إسطنبول / الأناضول
– جدول أعمال القمة التي انعقدت في جوهانسبرغ تضمن 3 عناصر رئيسة
– العنصر الأول يتمثل في توسيع دائرة مجموعة “بريكس”
– الثاني كسر هيمنة الدولار في مدفوعات التجارة بين الدول الأعضاء
– الثالث تقوية نظام دولي ناشئ لكسر هيمنة النظام العالمي الغربي
أسدل الستار يوم الجمعة الماضي عن اجتماعات النسخة الـ 15 لمجموعة “بريكس”، والتي استضافتها جنوب إفريقيا في الفترة بين 22-24 أغسطس/آب الجاري.
قبل انعقاد القمة كانت النقاشات تدور عن أجندة تتضمن 3 عناصر رئيسة: توسيع دائرة بريكس، وكسر هيمنة الدولار في مدفوعات التجارة بين الدول الأعضاء، وتقوية نظام دولي ناشئ لكسر هيمنة النظام العالمي الغربي.
ورغم الانقسامات بين أعضاء “بريكس” حول القضايا الجيوسياسية، لكن هناك إجماع ناشئ على أن النظام الدولي لا يعمل وفق تطلعات دول الجنوب، وأن هناك حاجة إلى نظام جديد.
كانت قمة بريكس الأخيرة، ملحوظة على ثلاثة مستويات؛ أولاً، اكتسب التجمع زخماً جديداً كبيراً مع دعوة ستة أعضاء جدد، وهم الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران، والسعودية والإمارات.
هنا، حققت المجموعة أحد أبرز النقاط على جدول أعمالها، ولكن حتى الآن لا يبدو أن جميع الدول المدعوة للعضوية قد وافقت فعلاً على الانضمام، فالسعودية على سبيل المثال، قالت إنها ستنظر في مسألة دعوتها.
في تقرير له، السبت، قال المعهد الأمريكي لأبحاث السلام (خاص) في دراسة تحليلية، إن قمة بريكس حققت أهدافها، لكنها تجهل تبعات هذه الأهداف على مستقبل التكتل، خاصة المتعلق بتوسيع العضوية وتشتت الموافق الجيوسياسية بين الأعضاء.
زخم جديد.. ولكن
يدفع هذا التوسع “بريكس” أبعد عن منطقتها الأصلية كمجموعة من الاقتصادات الناشئة الكبرى، ويبني على الاهتمام الحديث بالجنوب العالمي، باعتباره كتلة متماسكة محتملة في الشؤون الدولية.
لكن المجموعة أضافت تنوعا جغرافيا واقتصاديا وأيديولوجيا قد يجعلها أكثر انقساما؛ خاصة وأن لكل عضو مصالحه الخاصة مع الغرب، بينما أعضاء آخرون كالصين وروسيا، يتطلعون لكسر هيمنة الغرب، وتعزيز الصدام معه.
الصين وروسيا تنظران إلى “بريكس” كوسيلة ضغط من أجل رؤية عالمية بديلة للنظام عبر الأطلسي، لكن الهند والبرازيل مهتمتان أكثر بنسخة محدثة من عدم الانحياز.
الهند والبرازيل لا ترغبان في الانحياز إلى أي طرف في منافسة جديدة مع الغرب.
وباستثناء إيران، فإن أغلب الأعضاء الجدد المحتملين لن يكون لديهم مصلحة في إضعاف علاقاتهم الاقتصادية والأمنية مع الشركاء الغربيين الرئيسيين.
إنهاء الدولرة
ورغم عدم إدراجها رسميا على جدول أعمال القمة، إلا أن “إزالة الدولرة” مثلت قضية ذات أولوية بالنسبة للعديد من دول بريكس وعشرات الدول الأخرى الحاضرة.
الزعيم الأبرز الذي شدد على إنهاء هيمنة الدولار خلال أعمال القمة، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكثر المتضررين عالميا من هذه الهيمنة، خاصة بعد الحرب على أوكرانيا.
روسيا، ممنوعة منذ عام ونصف من الولوج لنظام التحويلات العالمية “سويفت”، وسط قيود غربية على دخول الدولار كعملة مدفوعات بروسيا، وبالتالي تقويض جهودها في دفع مستحقاتها للخارج بالعملة الأمريكية.
وفي مناسبتين خلال القمة، قال بوتين، إن “التخلي عن الدولار كعملة عالمية عملية لا رجعة فيها”، وأضاف أن دول بريكس تناقش الانتقال للتعامل بالعملات المحلية في جميع مجالات التعاون الاقتصادي فيما بينها.
بعض الدول الأعضاء اقترحوا أن تنشئ مجموعة “بريكس” عملتها الخاصة للحد من الاعتماد على الدولار الأمريكي، لكن معظم المراقبين يرون أن ذلك غير قابل للتطبيق.
الأمر الأكثر ترجيحا هو ما تمت مناقشته خلال القمة، وهو أن يواصلوا اتجاه التداول بعملاتهم المحلية بدلاً من استخدام الدولار الأمريكي.
ويقرض بنك “بريكس” بالفعل باليوان الصيني، وأعلن الأسبوع الماضي، أنه سيفعل ذلك أيضا بعملتي جنوب إفريقيا والبرازيل لتوفير هذه العملات في مدفوعات التجارة.
نظام عالمي جديد
وفي سياق الصراع “ضد الهيمنة” الذي يتحدث عنه الرئيس الصيني شي جينبينج علنا، تلعب مجموعة “بريكس” دورا متزايد الأهمية لتدشين نظام عالمي جديد.
قد يكون هذا الأمر، أحد أكثر القضايا نقاشا سواء من جانب الصين وروسيا، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
إلا أنه ليس كذلك بالنسبة لاقتصادات أخرى كالبرازيل، وغالبية الأعضاء المدعوين، كالسعودية والإمارات ومصر، والذين لديهم مصالحهم وتحالفاتهم القوية مع الغرب.
يعي الأعضاء المدعوون أن اختيارهم لم يكن محض صدفة للانضمام، فلكل بلد أهمية تصب في صالح تدشين نظام عالمي جديد.. لكن السؤال الأبرز، هل الأعضاء الحاليون والجدد يحملون هذا الهدف بنفس العزم؟
بالنسبة لبكين، لا يتعلق هذا التحول فقط بالشرعية والقيادة في العالم النامي؛ ويتعلق الأمر جزئياً بحشد تحالف يرفض الزعامة الغربية والأمريكية في النظام الدولي، خطابياً وعملياً، وحشد الموارد المالية والدبلوماسية خلفه.
ويتعلق الأمر جزئيا كذلك، ببناء إطار اقتصادي وأمني عالمي للمصالح الصينية يتسم بالمرونة في سياق مجموعة العلاقات المتضاربة مع مجموعة السبع التي تتوقعها بكين.
لكن دولاً كالبرازيل والهند والسعودية والإمارات ومصر تبحث عن تقوية اقتصاداتها بعيدا عن أي صدام مع الغرب وبالتحديد مع مجموعة السبع، لأن ذلك يعني أنها قد تدفع فاتورة باهظة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات