بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول
أجمع خبير عسكري ومحلل سياسي على أهمية التنسيق بين بيروت ودمشق من أجل منع عودة المواجهات بين الجيش السوري ومسلحين لبنانيين على الحدود بين البلدين.
يأتي ذلك بعد تصعيد خطير على الحدود اللبنانية السورية منتصف آذار/مارس الجاري حين دخل مسلحون إلى الأراضي السورية واختطفوا 3 جنود قبل أن يعدموهم.
وبينما اتهمت السلطات السورية الجديدة “حزب الله” اللبناني بالوقوف وراء الحادثة، نفي الأخير ذلك.
وبعد أيام من الاشتباكات وتبادل إطلاق النار بين الجيش السوري ومسلحين لبنانيين أعلن وزيرا دفاع السوري مرهف أبو قصرة واللبناني ميشال منسي أنهما اتفقا على وقف إطلاق النار ومنع التوترات على الحدود عقب اتصال هاتفي في 17 مارس.
فيما أكدت دمشق أن أي خرق من “حزب الله” للاتفاق سيواجه برد “حازم ومباشر”.
** المواجهات ستتكرر إذن لم يتم التنسيق بين البلدين
والخبير الاستراتيجي والعسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب، رأى أن الأحداث التي وقعت على الحدود السورية شرق لبنان كانت حالة فردية، لكنها تطورت بسبب ظروف المنطقة.
وأشار “ملاعب” في حديثه للأناضول إلى أنه عمل في منطقة البقاع (شرق لبنان) خلال خدمته العسكرية وأنه يعرف المنطقة جيداً.
ولفت إلى أنه “في ظل غياب التنسيق العسكري والسياسي بين لبنان وسوريا، فمن المرجح أن تندلع المواجهات من جديد”.
وأوضح أن 3 عسكريين سوريين اختطفوا وقتلوا بعد خلاف بين مزارع لبناني يملك مزرعة على نهر العاصي يقع نصفها داخل لبنان والنصف الآخر بسوريا، ومن هنا بدأت الأحداث على الحدود.
** أسلحة “حزب الله” تقلق الحكومة السورية
وفيما يتعلق ببلدة القصر في محافظة بعلبك الهرمل (شرق لبنان) ومناطق أخرى على الحدود، والتي تعتبر نقطة وصل بين محافظة البقاع وبعلبك الهرمل بمحافظتي عكار والشمال، أشار ملاعب إلى أن إسرائيل نفذت سابقاً العديد من الغارات في تلك المنطقة.
ولفت إلى أن المنطقةٌ “يمتلك فيها حزب الله عددًا كبيرًا من مستودعات الأسلحة والذخيرة استُخدمت في سوريا عندما كان الحزب يدعم نظام بشار الأسد سابقا، أما الان فيشعر النظام الجديد في دمشق بالقلق أيضًا من استخدام هذه الأسلحة في سوريا مستقبلًا”.
وأكد أن الأحداث تطورت أيضًا بعد أحداث الساحل السوري مؤخرا “حيث كانت الإدارة المدنية والعسكرية بسوريا صبورة للغاية ومنحت العديد من الفرص للذين يخدمون في الجيش (النظام المخلوع) لذلك كان هناك نهج جيد تجاه المنطقة الساحلية في سوريا”.
ووفق الخبير فقد “حرضت فلول النظام السوري المخلوع المواطنين في منطقة الساحل ضد قوات الأمن السورية، وسيطرت لاحقاً على ثكنة جبلة وقتلت عناصر الأمن”.
وفي 6 مارس الجاري، شهدت منطقة الساحل السوري توترا أمنيا على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أوقع قتلى وجرحى.
وأشار ملاعب إلى أن “إدارة دمشق ترى أن الأحداث في الساحل لم تكن مفاجئة وجرى الاستعداد لها بدعم خارجي لفلول النظام”.
وقال إن بعض العسكريين من النظام السابق فروا من سوريا ولجأوا إلى مناطق حزب الله في لبنان منذ سيطرت الإدارة الجديدة على دمشق.
وارتبط “حزب الله” بعلاقات قوية مع نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، الذي حكم لمدة 24 عاما بين عامي 2000 و2024.
** المنطقة العازلة مهمة لاستقرار الحدود
من جهته حمّل المحلل السياسي طوني بولس “حزب الله” مسؤولية الأحداث على الحدود، قائلاً: “حزب الله أزال في السابق الحدود بين لبنان وسوريا، تماماً كما أزال الحدود بين سوريا والعراق”.
ورأى بولس في حديث للأناضول أن “حزب الله” يحاول تحويل لبنان، وكذلك سوريا والعراق، إلى ممر لإيران، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن اليوم، “تغيّر الوضع والاستراتيجية وستعود سوريا الجديدة لتفرض سيادتها على حدودها وهو حقٌّ مشروع، وكذلك لبنان أيضًا يجب ضمان سيادته على حدوده”.
وأشار بولس إلى أن سوريا بدأت باتخاذ خطوات لحماية حدودها، لكن “حزب الله” يحاول الحفاظ على وجوده على الحدود من خلال العشائر في المنطقة.
وذكر أنه “يمكن للدولة السورية أن تطلب منطقة عازلة بعمق 10-15 كيلومتراً من الدولة اللبنانية على الحدود، وتدفع حزب الله بعيداً عن حدودها”.
وأكد المحلل السياسي على أهمية التنسيق العسكري بين البلدين لمنع المواجهات من جديد على الحدود.
وقال إنه لضمان الاستقرار على الحدود لا بد أن تكون المنطقة منزوعة السلاح، بحيث تكون وحدات من الجيش على الجانب اللبناني والسوري على الجانب الآخر.
يذكر أنه بعد إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أطلقت السلطات السورية الجديدة مبادرة لتسوية أوضاع عناصر النظام السابق، من الجيش والأجهزة الأمنية، شريطة تسليم أسلحتهم وعدم تلطخ أيديهم بالدم.
واستجاب عشرات الآلاف لهذه المبادرة، بينما رفضتها بعض المجموعات المسلحة من فلول النظام، لا سيما في الساحل السوري، حيث كان يتمركز كبار ضباط نظام الأسد.
ومع مرور الوقت، اختارت هذه المجموعات الفرار إلى المناطق الجبلية، وبدأت بإثارة التوتر، وزعزعة الاستقرار، وشن هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية.
والخميس اتفق وزيرا الدفاع السوري واللبناني خلال لقائما في السعودية، على الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود، والتنسيق للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية.
ووقع الوزيران خلال الاجتماع اتفاقا أكدا فيه الأهمية الإستراتيجية لترسيم الحدود، وتشكيل لجان قانونية متخصصة بينهما بعدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات