واشنطن / الأناضول
يرافق انتهاء صلاحية العمل بالبند 42، بدء مواجهة الولايات المتحدة تحد جديد من أجل إصلاح “نظام الهجرة المتهالك” وسط موجة متوقعة من المهاجرين غير النظاميين عبر الحدود الجنوبية للبلاد، خلال الساعات التالية لرفع العمل بالبند المذكور.
وقالت ليديا غوزمان، رئيسة رابطة اتحاد مواطني أمريكا اللاتينية (LULAC) للأناضول إن الولايات المتحدة تعاني بالفعل من نظام “متهالك” للهجرة، في ظل “عدم جاهزية البنى التحتية لاستيعاب أزمة إنسانية” مرتبطة بتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين.
وتعد رابطة اتحاد مواطني أمريكا اللاتينية، أكبر منظمة إسبانية في الولايات المتحدة.
وأضافت غوزمان أنها “قلقة بشأن قدرة المجتمعات الحدودية الأمريكية على التعامل مع زيادة أعداد المهاجرين”، وتابعت: “نعلم جميعا أن الوضع على طول الحدود سيزداد سوءا”.
ومع انتهاء صلاحية البند 42 فجر الجمعة، أعلنت وزارة الأمن الداخلي عن توزيع 363 مليون دولار للمساعدة في خدمات المأوى والمهاجرين على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، كجزء من حزمة الكونغرس البالغة 800 مليون دولار لبرنامج الغذاء والمأوى الطارئ.
ومع ذلك، اعتبرت غوزمان أن الحكومة الفيدرالية بحاجة إلى تخصيص تمويل مناسب لهذه الأزمة، حتى لا تخرج عن السيطرة.
وأردفت: “من الضروري توفير مزيد من التمويل للمجتمعات الحدودية (الملاجئ والكنائس والحكومات المحلية) للاستعداد بشكل أفضل لتدفق اللاجئين بدلا من إرسال قوات الحرس الوطني، ووكالات وزارة الأمن الداخلي التي تفصل في قضايا اللجوء”.
ويعود تاريخ البند 42 إلى عام 1944، حين عرف باسم قانون الصحة العامة، الذي منح السلطات الأمريكية القدرة على فرض حالة الطوارئ لمنع انتشار الأمراض.
وفي مارس/آذار 2020، استندت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على هذا البند في إطار خطتها للحد من تدفق المهاجرين، بذريعة التصدي لانتشار جائحة كورونا.
وأبقى الرئيس الحالي جو بايدن على العمل بذلك البند على الحدود، ما أدى إلى طرد أكثر من 2.7 ملايين مهاجر خلال 3 سنوات، حسب بيانات وكالة حماية الحدود الأمريكية.
ومع إعلان السلطات الفيدرالية الأمريكية انتهاء العمل بإجراءات الوقاية من وباء كورونا، بات البند 42 غير قابل للتطبيق، ولن تتمكن السلطات من استخدامه كحجة لتنفيذ مزيد من عمليات الطرد والترحيل للمهاجرين.
وتتوقع الأوساط السياسية الأمريكية ارتفاعا كبيرا في أعداد المهاجرين الوافدين عبر الحدود مع انتهاء العمل بالبند 42، حيث يتسبب هذا التغير في السياسات بارتباك وقلق لآلاف المهاجرين المحتشدين على الحدود مع المكسيك، وأمل للذين تم ترحيلهم بموجب البند 42 خلال السنوات الماضية.
وفي وقت سابق، اعترف بايدن بأن الوضع سيكون “فوضويا” خلال الفترة التالية لرفع العمل بالبند 42، إذ سيسعى المهاجرون للعبور إلى الولايات المتحدة مستفيدين من انتهاء العمل بالبند المذكور.
وكانت إدارة بايدن أعلنت في يناير/ كانون الثاني الماضي عن سياسة هجرة جديدة من شأنها أن تسمح لـ 30 ألف مهاجر شهريا من كوبا وهايتي ونيكاراغوا وفنزويلا بالدخول إلى البلاد بشكل قانوني، من خلال برنامج ترخيص العمل الذي يتطلب وجود كفيل أو راع في الولايات المتحدة.
البند 42 يفاقم الانقسامات
وأدى انتهاء صلاحية البند 42 إلى إحداث شرخ سياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهو ما يجعل معالجة الحزبين لقوانين الهجرة الجديدة “أمرا مستبعدا للغاية”.
وفي هذا الشأن، أكدت رابطة اتحاد مواطني أمريكا اللاتينية أن ما يقف عائقا أمام إيجاد حل لمشكلات الهجرة في الولايات المتحدة هو “تسييس” المشكلة عوضا عن التعامل معها على أنها أزمة إنسانية.
وأوضحت غوزمان: “ترفض الرابطة الترويج لمصطلحات التخويف وكبش الفداء التي يستخدمها السياسيون في الحملات الانتخابية والمواقف السياسية البحتة”.
وشددت على أن استخدام مصطلحات مثل “الغزو” و”القتلة” أثناء الحديث عن أزمة إنسانية “أمر غير مقبول ولن يتم التسامح معه”.
وشددت غوزمان على أن مشكلة الهجرة إلى الولايات المتحدة “بحاجة إلى الإصلاح، وإلا فإنها ستزداد سوءا”.
وأردفت: “ما نحتاجه هو إصلاح نظام الهجرة، لأن إدارة بايدن تحاول تنفيذ سياسات لنظام متهالك بشكل واضح ولم يتم التعامل معه منذ عقود”.
ولكن من أجل تحقيق هذا الهدف، نوهت غوزمان إلى أنه “سيتعين على كل من الديمقراطيين والجمهوريين الجلوس إلى الطاولة والعمل معا”.
من جهته، لفت مارك جونز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة رايس بمدينة هيوستن في حديث للأناضول إلى أن الكونغرس “منقسم بشأن القضية” لأن قانون الهجرة موضوع حزبي مما يتسبب في جمود للمشرعين.
وقال: “الطريقة الوحيدة لتغيير وإصلاح النظام المتهالك هو سن قانون هجرة متفق عليه من الحزبين، ولكن في ظل السياسة الحالية حيث تنامي الاستقطاب، لن يحدث هذا بشكل فعال”.
موجة مهاجرين متوقعة
وفي السياق، أكد جونز أن الولايات المتحدة “عالقة في نظام لجوء متهالك لم يتم تصميمه أبدا للتعامل مع مئات الآلاف من الأشخاص الذين يصطفون للحصول على اللجوء كل عام”.
وأضاف في مقابلة عبر الهاتف أن إدارة بايدن “تعتقد أنه من المناسب إلغاء البند 42، رغم أن هذه السياسة ساعدت في التخفيف من مشكلة الهجرة غير الشرعية في الولايات المتحدة”.
واعتبر أن تفعيل البند 42 منح الإدارة الأمريكية “وسيلة فعالة” لترحيل أعداد كبيرة من الأشخاص دون المرور بعملية اللجوء العادية، والتي قد تستغرق من عامين إلى 5 أعوام.
وأشار إلى أن سياسة الهجرة الأمريكية تقوم منذ عقود على “المادة 8” المعروفة باسم “قانون الهجرة العادي” الذي يسمح للمهاجرين بالتقدم بطلب للحصول على مسارات قانونية لدخول الولايات المتحدة، وهي عملية تمتد لسنوات لطالبي اللجوء، تمنحهم اللجوء في البلاد طالما يمرون بالخطوات القانونية المناسبة.
غير أن هذه المادة تقوضها بعض المشكلات، بينها طول سنوات بحث ملف اللجوء، وعدم إمكانية تطبيقها على العائلات.
وأوضح جونز: “لا يمكن استخدام المادة 8 إلا مع الرجال والنساء غير المتزوجين. في اللحظة التي تأتي فيها أي عائلة عبر الحدود لا يمكن تطبيق المادة 8 على إجراءات اللجوء الخاصة بهذه العائلة”.
وصباح الخميس، اعترف وزير الأمن الداخلي الأمريكي أليخاندرو مايوركاس أنّه من المحتمل أن تكون “الأيام والأسابيع المقبلة صعبة للغاية”، مؤكداً أن السلطات تشاهد بالفعل “عددا كبيرا من الوافدين في بعض الأماكن”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات