إسطنبول/ الأناضول
الكاتب الجنرال المتقاعد جهاد يايجي:
– السياسات اليونانية المبنية على “فكرة ميغالي” تشكل العقبة الرئيسية أمام العلاقات مع تركيا
– تهدف تركيا إلى إقامة والحفاظ على علاقات جيدة مع اليونان على في إطار مبدأ حسن الجوار وعضوية البلدين في “الناتو”
– لا ينبغي لأحد أن يتوقع من تركيا قبول اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، أو التنازل عن معاهدتي لوزان وباريس
– مبدأ “الوطن الأزرق” يهدف إلى بناء علاقات الصداقة الدائمة والسلام والأمن وتعزيز التعاون بين البلدين
– “الوطن الأزرق” لا يمكن الاستغناء عنه لأمن ورخاء تركيا دولة وشعبًا في الوقت الحالي والمستقبل
على الرغم من تعاقب الحكومات أو الأنظمة على اليونان منذ قيامها، إلا أن أهداف هذا البلد تجاه تركيا لم يتغير أبدًا.
لهذا السبب، أعتقد أن توقعات اليونان من تركيا بعد الانتخابات ستكون قبولًا على الأقل لبعض مطالبها السابقة التي تتمحور حول جزر بحر إيجه وشرق البحر المتوسط وجزيرة قبرص.
** بماذا تطالب اليونان ؟
في الواقع، تطالب اليونان الإقرار بتوسيع مياهها الإقليمية إلى أكثر من 6 أميال في بحر إيجه؛ والاعتراف بجميع الجزر والجزر الصخرية التي لم يتم نقل سيادتها إلى اليونان بموجب اتفاقيات؛ والاعتراف بحق اليونان في تسليح وعسكرة الجزر التي يمنع على أثينا نشر قوات عسكرية فيها.
كما تطالب بالقبول بتوسيع مجالها الجوي بـ 10 أميال وراء الـ 6 أميال البحرية من المياه الإقليمية، والاعتراف بالمنطقة البحرية داخل الخط الذي يربط الجزر الخارجية وأرخبيل اليونان، بما يضمن تحول بحر إيجه إلى بحيرة يونانية.
أما مطالب أثينا في شرق المتوسط، فتتمحور حول قبول أنقرة بـ “خريطة إشبيلية”، والتي تعتبر اليونان كدولة أرخبيل؛ وإلغاء تركيا أنشطتها المتعلقة بإجراء المسوحات والحفر خارج حدود خريطة إشبيلية؛ وإلغاء أو عدم تنفيذ مخرجات الاتفاقات التركية الليبية، وإنهاء أي شكل من أشكال الوجود التركي في ليبيا.
وفيما يتعلق بجزيرة قبرص، تطالب أثينا بتغيير أنقرة سياساتها الداعمة لجمهورية شمال قبرص التركية، وقبول هيكل فيدرالي في الجزيرة يخضع لهيمنة المكوّن الرومي (اليوناني) وانسحاب القوات التركية من جزيرة قبرص.
إن هذه التوقعات تفترض أن تركيا قد تعرضت لهزيمة في حرب ما وأجبرت على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
كما تلقى هذه التوقعات دعمًا من قبل بعض الجهات الفاعلة في تركيا وكذلك بعض الدول الأخرى.
** المشاكل الرئيسية
تشكل السياسات اليونانية المبنية على “فكرة ميغالي”، وهي أيديولوجية تطمح لتحويل اليونان إلى إمبراطورية بيزنطية عاصمتها القسطنطينية، العقبة الرئيسية أمام العلاقات الثانية في مختلف المجالات، بما في ذلك الملفات المتعلقة بجزيرة قبرص وبحر إيجه وتراقيا الغربية.
ومنذ يوم تأسيسها، توسعت اليونان من خلال قضم أراضٍ تركية عبر الحرب أو المفاوضات أو التوازنات الدولية، لذلك تتخذ تركيا موقفًا حازمًا فيما يتعلق بمياهها الإقليمية التي تحرص أنقرة على تسميتها باسم “الوطن الأزرق” وتطالب أثينا بالالتزام والوفاء بـ “الاتفاقيات المبرمة”.
وفي هذا الإطار، تتوقع تركيا أن تمتثل اليونان لأحكام اتفاقيتي لوزان وباريس للسلام لعام 1923، وبالتالي، تهدف تركيا إلى إقامة والحفاظ على علاقات جيدة مع اليونان على أساس السلام والصداقة في إطار مبدأ حسن الجوار وعضوية البلدين في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي هذا السياق، لا ينبغي لأحد أن يتوقع من تركيا قبول اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والتي لم توقع عليها تركيا، أو التنازل عن معاهدتي لوزان وباريس، اللتين وقعت عليهما الدولتان التركية واليونانية واللتان حددتا وضع الجزر في بحر إيجه.
وهنا لا بد من التأكيد على أن معاهدة لوزان للسلام، تعتبر معاهدة دولية هدفت لتنظيم وتحديد الوضع القانوني لجزر بحر إيجه بين تركيا واليونان.
وقد حددت المعاهدة المذكورة المياه الإقليمية لليونان بـ 3 أميال، وقد انتهكت أثينا هذا الوضع من خلال زيادة مياهها الإقليمية إلى 6 أميال في عام 1936.
تركيا بدورها لا تريد أي تدهور جديد بعلاقاتها مع اليونان، فيما تطالب أثينا الاعتراف بشرعية مطالبها في أكثر من 152 مجموعة من الجزر والجزر الصغيرة والصخور البحرية، والتي لم تنتقل لسيادتها بموجب اتفاقيتي لوزان وباريس.
وبالمثل، تطالب تركيا قبل كل شيء بتخلي اليونان عن مطالبها المتعلقة بـ 10 أميال من المجال الجوي خلف مجال المياه الإقليمية البالغ 6 أميال، وتجريد 23 جزيرة غير عسكرية من السلاح، وتضع هذه المواد شرطا مسبقا لإقامة علاقة صداقة وحسن جوار بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، يشترط القانون الدولي ومبدأ الوطن الأزرق أن يتم تقاسم مناطق الولاية البحرية في بحر إيجه استنادًا إلى البر الرئيسي للدولتين (تركيا واليونان) وأطوال سواحلهما المطلة على بحر إيجه.
ونرى أن مبدأ الوطن الأزرق يهدف في الواقع إلى بناء علاقات الصداقة الدائمة والسلام والأمن والاستقرار في جميع المجالات، وتعزيز التعاون بين البلدين وتسهيل الأنشطة الاقتصادية وغيرها من المجالات الأخرى على أساس الاتفاقات الموقعة من قبل كلا الدولتين ومبدأ المشاركة والاستخدام العادل.
** سياسة الوطن الأزرق
نستطيع تعريف مبدأ الوطن الأزرق على أنه “جميع مناطق الولاية البحرية التركية التي تبلغ مساحتها 462 ألف كيلومتر مربع والتي تم الإعلان عنها بما يتماشى مع حقوق تركيا ومصالحها الناشئة عن القانون الدولي”.
وتبلغ مساحة تركيا مليون و246 ألف كيلومتر مربع، منها 784 ألف كيلومتر مربع مناطق برية، و462 ألف كيلومتر مربع مناطق بحرية.
لذلك فإن الوطن الأزرق يعتبر مجالًا لا يمكن الاستغناء عنه لأمن ورخاء تركيا دولة وشعبًا في الوقت الحالي وفي المستقبل.
ووفقًا للدراسات التي أجرتها الجامعات ومؤسسة البترول التركية، فإن منطقتي البحر الأسود وشرق المتوسط تحتويان على رواسب هيدرات الغاز التي يمكن أن تلبي احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي لمدة 816 عامًا.
وعندما نضيف إلى هذه الثروات أنشطة مثل صيد الأسماك والسياحة والنقل البحري والموانئ، ندرك أهمية الوطن الأزرق كمصدر للثروة والاقتصاد التركي.
——-
** الأفكار والآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن سياسة الأناضول التحريرية
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات