تونس/ عادل الثابتي / الأناضول
** المنتج السينمائي التونسي وكاتب السيناريو شاكر بوعجيلة للأناضول:
– محاولات سابقة للذهاب بالمهرجان نحو بعد عالمي كادت تهدد بصمته الإفريقية
– أيام قرطاج السينمائية يظل من أعرق المهرجانات الإفريقية والعربية
– تأسس المهرجان ليكون فضاء لسينما مقاومة ومنفتحة على تجارب من أمريكا اللاتينية وآسيا
– المهرجان لا يزال يقاوم وميزانيته ضعيفة جدا مقارنة بالمهرجانات العربية والعالمية
– الفيلم الوثائقي لا يكتفي بإعادة سرد التاريخ، بل يسعى إلى “فهم اللحظات المفصلية، وإنصاف الشخصيات التي تم تهميشها”
– نحاول في أعمالنا التركيز على التاريخ والهموم الإنسانية المشتركة، وهي معاناة واحدة وأحلام متشابهة في دول إفريقيا
اعتبر المنتج السينمائي التونسي وكاتب السيناريو، شاكر بوعجيلة، أن مهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته الـ36، عاد إلى اختصاصه الأصلي كمهرجان للسينما الإفريقية والعربية، رغم الصعوبات المالية والتنظيمية التي يواجهها.
وقال بوعجيلة، في مقابلة مع الأناضول، إن “أيام قرطاج السينمائية يظل من أعرق المهرجانات الإفريقية والعربية، وقد تأسس ليكون فضاء لسينما مقاومة ومنفتحة على تجارب من أمريكا اللاتينية وآسيا”.
وأضاف أن “محاولات سابقة للذهاب بالمهرجان نحو بعد عالمي كادت تهدد بصمته الإفريقية، في حين أن مؤسسه الطاهر شريعة كان حريصا على جعل قرطاج منصة لتصعيد السينما الإفريقية والعربية، وهو ما مكّن مخرجين من مالي وموريتانيا والسنغال وكوت ديفوار من الوصول إلى العالمية”.
وتأسس مهرجان أيام قرطاج السينمائية عام 1966 بالعاصمة تونس على يد المخرج الطاهر شريعة (1927-2010).
وانطلقت الدورة السادسة والثلاثون للمهرجان، في 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بعرض الفيلم الروائي “فلسطين 36” للمخرجة آن ماري جاسر، المرشح لتمثيل فلسطين في جوائز الأوسكار 2026، على أن تختتم فعالياتها اليوم السبت.
وتتنافس في المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة 12 عملا من تونس ومصر والسنغال والأردن وبوركينا فاسو والعراق والكونغو.
قضايا الهامش
وأشار بوعجيلة إلى أن المهرجان “لا يزال يقاوم”، موضحا أن ميزانيته لا تتجاوز 3.8 ملايين دينار تونسي (نحو 1.2 مليون دولار)، وهي “ميزانية ضعيفة جدا مقارنة بالمهرجانات العربية والعالمية”.
وأضاف أن “المهرجان يحاول الصمود والحفاظ، خاصة في السنوات الأخيرة، على طابعه الإفريقي، إذ كان تاريخيا محطة عبور للمنتجين والمخرجين الأفارقة نحو العالمية”.
وتحدث بوعجيلة عن مشاركته في الدورة الماضية بفيلم “حلم على الهامش” للمخرج كريم السواكي، والذي يروي قصة شاب تونسي يحاول نشر الثقافة في القرى الحدودية المهمشة بولاية القصرين غرب البلاد، عبر تنظيم عروض مسرحية وسينمائية متنقلة.
وأوضح أن الفيلم “يسلط الضوء على محدودية الجهد الفردي في غياب دعم الدولة”، وينتهي بمأساة انتحار الشاب بسبب الأزمة المالية، مؤكدا أن “الدولة لا يمكن أن تظل غائبة ثقافيا عن الجهات الداخلية والحدودية، بل يجب إحداث قاعات سينما ومسارح ومكتبات متنقلة”.
الذاكرة السياسية
وعن مشاركته في دورة هذا العام، قال بوعجيلة إنهم قدموا فيلما جديدا ضمن ورشة التكميل بعنوان “سأموت حرا”، يتناول مراجعات اليسار التونسي والمغربي من خلال تجربتي المناضل اليساري التونسي جلبار نقاش (1939-2020) والناقد السينمائي المغربي أحمد بوغابة.
وأضاف أن الفيلم “يفتح نقاشا حول تجربة السجن، وواقع اليسار، والحريات الديمقراطية في العالم العربي”، معربا عن أمله في الحصول على دعم إضافي بعد مساندة أولية من وزارة الثقافة التونسية.
وأوضح بوعجيلة أنه أسس منذ عام 2016 شركة “فولك ستوري” المتخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية، والتي أنجزت حتى الآن 15 فيلما في تونس والعالم العربي وإفريقيا جنوب الصحراء.
وقال إن أعماله ركزت على “إعادة قراءة التاريخ التونسي والعربي المعاصر”، من خلال تناول تجارب إصلاحية وشخصيات وطنية مثل خير الدين التونسي، ومحمد بيرم الخامس، وأحمد التليلي، ولزهر الشرايطي، إضافة إلى الصراع اليوسفي-البورقيبي.
وأضاف أن بعض أفلامه تناولت محطات مفصلية، مثل تجربة التعاضد في ستينيات القرن الماضي، ومحنة الوزير أحمد بن صالح، التي اعتبرها “تجربة ناجحة إلى حد ما تم افشالها لأنه من سوء حظ أحمد بن صالح أن بورقيبة منذ 1969 (الرئيس التونسي من 1956-1987) بدأ يعيش أزمة صحية ويقضي أكثر الوقت في فرنسا للعلاج.
التاريخ “المنسي” والإنصاف
وأكد بوعجيلة أن الفيلم الوثائقي لا يكتفي بإعادة سرد التاريخ، بل يسعى إلى “فهم اللحظات المفصلية، وإنصاف الشخصيات التي تم تهميشها أو تغييبها في السرد الرسمي”.
وضرب مثالا بفيلمه الوثائقي “باي الشعب”، الذي تناول ثورة علي بن غذاهم عام 1864، معتبرا أنها “ثورة شعبية ضد التهميش والجباية والتسلط، وهي إشكاليات استمرت حتى ما بعد الاستقلال (1956) وظهرت مجددا في ثورة 2011”.
ورأى أن “هناك دائما الهامش والمركز، الهامش الذي يعاني نفس المشاكل؛ مشاكل التنمية والإهمال التي لم تتغير للأسف”.
وعن أعماله خارج تونس، قال بوعجيلة إن “شركتنا نجحت في تصوير عديد الأفلام خارج تونس وخصوصا في المجال الإفريقي”.
وتحدث عن فيلم “الغابة المقدسة” (2021)، الذي صُوّر في كوت ديفوار، ويتناول طقس عبور تقليدي لشباب إحدى القرى في مواجهة زحف العولمة والشركات متعددة الجنسيات.
وعن قصة الفيلم الحائز على عدة جوائز، أوضح بوعجيلة أنه يتناول حياة قبيلة في قرية بوبورية بكوت ديفوار، الواقعة على بعد نحو 80 كيلومترا من العاصمة أبيدجان، حيث تمارس طقسا أنثروبولوجيا يُعرف بـ”طقس العبور”، يقوم خلاله شبّان القرية عند بلوغهم سن 19 عاما بقضاء أسبوعين في الغابة بمفردهم، يخضعون خلالها لاختبارات متعددة، قبل أن تحتفل القرية ببلوغهم سن الرجولة.
وأضاف أن الفيلم يبرز تمسّك شيوخ القرية بهذه العادات في مواجهة زحف العولمة، ولاسيما مع تمدّد غابات المطاط التي تديرها شركات فرنسية على مسافة لا تتجاوز 20 كيلومترا من القرية.
كما أشار إلى أفلام أخرى عالجت قضايا زحف الرمال في مدينة شنقيط الموريتانية، ومعاناة الصيادين المحليين أمام الأساطيل الأجنبية.
وختم بوعجيلة بالقول: “نحاول في أعمالنا التركيز على التاريخ والهموم الإنسانية المشتركة، وهي معاناة واحدة وأحلام متشابهة في تونس وموريتانيا وكوت ديفوار والسنغال وغيرها”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات