إسطنبول/ عرفان قايا أولغر/ الأناضول
* نشأ التوتر الأخير بين البلدين إثر تشريعات أقرّتها كوسوفو في يوليو الماضي منحت بموجبها الأقلية الصربية بطاقات هوية ورخص قيادة ولوحات ترخيص.
* يكمن أساس التوتر في مزاعم القوميين الصرب المتأثرين بسياسة بلغراد الخارجية القائمة على اعتبار كوسوفو موطن الصرب.
* تحت ضغط الاتحاد الأوروبي، بدأ الحوار بين بلغراد وبريشتينا عام 2011.
* الوساطة التركية بين صربيا وكوسوفو منذ عام 2008، لها تأثير كبير على تخفيف التوتر بين البلدين.
كوسوفو، التي يمثل الألبان غالبية سكانها، انفصلت عن صربيا عام 1999 وأعلنت استقلالها عنها عام 2008، لكن بلغراد ما زالت تعتبرها جزءًا من أراضيها وتدعم أقلية صربية فيها، ما شكّل خامةً للتوتر والصراع بين الجانبين تطفو أو تخبو بين حين وآخر، تبعًا للمستجدات.
في 10 ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، بدأت مجموعات من الأقلية الصربية شمالي كوسوفو بإقامة حواجز بواسطة شاحنات، احتجاجًا على توقيف السلطات في كوسوفو أحد رجال الأمن السابقين من أصول صربية، الأمر الذي وتّر الأجواء بين البلدين.
ومؤخراً، بدأت كوسوفو نشر المزيد من وحدات الشرطة شمالي البلاد، بعد يومين من سماع دوي انفجارات وصفّارات إنذار في المدن الواقعة شمالي كوسوفو، قبيل انتخابات مبكرة كانت مقررة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022 في 4 بلديات، قبل الإعلان عن تأجيلها.
السلطات الصربية انتقدت خطوة كوسوفو واعتبرتها “محاولة لغزو مناطق شمالي البلاد” التي يقطنها صرب كوسوفو.
واعتبارًا من ليلة 27 ديسمبر/ كانون الأول 2022، أمر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، الجيش والشرطة برفع مستوى الجاهزية إلى حالة التأهب القصوى.
1- كيف نشأ التوتر الأخير؟
نشأ التوتر الأخير بين صربيا وكوسوفو إثر تشريعات أقرّتها حكومة كوسوفو منحت بموجبها الصرب في البلاد بطاقات هوية رسمية ورخص قيادة ولوحات ترخيص، الأمر الذي عارضه الصرب المحليّون ذوو الغالبية في منطقة ميتروفيتشا، بتشجيع من صربيا.
وبعد احتجاج الصرب المحليين من خلال إقامة الحواجز، واستقالة 4 رؤساء بلديات صرب من مناصبهم احتجاجًا على القرار، أجّلت كوسوفو تنفيذ الترتيبات القانونية التي اتخذها رئيس الوزراء الكوسوفي ألبين كورتي في يوليو/تموز 2022 إلى نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت.
وبينما واجه كورتي استفزازات الصرب المحليين بضبط النفس، حاول الرئيس الصربي استفزاز صرب كوسوفو، فاقترح إرسال ألف شرطي لحمايتهم وضمان الأمن في منطقة ميتروفيتشا ذات الغالبية الصربية في كوسوفو، كما ادعى بأن دولة كوسوفو غير موجودة وهي جزء من صربيا بموجب القانون الدولي.
من جهة أخرى، دعا كورتي المجتمع الدولي إلى منع صربيا من التدخل في شؤون كوسوفو الداخلية، وأرجأ الانتخابات المقررة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022 في 4 مناطق ذات أغلبية صربية بكوسوفو إلى أبريل/نيسان 2023 من أجل خفض التوتر.
وفي اليوم الأخير من العام الماضي، رُفعت الحواجز التي أقامها صرب كوسوفو على الطرق والمعابر الحدودية ضد الحكومة المركزية في كوسوفو، بتدخل من الوسطاء.
2- ما هو أساس التوتر؟
يكمن أساس التوتر بين البلدين في مزاعم القوميين الصرب المتأثرين بالسياسة الخارجية لبلغراد القائمة على اعتبار كوسوفو موطن الصرب، حيث دمّرت مملكة صربيا في العصور الوسطى في معركة عام 1389 خلال عهد السلطان العثماني مراد الأول.
وفي يوغوسلافيا الثانية التي أسسها جوزيف بروز تيتو عام 1946، كانت كوسوفو منطقة حكم ذاتي في ظل صربيا، وفي عام 1989 قام رئيس دولة صربيا الفيدرالية سلوبودان ميلوشيفيتش بإنهاء وضع الحكم الذاتي لكل من كوسوفو وفويفودينا.
حلف شمال الأطلسي “ناتو” تدخّل ضد عمليات التطهير العرقي في كوسوفو عام 1999، كما أنشئت إدارة مؤقتة في ظل الأمم المتحدة.
وبدعم من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والاتحاد الأوروبي ومنظمات مجلس أمن أوروبا، ظلّت كوسوفو تحت إدارة المجتمع الدولي حتى عام 2008.
وفي 17 فبراير/شباط 2008، أُعلن استقلال كوسوفو على أساس خطة أهتيساري، التي بموجبها لن يتمّ توحيد كوسوفو المستقلة مع دولة أخرى ولن يتم تقسيمها.
إلا أن الحكومة الصربية لم تعترف باستقلال كوسوفو، وتحت ضغط الاتحاد الأوروبي، بدأ الحوار بين بلغراد وبريشتينا عام 2011.
وبعد سنوات، بدأت مفاوضات الانضمام بين صربيا والاتحاد الأوروبي في عام 2014، ومع ذلك لم تتنازل صربيا عن مطالبها بشأن كوسوفو.
3- كيف يمكن إنهاء التوتر؟
لا توجد صيغة “معجزة” لحلّ فوري للصراع بين كوسوفو وصربيا وتطبيع العلاقات بينهما، إلا أنه من الأولويات وضع فكرة القومية الصربية التوسعية والهيمنة تحت السيطرة، لأنها تؤثر على المجتمع الصربي الذي تثيره روسيا لتحقيق هدف “صربيا الكبرى” من خلال ضم مناطق صربية في البوسنة والهرسك وكوسوفو وكرواتيا.
وجهة النظر هذه تؤثر أيضًا على السياسة الصربية اليوم، فمعارضو فوتشيتش يتهمونه بعدم الاهتمام بالقضية الصربية، ما يدفعه للإدلاء بتصريحات تنكر وجود كوسوفو مرة وتعترف بها ضمنيًا مرة أخرى.
ولا بد من الإشارة إلى أن بدء صربيا بمفاوضات الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبي عام 2014، يمنع بلغراد من دعم النهج التوسّعي تجاه الصرب في كوسوفو والبوسنة والهرسك.
تدرك صربيا أن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي قد يكون عاملاً له تأثير على حلّ النزاع مع كوسوفو في السنوات المقبلة، كما أن نقل علاقات كوسوفو مع الاتحاد الأوروبي إلى مرحلة الترشيح والمفاوضات حول طلبها بتاريخ 23 ديسمبر/ كانون الأول 2022، سيخفف من التوتر أيضًا.
أما موقف تركيا التصالحي ودورها بالوساطة بين صربيا وكوسوفو منذ عام 2008، فله تأثير كبير على تخفيف التوتر بين البلدين.
في حين أن تمركز وحدات الأمن التابعة للمجتمع الدولي في ميتروفيتشا والمنطقة، يعيق الموقف العدواني للقوميين الصرب المتعصّبين، حيث يعمل في كوسوفو اليوم 134 من قوات الشرطة و3 آلاف و500 من قوات حفظ السلام التابعة لحلف الناتو.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات