غزة / محمد ماجد / الأناضول
ـ محمد القرا، 5 سنوات، أصابه مرض السرطان في عينه التي برزت خارج رأسه نتيجة التورم بعد نزوح متكرر جراء الحرب على قطاع غزة
ـ الطفل يعاني آثار المرض في ظل عدم تمكنه من تلقي العلاج اللازم بسبب الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر، مما يمنع سفره لتلقي العلاج
ـ محمد يطمح أن يصبح لاعبا مشهورا في صفوف المنتخب الفلسطيني ويشارك في البطولات المحلية والدولية إذ يتمتع بمهارات كبيرة
يصارع الطفل الفلسطيني محمد القرا، البالغ من العمر 5 سنوات، آلاما شديدة في عينه التي تورمت وبرزت خارج رأسه نتيجة إصابته بمرض السرطان خلال حرب إسرائيل على قطاع غزة.
وعلى سرير داخل مستشفى “ناصر الطبي” بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يرقد الطفل القرا، دون تلقي العلاج لتخفيف آلامه أو معالجة مرضه الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم.
** خشية من المستقبل
وتخشى عائلة القرا على حياة طفلها الذي يعاني ويلات المرض في ظل عدم تمكنه من تلقي العلاج اللازم، بسبب نقص الموارد الطبية في القطاع وفرض إسرائيل سيطرتها على المعابر وإغلاقها.
وتسببت سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي مع مصر في منع خروج الجرحى لتلقي العلاج في الخارج، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ووفاة أكثر من ألف طفل، وهو ما أضاف معاناة جديدة لمأساتهم المستمرة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وفي 6 مايو/ أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في رفح جنوب قطاع غزة، متجاهلا تحذيرات دولية من تداعيات ذلك على حياة النازحين الذين تكتظ بهم المدينة، لكنه سيطر في اليوم التالي على معبر رفح وأطبق حصاره على سكان القطاع من جميع الجهات.
واكتشفت عائلة القرا مرض طفلها محمد أثناء نزوحهم جراء الحرب إلى منطقة “المواصي” غربي مدينة خان يونس، حيث لم يكن يعاني أي مرض أو أعراض قبل اندلاع الحرب.
ويضطر الفلسطينيون للنزوح من مكان إلى آخر بحثًا عن ملاذ آمن في ظل التهديدات الإسرائيلية ببدء عمليات عسكرية في مناطقهم السكنية.
وينزح الفلسطينيون إلى بيوت أقربائهم ومعارفهم، وبعضهم يقيم خياما في الشوارع والمدارس، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.
ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات صحية محلية ودولية من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين نتيجة التكدس في مراكز الإيواء وانعدام سبل النظافة الشخصية والعلاجات اللازمة.
** وجه مشوه.. وحلم مهدد
وظهر مرض السرطان في عين الطفل محمد بشكل واضح، حيث أصبحت متورمة وبارزة خارج رأسه، ما شوه منظر وجهه الجميل.
ولم يعد الطفل القرا قادرًا على مغادرة الفراش بعد إصابته بالمرض، على عكس ما كان عليه سابقا نشيطا يلعب ويلهو بشكل طبيعي مع أصحابه.
وكان الطفل القرا يحب كرة القدم بشغف كبير، وكان يقضي ساعات طويلة في اللعب في الشوارع والملاعب في قطاع غزة.
ويطمح الطفل محمد أن يصبح لاعباً مشهوراً في صفوف منتخب فلسطين ويشارك في بطولات محلية ودولية، إذ يتمتع بمهارات كبيرة.
لكن مرضه الحالي أجبره على البقاء طريح الفراش، وجعل حلمه بعيد المنال، بالإضافة إلى تأثير الحرب الذي زاد من صعوبة تحقيق أمنيته، كما أفادت عائلته لمراسل الأناضول.
** 10 آلاف مريض سرطان
ووفقًا لإحصائيات صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن هناك نحو 10 آلاف مريض سرطان في القطاع مهددون بالموت جراء تبعات نقص الدواء والغذاء بفعل الحرب الشرسة.
وداخل المستشفى، ترافق الطفل محمد جدته المسنة صبحية عطية، بكل حنان تتلمس رأسه برفق وتدعو له بالشفاء العاجل، وتأمل أن يعود إلى حالته السابقة شغوفا ومبتهجا.
وقالت الجدة النازحة من منطقة الزنة شرقي خان يونس، للأناضول: “بشكل مفاجئ، أثناء النزوح، تورمت عين الطفل محمد ونحن في منطقة المواصي بمدينة خان يونس”.
وأضافت: “اكتشفنا أنه مصاب بمرض السرطان ويحتاج إلى علاج عاجل، ولكن في قطاع غزة المعابر مغلقة ولا يوجد أي علاج متاح”.
وتابعت: “دخان الصواريخ أثر على عينه، إذ كان طفلا طبيعيا لا يعاني أي مرض، ولكن عند نزوحه وتعرضه لدخان الصواريخ، أصيب بالمرض”.
ولفتت إلى أن “حالة الطفل تزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب نقص العلاج وعدم تمكنه من السفر خارج القطاع”.
وأوضحت أن الناس في قطاع غزة يموتون جراء نقص العلاج والحرب.
وناشدت المسنة دول العالم “العمل على إخراج الطفل للعلاج خارج غزة، لكي يعود ويعيش حياته الطبيعية كباقي أطفال العالم”.
والجمعة، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” من أن “كثيرا من الأطفال في قطاع غزة باتوا غير قادرين على النوم وعيش طفولتهم بهدوء لهول ما رأوه جراء الحرب الإسرائيلية”، معربة عن خشيتها على مستقبلهم في حال استمرار الحرب.
مسؤول الإعلام بمنظمة اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سليم عويس، طالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الحرب وإعادة مستقبل أطفال غزة.
وقال عويس، في حوار مع الأناضول، إن “الأطفال في غزة لا يعيشون طفولتهم”.
وأضاف أن “الأمراض الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي والإسهال باتت شائعة بين أطفال غزة”.
ولفت إلى أنه “من الصعب جدا على الأطفال العيش في خيام خلال صيف لاهب تصل حرارته إلى 35 درجة، وتزيد داخل الخيام بين 5 و10 درجات مئوية”.
وتابع أن “النوم يجافي عيون كثير من أطفال غزة لأنهم يفكرون دائما في هول ما رأوه، ويشعرون بالخوف جراء استمرار الحرب”.
وأكد المسؤول الأممي أن “هناك أمورا كثيرة يجب على المجتمع الدولي القيام بها من أجل أطفال غزة”.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت نحو 133 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات