جزء من عائدات الحقل لحل أزمات غزة، وأبرزها الكهرباء والطاقة، في ظل حصار إسرائيلي متواصل منذ سنوات.
لكن الثالث رجح أن “الحركة تتجهز لخوض معركة الغاز، وبدأتها بحراك دبلوماسي إقليمي، لإيصال رسائل مبكرة بـ”رفضها أي سرقة إسرائيلية للغاز الفلسطيني”، مع عدم استبعاد المواجهة العسكرية مع إسرائيل.
وعلى الرغم من إعلان الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني التوافق على البدء في المشروع، إلا أنه لم تُعلن أي جهة أن “حماس” طرفا في ذلك التفاهم، كما لم تعلن الحركة رسميا موقفها من المشروع.
لكن نقلا عن مسؤول سياسي لم تسمّه، قالت القناة “الـ13” الإسرائيلية إن “الحكومة تعتزم حجب عائدات حقل الغاز عن غزة، طالما لم يحدث أي تقدم في ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس”.
ويقع حقل غاز مارين على بعد 36 كيلو مترا غرب غزة في مياه البحر المتوسط، وتم تطويره عام 2000 من طرف شركة الغاز البريطانية “بريتيش غاز”، ثم تخارجت منه لصالح شركة “رويال داتش شل”، قبل أن تغادر الأخيرة أيضا في 2018.
والإثنين، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن تطوير الحقل أصبح متاحا، بعد أكثر من 24 عاما على العرقلة الإسرائيلية، وذلك غداة توجيه نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ مشروع تطوير الحقل.
إيجابية مرهونة
وفقا للكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني فإن “حماس من الممكن أن تتعاطى بإيجابية مع استخراج الغاز بشرط وجود عائد من هذا الحقل لغزة دون عراقيل إسرائيلية، معربا عن اعتقاده بأن طرح الملف يأتي “وسط أزمة مالية تمر بها السلطة” الفلسطينية.
واستبعد موافقة حماس على التنقيب “في حال عدم توفر ضمانات واضحة بأن يتم تخصيص جزء من العوائد لغزة وللفلسطينيين”.
ورجح أن الخيار العسكري لدى “حماس” وارد، وأشار إلى أهمية وجود ضمانات لعدم سرقة الغاز من أي طرف، قائلا: “سواء كانت مؤسسات رقابية، أو الرأي العام من خلال اطلاعه على مضمون الاتفاق، أو مصر، لكن الإشكالية تكمن بوجود أزمة ثقة بين حماس والسلطة”.
وعلى مدار سنوات، فشلت محاولات رعتها دول عربية للمصالحة بين حركتي “حماس” والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، بزعامة الرئيس محمود عباس، مما أدى إلى تعزيز أزمة الثقة بينهما وترسيخ الانقسام القائم منذ صيف 2007.
وأعرب الدجني عن اعتقاده بوجود رغبة فلسطينية باستفادة غزة من الغاز عبر ثلاثة مشاريع هي “ملف الكهرباء ودعم الفئات الفقيرة والتنمية المستدامة”، في ظل أوضاع صعبة يعيشها السكان جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ صيف 2007.
أوضاع السلطة
متفقا مع الدجني، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم للأناضول إن التوافق على تطوير الحقل مرتبط بـ”الأوضاع الاقتصادية للسلطة التي تمر بأزمة مالية”.
وأضاف أن “السلطة تعاني من أزمة مالية والاحتلال لا يستطيع تحمل عبء مصاريفها، لذا كان هذا الطرح كأحد الحلول لأزمتها”.
إبراهيم يعتقد أن واشنطن مارست ضغوطا على الحكومة الإسرائيلية “لمساعدة السلطة وإقناعها ببدء التحرك (لتطوير الحقل).. والموافقة الإسرائيلية محاولة للإرضاء أمريكا التي تربطها علاقة غير جيدة مع نتنياهو، ويأتي هذا كله ضمن محاولات للتهدئة سواء في الضفة أو غزة”.
وبشأن عدم وجود موقف رسمي من “حماس” حتى الآن، اعتبر إبراهيم أن هذا الوضع يدفع بالقول أن “المصريين بحثوا الموضوع معها”، مشددا على أن “حماس لا يمكن أن تسمح بالعمل في الحقل دون أن يكون هناك عائد لغزة”.
ورأى أن زيارة اشتية للقاهرة، نهاية مايو/ أيار الماضي، وما تلاها من زيارة “حماس” ووفد من لجنة متابعة العمل الحكومة في غزة، هدفت جميعا إلى “إيجاد مساحة للتعاون الاقتصادي بين غزة والضفة في ظل ما تعانيه السلطة من أزمة مالية”.
دوافع إسرائيلية
أما المحلل السياسي إبراهيم المدهون فاعتبر، في حديث للأناضول، أن إسرائيل “تريد السيطرة على الغاز وسرقة الحصة الأكبر منه في ظل الصراع العالمي على الطاقة”، في إشارة إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022.
وقال المدهون، مدير عام مؤسسة فيميد للإعلام (فلسطينية مقرها تركيا)، إن “الاحتلال وجد الفرصة متاحة لاستخراج الغاز الفلسطيني وتصديره، بالتوافق مع واشنطن التي ترغب بدور إسرائيلي في السيطرة على الطاقة في المنطقة”.
كما يسعى نتنياهو من ذلك لـ”تقوية حكومته مستغلا ضعف السلطة التي لن تكون مستعدة لمواجهة أي هيمنة إسرائيلية، وسط تقديراتها بأن حماس المحاصرة غير قادرة على الدفاع عن نفسها، لكن هذا التقدير خاطئ”، بحسب المدهون.
ومضى قائلا إن “إسرائيل تريد أن تحرم الفلسطينيين من مواردهم وإبقاء حالة الحصار، وحماس تعتبر تدخلها سرقة للغاز والطاقة الفلسطينية”.
مواجهة عسكرية؟
المدهون رجح أن “حماس” تستعد لخوض “معركة الغاز”، وبدأتها بحراك دبلوماسي في المنطقة، حيث “زار رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية مصر وإيران مؤخرا، كما يوجد تواصل مع روسيا وتركيا”.
وأضاف أن “الحركة بدأت بتحشيد الرأي الإقليمي والدولي للتحرك من أجل منع هذه السرقة وعرقلة أي دور إسرائيلي في الملف”.
ويعتقد أن سرقة إسرائيل للغاز “لن تكون سهلة تحت نظر المقاومة والشعب، وحماس تدرس خيارات متعددة بينها المواجهة العسكرية.. الحركة لديها أوراق ضغط وقدرة على المناورة”.
وبخصوص عدم إعلان الحركة موقفها من هذه التطورات، اعتبر المدهون أن الوقت “مبكر”، خاصة في ظل “الدراسة والحراك السياسي والدبلوماسي لتحديد التوجهات المقبلة”.
وأردف أن “حماس تعتبر نفسها أمام معركة غاز، ويجب خوضها بروية وحكمة وتدرج وشمولية، وتدرس قدرات الشعب على منع السرقة، وزيارتها للدول قد تتضمن استشارة حول آلية الضغط على الاحتلال وفضح نواياه بسرقة الغاز”.
المدهون أعرب عن اعتقاده بأن “حماس لا ترغب بالوصول إلى حالة القطيعة مع السلطة إثر هذا الاتفاق، وتحاول التفاهم معها كي لا تتماهى مع الأطماع الإسرائيلية”.
واستطرد: “ربما لا تمانع حماس من التوافق الفلسطيني للعمل على إدارة الحقل والاستفادة منه لينعكس آثار ذلك على كافة الفلسطينيين، مع ضرورة منع أي سرقة إسرائيلية”.
وختم بأن “حماس ما زالت في طور ترتيب موقفها لهذه المعركة وهي بحاجة للمزيد من والوقت والتحشيد والعمل، وأتوقع أنها نقلت رؤيتها إلى مصر وطالبتها بتبنّي الموقف الفلسطيني”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات