غزة/ حسني نديم/ الأناضول
– تعاني الشقيقتان ديما وريما عقل من إصابات بحروق عميقة وكسور شديدة إثر قصف منزلهما في 12 يوليو الماضي
– أسفر القصف أيضا عن إصابة 9 أفراد من عائلتهما بحروق من الدرجة الثالثة فقد 6 منهم الحياة
– تواجه الطفلتان تحديات كبيرة بسبب نقص العلاج اللازم لا سيما المخصص للحروق
– تتمنى الطفلتان السفر للخارج لاستكمال العلاج كما تحلمان بأبسط الحقوق التي غيبتها الحرب
ما تزال الطفلتان الشقيقتان ديما وريما عقل، تعيشان صدمة مقتل 6 من أفراد عائلتهما جراء إصابتهم بحروق من الدرجة الثالثة بقصف إسرائيلي استهدف منزلهم في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
لم تنجُ ديما وريما (12-15 عاما) تماما جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلهما في 12 يوليو/ تموز الماضي، إذ أصيبتا أيضا بحروق وجروح وكسور شديدة، تتلقيان على إثرها العلاج داخل قسم الحروق بمستشفى شهداء الأقصى الحكومي في مدينة دير البلح (وسط).
وفي ذلك اليوم، الذي تصفه الشقيقتان بـ”الصعب”، سقط صاروخ إسرائيلي على منزل عائلة عقل، ما أدى لإصابة 9 من أفرادها بحروق بالغة قالت مصادر طبية إنها من الدرجة الثالثة تراوحت نسبتها بين 65 بالمئة و80 بالمئة.
وجراء نقص العلاج اللازم، فقدت العائلة 6 من أفرادها بشكل تدريجي خلال 10 أيام، بينما تكافح الشقيقتان للبقاء على قيد الحياة وسط ظروف صحية قاسية ومأساوية.
البداية تحت الركام
دون سابق إنذار، استهدف الجيش الإسرائيلي منزل عقل في تلك الليلة ما تسبب بتحطيم حياة الناجين في لحظة واحدة، كما قالت الطفلة ديما للأناضول.
وتابعت: “بينما كنت أتوضأ للصلاة في تلك الليلة، سمعت صوت صاروخ قادم”، دون أن تعرف الطفلة أنه يستهدف منزلها.
لم تمض ثوان معدودة، حتى وجدت الطفلة نفسها تحت ركام منزلها، تتنفس بصعوبة بالغة، ولا تقوى على الحركة أو الصراخ لطلب النجدة.
وتضيف وهي مستلقية على سرير المستشفى تتلقى العلاج: “في أجزاء من الثانية، كنت أقف على قدماي وفجأة أصبحت ملقاة على الأرض تحت الركام، لا أستطيع التنفس أو الصراخ أو الحركة ولا أستطيع سماع أي شيء، وكنت أشعر بألم شديد جدا، بينما كنت أنتظر المساعدة”.
بعد محاولات مضنية، نجحت الطفلة أخيرا بإزاحة بعض الركام عن وجهها وأخذ نفس عميق وطويل لتعويض نقص الأكسجين في هذا المكان المظلم.
وتابعت: “كان المكان مليئا بالدمار والركام، الجو مخيف جدا، لا وجود لأي أحد وحالة السكون تشعر أي شخص بالخوف والقلق”.
في لحظة، تحدت الطفلة ديما حالة الخوف والألم وقررت الصراخ لطلب النجدة كي تنجو بحياتها.
وبعد ساعات من الألم والمعاناة، وبمعدات بسيطة ومتواضعة، تمكنت فرق الدفاع المدني من إنقاذها ونقلها إلى المستشفى حيث وجدت نفسها ملقاة على الأرض لعدم توفر أسرة للمرضى إذا كانت تعاني من حروق عميقة وكسور خطيرة، كما قالت.
نقص حاد في العلاج
خلال رحلة العلاج الممتدة، واجهت الطفلة عقل تحديا كبيرا جراء نقص الأدوية والمستهلكات الطبية لا سيما تلك المُخصصة لعلاج الحروق.
كما حال هذا النقص دون إجراء العمليات الجراحية اللازمة لها مثل “زراعة طبقات من الجلد في اليد، وتثبيت العظام (المتهشمة) بأسياخ بلاتين”.
ورغم الآلام التي كانت تشعر بها الطفلة إلا أنها داومت على السؤال عن حال أفراد عائلتها الذين أصيبوا بحروق تجاوزت 65 بالمئة من أجسادهم، فيما لم تتمكن من التعرف عليهم في اللحظات الأولى من الإصابة نظرا لشدة الحروق.
وتضيف: “كنت أتخيل في الكثير من الأوقات أن يقصف منزلنا كباقي المنازل المدنية في قطاع غزة، وأن نتعرض للإصابة بكسور وجروح، لكن لم أتخيل أن نصاب بهذه الحروق الشديدة”.
وختمت قولها وهي تبكي بحرقة: “لم أتعرف على عائلتي حينما تم انتشالنا من تحت الأنقاض، وتساءلت هل هذه (شقيقتي) ريما؟ وهل هذا أبي؟ وهذه أمي؟.. لم يكن لهم ملامح آنذاك لامتلاء وجوههم بالحروق، فيما لم يكن صوتهم مسموعا أبدا فقط كانت أصوات الوجع هي الحاضرة”.
رحلة مؤلمة
أما شقيقتها الصغرى “ريما”، فقد كانت تسجد خلال صلاة العشاء في لحظة سقوط الصاروخ على منزلهم وتحويله لكومة من الركام فوق رؤوسهم.
وقالت للأناضول: “بعد اللحظات الأولى من الفوضى والألم، حاولت الوصول إلى منزل عمي، للحصول على المساعدة، لكن الألم والمعاناة كانا أكبر من قدرتي على التحمل، فتم نقلي إلى المستشفى، حيث بدأت رحلة مؤلمة من العلاج ومحاولة الشفاء”.
وتتابع بصوت حزين: “نُقلت آنذاك لمستشفى العودة وبقيت على الأرض فترة من الزمن وكانوا يقومون بتهوية جسدي بسبب الحروق الشديدة، ومن ثم تم نقلي إلى غرفة لإجراء فحوصات، ليتم تحويلي لاحقا لمستشفى شهداء الأقصى حيث قضيت الفترة الأولى هناك على الأرض بسبب ازدحامها بالمصابين”.
وعن أصعب اللحظات، تروي الطفلة “ريما” أنها تمثلت في رؤية والدتها “المصابة بحروق شديدة”، حيث انهارت باكية على الفور فيما بدأت بالصراخ والمناداة على باقي أفراد أسرتها.
اليوم، تعيش الطفلتان ظروفا صعبة للغاية، تتمنيان السفر لتلقي العلاج اللازم، الأمر الذي يحول دون تحقيقه إغلاق معبر رفح الحدودي منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه خلال عمليته التي بدأها بمدينة رفح في 6 مايو/ أيار الماضي.
وفي حديثهما، عبرت الطفلتان عن أحلام بسيطة غيبتها آلة الحرب الإسرائيلية مثل “الحياة الهادئة والآمنة وتناول الطعام الذي تشتهيانه، واللعب والدراسة والذهاب للبحر ومدينة الألعاب”، بينما يبقى الحلم ذو الأولوية بالنسبة لهما هو “تلقي العلاج المناسب”.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات