إسطنبول/ الأناضول
ـ ألبانيز محامية دولية وباحثة أكاديمية إيطالية تولت منصب المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مايو 2022
ـ تم التمديد لألبانيز لـ3 أعوام رغم مساعي إسرائيل والمجر والأرجنتين لعرقلة هذا القرار وتردد عدة دول في دعمها بسبب انتقاداتها الصريحة لتل أبيب
ـ أوصت ألبانيز في تقرير عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في أكتوبر 2024 بإعادة النظر في عضوية تل أبيب في الأمم المتحدة أو تعليقها إلى أن تتوقف عن انتهاك القوانين الدولية وتنهي الاحتلال
ـ المسؤول الأممي السابق ليكس تاكنبرغ للأناضول: أخشى أحيانا على سلامتها الشخصية. لا أعتقد أن إسرائيل ومؤيديها سيتوقفون عن مضايقتها
ـ الحقوقي إحسان عادل للأناضول: تقارير ألبانيز تكشف بالتفصيل طبيعة الهجمات الإسرائيلية على غزة التي تتعمد ارتكاب إبادة جماعية
رغم حملة ضغوط مكثفة من قبل منظمات موالية لإسرائيل لمنع تجديد ولايتها، مدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولاية فرانشيسكا ألبانيز، كمقررة خاصة للأمم المتحدة معنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة لثلاث سنوات إضافية.
ومساء الجمعة، صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، المؤلف من 47 عضوا، لصالح إبقاء ألبانيز، في منصبها حتى عام 2028، رغم مساعي إسرائيل والمجر والأرجنتين لعرقلة هذا القرار.
وواجهت ألبانيز، ضغوطا متزايدة من الجهات المؤيدة لإسرائيل والسياسيين المطالبين بإنهاء ولايتها، فيما أعربت عدة دول عن ترددها في دعم إعادة تعيينها بسبب انتقاداتها الصريحة لإسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن الخبيرة القانونية الأممية ألبانيز، لطالما انتقدت الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ووصفت في أكثر من مناسبة الهجمات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بأنها “إبادة جماعية”.
وفي أول تعليق لها بعد تمديد ولايتها كتبت ألبانيز، السبت، في منشور على حسابها عبر إكس، إن “النور يجد طريقه دائمًا.. استمروا في التألق”.
كما أعادت، عبر إكس، نشر تهنئة قدمها لها تريتا فارسي، وهو باحث إيراني المولد، يحمل الجنسية السويدية، ويعيش في الولايات المتحدة.
وكتب فارسي، عقب تمديد ولايتها: “تهانينا للرائعة ألبانيز على عملها المتميز، رغم الجهود المخادعة والرامية لإقالتها، صوّت مجلس حقوق الإنسان الأممي على بقائها في منصبها كمقررة الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية حتى عام 2028!”
** من هي فرانشيسكا ألبانيز؟
ألبانيز؛ محامية دولية وباحثة أكاديمية إيطالية، من مواليد 1977، تولت منصب المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مايو/أيار 2022، وتتميز بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية استنادا إلى القانون الدولي، وتدعو إلى إيجاد حلول عادلة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وهي باحثة منتسبة إلى معهد دراسة الهجرة الدولية في جامعة “جورج تاون” (بواشنطن)، وكبيرة المستشارين المعنية بالهجرة والتشريد القسري في مركز بحوث متخصص تابع لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية.
كما شاركت في تأسيس الشبكة العالمية المعنية بالقضية الفلسطينية، وهو تحالف يضم محترفين وعلماء معروفين منخرطين في ملف الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
وأصدرت العديد من المنشورات عن الوضع القانوني في إسرائيل وفلسطين، بما في ذلك كتابها الأخير بعنوان “اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي” (مطبعة جامعة أكسفورد، 2020)، الذي يعرض تحليلًا قانونيًا شاملاً عن حالة اللاجئين الفلسطينيين، منذ اليوم الأول للاحتلال حتى ما يشهده عصرنا الحديث.
كذلك تلقي ألبانيز، المحاضرات بشكل منتظم بشأن القانون الدولي والتشريد القسري في جامعات أوروبا والمنطقة العربية، وغالبًا ما تشارك كمتحدثة في المؤتمرات والفعاليات العامة حيث تتناول الوضع القانوني لدولة فلسطين.
وعملت طيلة عقد من الزمن خبيرة في مجال حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، بما في ذلك لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
وعبر مسيرتها، قدمت ألبانيز، المشورة إلى الأمم المتحدة والحكومات والمجتمع المدني في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، بشأن تطبيق معايير حقوق الإنسان، لا سيّما بالنسبة إلى الفئات الضعيفة، ومنها اللاجئون والمهاجرون.
وألبانيز، حائزة على إجازة في الحقوق (برتبة شرف) من جامعة “بيزا” (الإيطالية) وماجستير في حقوق الإنسان من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية، وهي كلية تابعة لجامعة لندن، وتكمل حاليًا دكتوراه في القانون الدولي للاجئين، في كلية الحقوق بجامعة أمستردام (الهولندية).
– غضب إسرائيلي
أثار قرار تمديد ولاية ألبانيز حتى عام 2028، موجة غضب في إسرائيل رسميا وإعلاميا.
وبنبرة غاضبة إزاء إعادة تعيينها، وصف مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة داني دانون عبر “إكس”، الخطوة بأنها “عار وبقعة أخلاقية سوداء على الأمم المتحدة”، وفق زعمه.
بدورها، اعتبرت صحيفة “معاريف” العبرية الخاصة قرار تمديد ولاية ألبانيز بأنه “يوم أسود لإسرائيل”.
ووصفت الصحيفة المقررة الأممية بـ”الشيطانية”، على حد زعمها.
وجاء في الصحيفة العبرية أن “ألبانيز، شبهت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأدولف هتلر، ووصفت قطاع غزة بأنه أكبر معسكر اعتقال في القرن الـ21”.
– إخفاق حملة ضغط لمنع التمديد
وتمديد ولاية فرانشيسكا، مَثّل إخفاقا لحملة ضغوط مكثفة قادتها منظمات موالية لإسرائيل، وفي مقدمتها منظمة “يو إن واتش”، إحدى أبرز الجهات المؤيدة لإسرائيل، التي تدعي أن بعض تصريحات ألبانيز “تنتهك مدونة السلوك المرتبطة بالمنصب”، وتسعى لعرقلة إعادة تعيينها استنادا إلى ذلك.
ومن بين 47 دولة عضوا في المجلس، كانت هولندا الدولة الوحيدة التي أعلنت رسميا معارضتها لتجديد ولاية المقررة الأممية، في حين ألغت ألمانيا في فبراير/ شباط الماضي، سلسلة من محاضرات ألبانيز في جامعات ألمانية.
وللحديث عن هذه الضغوط، التقت الأناضول ليكس تاكنبرغ، المسؤول الأممي السابق الذي عمل مع ألبانيز، والخبير القانوني إحسان عادل، حيث قدّما تقييما للأسباب والدوافع الكامنة وراء الحملة التي تستهدفها.
تاكنبرغ، الذي شارك ألبانيز في تأليف كتاب “اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي”، وعمل في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” 31 عاما، منها 10 أعوام في غزة، قال إن التزام ألبانيز بولايتها أقلق إسرائيل وداعميها.
وأضاف: “طوال السنوات الثلاث الماضية حاولوا عرقلة عملها بوسائل مختلفة، والآن يحاولون منع تجديد ولايتها”.
وأوضح تاكنبرغ، أن المقررين الأمميين يُنتخبون لفترة مدتها 6 أعوام، وعادة ما يعاد تجديد الولاية بعد الأعوام الثلاثة الأولى إجراء شكليا، لكن في حالة ألبانيز، تسعى المنظمات الموالية لإسرائيل إلى إحباطه.
وأشار إلى أن غالبية الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان تدعم استمرار ولايتها، وأن الدول المعارضة تقتصر على عدد قليل من الدول الغربية.
وأكد أن الرئيس الحالي لمجلس حقوق الإنسان يورغ لاوبر، “لم يرَ سببًا لتحقيق أعمق في الاتهامات الموجهة للمقررة الأممية، ما لم تظهر أدلة جديدة ضدها”.
في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أوصت ألبانيز، في تقديمها تقرير عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، بإعادة النظر في عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أو تعليقها إلى أن تتوقف عن انتهاك القوانين الدولية وتنهي الاحتلال.
– “قمع” الانتقادات ضد إسرائيل
وفق تاكنبرغ، فإن “كل انتقاد لسياسات إسرائيل يقابل بمحاولات قمع من جانبها وحلفائها”.
وأشار إلى أن المقررين الخاصين “ليسوا موظفين لدى الأمم المتحدة، وبالتالي لا يخضعون لتسلسلها الهرمي أو لتأثيراتها السياسية”.
ووصف تاكنبرغ، ما يجري في غزة بأنه “عملية إبادة جماعية تجري على البث المباشر”.
وأكد وجود “أدلة كثيرة على أفعال إسرائيل وخطابات قادتها العسكريين والسياسيين، والتي تعكس نية الإبادة الجماعية بشكل غير مسبوق”.
وعن مستقبل الحملة ضد ألبانيز، قال تاكنبرغ: “أعرفها جيدا، وأخشى أحيانا على سلامتها الشخصية. لا أعتقد أن إسرائيل ومؤيديها سيتوقفون عن مضايقتها”.
– انتهاك صارخ للحرية الأكاديمية
من جهته، وصف إحسان عادل، مؤسس منظمة “القانون من أجل فلسطين”، إلغاء محاضرات ألبانيز في ألمانيا بأنه: “انتهاك صارخ للحرية الأكاديمية”.
وأضاف عادل: “فرانشيسكا ألبانيز، باحثة قانونية مرموقة ومعينة من قبل الأمم المتحدة، وما تعرضت له ليس استهدافا شخصيا فقط، بل يعد اعتداء على نزاهة النظام القانوني الدولي والحرية الأكاديمية”.
وقال: “ما نشهده هو حملة إسكات سياسية تهدف لقمع التحليلات القانونية التي تتحدى إفلات إسرائيل من العقاب، وقد سبقتها هجمات على المقررين السابقين مثل مايكل لينك، وريتشارد فولك، وعلى جميع من تولوا هذا المنصب”.
وأضاف أن تقارير ألبانيز “تكشف بالتفصيل طبيعة الهجمات الإسرائيلية على غزة التي تتعمد ارتكاب إبادة جماعية، ونظام الفصل العنصري المفروض على الفلسطينيين، وانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي”.
– القانوني الدولي تحت التهديد
وأشار عادل، إلى أن إحدى أهم النقاط التي تضمنتها تقارير ألبانيز هي “رفض اعتبار هجمات إسرائيل على غزة نوعا من الدفاع المشروع عن النفس”.
كما أكدت في تقاريرها أن “قتل أكثر من 20 ألف طفل لا يمكن تبريره كخسائر مدنية جانبية، ولا يمكن اعتبار السكان المدنيين جميعا دروعا بشرية، لأن ذلك يمثل تحريفا سافرا للقانون الدولي”.
ولفت عادل، إلى أن هذه التقارير “اتهمت دولا ثالثة (لم يذكرها) بدعم إسرائيل رغم التزاماتها القانونية بمنع الإبادة الجماعية، ما يجعلها شريكة في الجريمة”.
واختتم محذرا “إذا سمحنا للمصالح السياسية أن تحدد ما يمكن للخبراء القانونيين قوله، حتى لو كانت استنتاجاتهم قائمة على الأدلة والمعايير القانونية الدولية، فهذا يعني أننا نقف على أعتاب سابقة خطيرة”.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات