غزة/ حسني نديم/ الأناضول
– ختام الأشقر ترى منزلها المدمر بغزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم
– تقف السيدة عاجزة عن الوصول لأطلال المنزل حيث يقف الرصاص الإسرائيلي حائلا
– السيدة الفلسطينية تغمرها الصدمة والحسرة على ما فقدته من حياة وذكريات
بخطوات متثاقلة وبمشاعر من الحسرة والألم، تراقب الفلسطينية ختام الأشقر أطلال منزلها الذي كان شامخا يوما ما، قبل حرب الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل طول أكثر من 15 شهرا.
تقف الأشقر على بعد مئات الأمتار من ركام منزلها المدمر بمنطقة جحر الديك شرق قطاع غزة، عاجزة عن الوصول إليه بسبب إطلاق النار من الجنود الإسرائيليين المتمركزين خلف تلة رملية قريبة من الحدود الشرقية للقطاع.
تقف الأشقر بعيدا، تنظر بنظرات غارقة في الذهول، وكأنها تحاول أن تقنع نفسها بأن هذه الأنقاض التي تراها كانت يوما ما وطنا وحياة.
** حاجز رصاص
تقول لمراسل الأناضول: “جئت لأتفقد منزلي في بلدة جحر الديك القريب من المنطقة الحدودية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة ومحور نتساريم، لكني لست قادرة على الوصول إليه بسبب إطلاق النار”.
وتضيف وهي تشير بأصابعها المرتجفة إلى كومة الركام التي كانت بيتها ذات يوم: “صحيح انسحب الجيش الإسرائيلي، لكنه يمنعنا من أن نصل للمنطقة القريبة من الحدود”.
وصباح الأحد، انسحبت الآليات العسكرية الإسرائيلية، من محور نتساريم الذي أقامه الجيش الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية وسط غزة ويفصل شمالي القطاع عن جنوبه، بعد أكثر من عام وثلاثة أشهر على احتلاله.
لكن القوات الإسرائيلية بقيت في المنطقة العازلة التي أقامتها بعرض نحو 700 متر بمحاذاة الحدود الشرقية والشمالية للقطاع إضافة لمحور فيلادلفيا على الحدود بين غزة مصر.
“حالتنا النفسية صارت مثل الرماد”، تهمس وكأنها تحدث نفسها، تناظر بقايا حجارة، تتأكد من أن ما تراه حقيقة وليس كابوسا طويلا.
المنطقة التي تعرفها جيدا حيث جيرانها وأهلها لم تعد كما كانت، لم تعد هناك حياة، فقط أنقاض لمنازل سُوّيت بالأرض، وأتربة تملأ الأفق، وأصوات انفجارات خلّفت صمتا ثقيلا.
تقف ختام وسط بحر من الخراب، تلتفت حولها بقلب مثقل، تتنفس غبار الذكريات، ثم تهبط بجسدها المُنهك على تلة من الركام، حيث كان يطل فناء منزلها ذات يوم، ليجتاحها موج عارم من الصدمة والحسرة.
ابنها الذي رافقها في هذه الرحلة الثقيلة، يقف بجوارها، ينظر إلى المنزل المهدم كما لو أنه يحاول إعادة بنائه في ذاكرته.
ويقول بصوت متقطع: “شعوري مختلط بين الحزن والفرحة.. أشعر بالفرح لأنني تمكنت من الوصول إلى منطقتنا، بيد أني لست قادرا على الوصول إلى بيتنا المدمر”.
ويضيف لمراسل الأناضول: “لا يوجد حياة في المنطقة، أي شخص يحاول الاقتراب، تتصيده نيران الجيش الاسرائيلي، فإما مصاب أو شهيد”.
يحبس أنفاسه للحظات، ينظر إلى والدته، يبحث عن كلمات تسعف وجعه، لكنها تقاطعه، وكأنها لم تعد قادرة على كتمان الألم أكثر: “لا كلمات تصف ما حدث.. سنوات طويلة ونحن نبني بيوتنا، وفي ثوان راحت (دُمّرت)”.
منذ ساعات الصباح الباكر، كانت ختام تعلم أنها ستأتي، لم يكن بإمكانها الانتظار أكثر، وتقول: “ابني الكبير سبقني إلى هنا، لكن لا أعرف أين ذهب، وهل وصل أم لا”.
الانسحاب من نتساريم
جاءت عملية الانسحاب الإسرائيلي من محور نتساريم في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بغزة، التي تتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من محور نتساريم الواقع وسط القطاع.
ومع ذلك، قتل 3 فلسطينيين، الأحد، في إطلاق نار من الجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات