واشنطن/ مايكل هيرنانديز/ الأناضول
عند إنشائها الرصيف البحري “المؤقت في قطاع غزة، قالت الولايات المتحدة إنها تهدف لتكثيف عمليات تسليم المساعدات الإنسانية مع اشتداد الحاجة إليها في ظل استمرار الحرب والحصار الإسرائيليين لنحو 8 أشهر متتالية.
ولكن، بعد تكبد مئات الملايين من الدولارات وآلاف ساعات العمل من القيادة المركزية “سنتكوم”، ها هو الرصيف الذي ابتدعه الرئيس الأمريكي جو بايدن، يتجه إلى ميناء أسدود وسط إسرائيل، بعد سلسلة إخفاقات محرجة حالت دون تأديته دوره شرق البحر الأبيض المتوسط.
وفي الوقت نفسه، وعلى عكس المرجو، فمنذ إنشائه، انخفضت عمليات تسليم المساعدات لمحتاجيها في غزة، بدل أن تزداد.
وبحسب البنتاغون، فإن رصيف ترايدنت، الذي بلغت تكلفة إنشائه 320 مليون دولار، تعرض لأمواج عاتية في 25 مايو/ أيار الجاري، فتحررت 4 سفن دعم مهمتها تحقيق الاستقرار فيه، قبل أن تجنح السبت الماضي، على طول السواحل الشمالية لغزة وإسرائيل.
وبعد جنوحها، تم انتشال واحدة فقط، فيما تعتمد الولايات المتحدة على السلطات الإسرائيلية للمساعدة في جهود سحب السفن الثلاثة الأخرى.
وبعد أن أصبحت أخبار هذه الحوادث علنية، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن عمليات الرصيف ستُستأنف بعد إصلاح الرصيف وإعادة تثبيته بعد نحو أسبوع.
لكن ذلك تغير بحلول الثلاثاء، عندما بدأ تداول صور “الرصيف المؤقت” المدمّر على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ظهر غارقا في البحر.
وقال البنتاغون إن جزءًا من هيكل الرصيف انفصل عن الجزء الراسي، وسيتعين نقل الهيكل كاملا لإجراء إصلاحات من المقدر أن تستغرق أكثر من أسبوع، دون تقديم تصوّر لتكلفة الإصلاحات ولا جدول زمني محدد.
سحب الرصيف العائم الضخم إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، سيستغرق يومين، حيث ستجري القيادة المركزية الأمريكية جهود إعادة التأهيل.
المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، قالت، الثلاثاء في تصريحات صحفية: “أثبت الرصيف قيمته العالية في إيصال المساعدات إلى سكان غزة، وبالتالي، عند الانتهاء من إصلاحه وإعادة تجميعه، ننوي إعادة تثبيته على ساحل القطاع واستئناف إيصال المساعدات الإنسانية عبره.
ووفقًا لأرقام البنتاغون، استقبل الرصيف أكثر من 1000 طن متري من المساعدات منذ أن باشر عمله منتصف مايو الجاري، في حين استغرق بناء هيكله 23 يومًا، إلا أنه عمل أقل من أسبوعين قبل إعلان إعادة تفكيكه.
حساب مدة البناء المذكورة لا يشمل الأسابيع التي استغرقها الرصيف والسفن الداعمة له لعبور المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط بعد أن أعلن بايدن أن الولايات المتحدة ستتولى هذه الجهود خلال خطاب حالة الاتحاد في 7 مارس/ آذار الماضي، ليبدأ البناء في 25 أبريل/نيسان الذي تلاه.
* إخفاق لبايدن
كارثة تفكك الرصيف مثلت إخفاقا كبيرا لبايدن بينما يسعى لدرء الانتقادات الداخلية ومن المنظمات الإغاثية والحقوقية الدولية، كونه يدعم الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، ويتواطأ في “المجاعة الشاملة” الناتجة عن الحصار المشدد، وفق تصنيف الأمم المتحدة.
وفي محاولة سابقة لتوصيل المساعدات، نفذت الولايات المتحدة إنزالات جوية للمساعدات فوق غزة، وهو ما وصفه خبراء بأنه جهد ينطوي على تكاليف أكبر بكثير من تكاليف النقل برًّا، وبكميات أقل بكثير.
ولم تقرّ إدارة بايدن، بأن هذه الحلول، غير المجدية، لم تكن ضرورية على الإطلاق، لولا إصرار إسرائيل على رفض زيادة عبور المساعدات الدولية إلى مستويات تلبّي احتياجات المدنيين وتعالج سوء التغذية في غزة، إذ لا تزال مستوياتها أقل حتى مما قبل الحرب خلال الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 17 عامًا على القطاع.
جيفري أرونسون، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط البحثي ومقره واشنطن، قال للأناضول: “هذا مبلغ باهظ لخلق صورة رمزية، لاهتمام والتزام الولايات المتحدة، بدلاً من معالجة المشكلة الحقيقية فعليًا، التي فشلت في القيام بها حتى اليوم”، في إشارة إلى رفض إسرائيل زيادة إيصال المساعدات.
وأضاف: “إنهم (أهالي غزة) يواجهون هذه المشكلة (المجاعة) لأن الأمريكيين متواطئون إما بشكل مباشر أو عكسي في سياسة إسرائيلية تهدف إلى إبقاء الفلسطينيين بغزة في مجاعة، هذا ليس موقفا مناسبا، أنا متأكد من أنهم يفهمون ذلك”.
ولم يؤد الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، إلا إلى تفاقم الوضع، حيث اضطرت الأمم المتحدة إلى وقف توصيل المواد الغذائية إلى جنوب مدينة غزة بسبب مخاوف أمنية على موظفيها الذين كانوا سيعملون في “المنطقة الآمنة” التي تم تحديدها من قبل، والتي مثل الكثير من قبلها، حولتها إسرائيل إلى منطقة أعمال عدائية نشطة.
ويرجع الانخفاض في مستويات المساعدات منذ إنشاء الرصيف جزئيًا إلى الغزو الإسرائيلي لرفح وإغلاق معابر المساعدات البرية.
وفي 23 مايو الجاري، قال دانيال ديكهاوس، مدير فريق إدارة الاستجابة في المشرق العربي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، للصحفيين: “أعتقد أننا أُبلغنا من قبل أن حجم المساعدات التي تم الحصول عليها بقطاع غزة كان أعلى في أبريل/ نيسان مما هو عليه الآن”.
وأشار ديكهاوس، إلى أنه “في الوقت الذي زادت فيه الاحتياجات نتيجة النزوح في رفح، انخفض حجم المساعدات وإمكانية الوصول إلى الأشخاص البالغ عددهم 900 ألف شخص”.
“وفيما يتعلق بالتأثيرات الأخرى للأنشطة العسكرية الأخيرة في غزة، كما تعلمون، وكما هو منطقي أثناء الأنشطة العسكرية، فإن وصول المساعدات وفرق الإغاثة يكون صعباً، حيث يكون هناك مناطق أقل أمانًا من مناطق أخرى”، حسب ديكهاوس.
وأشار إلى التهجير القسري للفلسطينيين الذين فروا من رفح بموجب أوامر الإخلاء الإسرائيلية فيما أسماه “الذعر المرتبط”.
ومع استمرار حرب غزة، ووجود رفح في مرمى النيران، فإن الاحتياجات الإنسانية في غزة، التي بلغت مستويات كارثية بالفعل، من المرجح أن تتضاعف.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات