الرباط/ الأناضول
رشيدة الدمناتي للأناضول:
– كنت أود سماع صوت والدَيّ، ومازلت تحت تأثير الصدمة
– صورة أبي وأمي عالقة في ذهني، لأن منظرهما بعد إخراجهما من تحت الأنقاض لا يوصف
– مع بداية العام الدراسي خصص المعلمون حصصا لمواكبة الحالة النفسية للأطفال المتضررين
تجلس رشيدة الدمناتي فوق جبل صغير بقرية تامسولت في إقليم تارودانت وسط المغرب، لتراقب منزلها الذي دمره الزلزال، لكنه عجز عن تدمير ذكرياتها رفقة الأسرة.
في رمشة عين، انقلبت موازين الحياة لدى رشيدة، إذ فقدت والديها ووجدت نفسها بين أحضان جدها وجدتها، وسط خيمة تسلمتها من قبل السلطات، وأخت صغيرة ترقد بالمستشفى.
في 8 سبتمبر / أيلول 2023، ضرب الزلزال الذي وصف بأنه “الأعنف منذ قرن”، مدنا مغربية منها العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس (شمال) ومراكش وأغادير وتارودانت (وسط)، مخلفا 2960 وفاة و6125 إصابة، إضافة إلى دمار مادي كبير، وفقا لأحدث بيانات وزارة الداخلية.
رشيدة البالغة من العمر 17 عاما، أوقف الزلزال حلمها في الدراسة، وهي مقبلة على سنتها الأولى في سلك الثانوي، بمنطقة تيزي نتاست بإقليم تارودانت.
تقول رشيدة للأناضول: “قبل حدوث الزلزال كانت الحياة تمشي كما اعتدنا عليها، إذ جلسنا ملتفين على مائدة العشاء بعدما عاد أبي من المسجد”.
وتابعت: “بعد ذلك قمت بمساعدة أمي في أشغال البيت، ثم ذهبت من أجل الخلود إلى النوم”.
ما هي إلا لحظات لتجد رشيدة نفسها تختنق بغبار الجبس بعد وقوع الزلزال، حيث تقول: “تحت وقع الصدمة، اجتهدت في إنقاذ جدتي وإخراجها من الغرفة، واتجهت مهرولة إلى غرفة والدَيّ”.
انقبض صوت رشيدة وهي تحكي عن مناداتها لوالديها، “كنت أود سماع صوتهما فقط، لكن بدون جدوى، لا يمكنني وصف شعوري في تلك اللحظة، ومازلت تحت تأثير الصدمة”.
غرقت عيناها بالدموع وهي تقول متذكرة المشهد الأليم: “أخرجوهما في حالة يرثى لها، صورة أمي وأبي بقيت عالقة بذهني، فالمنظر لا يوصف”.
وبلسان يردد الحمد والشكر، تقول رشيدة “هذا قدر ربي، رغم بكائنا ومناداتنا لم نتمكن من إرجاعهم، فهذا قدر الله”.
وأفادت: “تلقينا المساعدات من الوقاية المدنية كالخيم والأغطية والمواد الغذائية، أما بالنسبة للدعم النفسي لم نتلق أي شيء بعد”.
رشيدة ليست الوحيدة التي فقدت عائلتها، فبؤرة الزلزال وحدت قصص الكثيرين عن الفقد والمأساة، رغم تباعد المسافات بين القرى، فيما يظل الناجون متمسكين ببصيص من الأمل.
** مكفولو الأمة
وفي 14 سبتمبر 2023، وبعد جلسة عمل ترأسها الملك محمد السادس، أوصى “بالتكفل الفوري بالأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأضحوا بدون موارد، وأعطى أوامره بإحصاء هؤلاء الأطفال ومنحهم صفة مكفولي الأمة”، وفق بيان الديوان الملكي.
وأوضح البيان أنه “بهدف انتشال اليتامى من هذه المحنة وحمايتهم من جميع المخاطر والهشاشة التي قد يتعرضون لها، أعطى الملك أوامره للحكومة من أجل اعتماد المصادقة على مشروع القانون اللازم لهذا الغرض، وذلك في أقرب الآجال”.
ويقصد بمكفولي الأمة أبناء العسكريين والأمنيين الذين فقدوا آباءهم أو أحد الأبوين، وستتيح هذه الصفة ليتامى الزلزال، الاستفادة من منح مالية شهرية وامتيازات اجتماعية أخرى.
رشيدة ستدخل ضمن هذه الفئة، وستستفيد مع بقية المكفولين من المنح المالية الشهرية والامتيازات التي شملها قرار العاهل المغربي.
** مواكبة نفسية
عاين مراسل الأناضول جهود جمعيات مغربية غير حكومية لفائدة الأطفال المنحدرين من مناطق الزلزال.
كما خصص المعلمون الحصص الأولى خلال استئناف الدراسة (في 18 سبتمبر الماضي) بهذه المناطق، لفائدة المواكبة النفسية للأطفال.
وفي 28 سبتمبر الماضي، أجرت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، زيارة إلى قرية “مولاي إبراهيم” بإقليم الحوز (وسط)، للوقوف على تقديم مختلف عمليات المساعدة الاجتماعية والدعم النفسي، المقدمة للمتضررين من الزلزال.
وبحسب وكالة المغرب الرسمية، زارت الوزيرة والوفد المرافق لها وحدة المساعدة الاجتماعية المتنقلة، وهي فضاء تتوفر فيه عدة خدمات تقدمها الوزارة الوصية والتعاون الوطني (حكومي) والمعهد الوطني للعمل الاجتماعي (حكومي)، بهدف تقديم المساعدة الاجتماعية والدعم النفسي للأشخاص المتضررين من الزلزال، لا سيما النساء والأطفال.
ويتعلق الأمر أيضا بضمان تعبئة كل الموارد البشرية واللوجيستية، ولا سيما تعبئة 60 من كوادر الدعم النفسي بالحوز، و158 بباقي الأقاليم المتضررة، و75 متخصصا في علم النفس، فضلا عن ملحقين اجتماعيين متطوعين بالحوز، وأكثر من 210 في الأقاليم المتضررة الأخرى بالإضافة إلى 45 شاحنة مجهزة بالاحتياجات الضرورية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات