عمان/ ليث الجنيدي/ الأناضول
** تدرك عمّان صعوبة الموقف مع حكومة إسرائيلية يمينية يقودها رئيس وزراء أوصل علاقات البلدين في حقبة سابقة إلى طريق مسدود، لكن ذلك لا يجرد المملكة من أوراق ضغط ربما تقود لسيناريوهات غير متوقعة للتعامل مع تل أبيب..
** وليد العويمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة “مؤتة”: رغم تهديدات حكومة نتنياهو يمتلك الأردن أوراق ضغط عديدة يستطيع من خلالها تحقيق مصالحه ومصالح فلسطين..
** حسن الدعجة أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة “الحسين بن طلال”: ممارسات الحكومة الإسرائيلية ستؤدي إلى حدوث اضطرابات ستعجل برحيلها سريعا.
لم يكن حديث ملك الأردن عبد الله الثاني قبل بضعة أيام عن مخاوفه من اندلاع انتفاضة فلسطينية “قادمة”، خلال مقابلته مع شبكة “سي إن إن الأمريكية” كلاماً عابراً، بل هو “حدس سياسي” مدفوع بتجارب سابقة.
عاهل الأردن يُدرك صعوبة الموقف في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، يقودها رئيس وزراء أوصل علاقات البلدين في حقبة سابقة إلى طريق مسدود، ولكن ذلك لا يُجرّد المملكة من أوراقٍ ستضع حدّاً لبنيامين نتنياهو وفريقه، وتفتح باب الخيارات لسيناريوهات غير متوقعةٍ للتعامل مع تل أبيب.
حاولت المملكة التي ترتبط مع إسرائيل باتفاقية سلام منذ عام 1994 أن تثبت حُسن نواياها، من خلال عقد اتفاقيات الغاز والماء وغيرها، ولكن إجراءات إسرائيل والسماح بانتهاكات المسجد الأقصى الذي يقع تحت وصاية الأردن، يبدّد احتمالات تفاهمات تُحقق عمّان من خلالها الحفاظ على أدوراها داخل الأراضي الفلسطينية.
وفي حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية اقتحم “بن غفير”، زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، الثلاثاء الماضي، باحات المسجد الأقصى لمدة ربع ساعة، ليزيد الموقف تعقيداً، وتُعلن عمّان على إثر ذلك استدعاء سفير تل أبيب لديها لنقل رسالة احتجاج لحكومته حول تلك الخطوة.
** خطر استراتيجي
وتعليقاً على ما ورد في حديث الملك عبد الله وما تبع ذلك من تطورات على الساحة الفلسطينية، أكد المحلل السياسي أحمد البرصان، أن “الأمور بين الأردن وإسرائيل لن تصل إلى مستوى الحرب”.
وذكر البرصان للأناضول أن “علاقة عمّان مع واشنطن ستدفع بالأخيرة للضغط بأن لا يكون هناك تصعيد، وخاصة مع إدراكها لحساسية مكانة المسجد الأقصى للعالمين العربي والإسلامي”.
وفي إشارة إلى أحاديث سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن القدس والأقصى، قال البرصان: “التصريح خارج السلطة يختلف عن داخلها، وتُدرك إسرائيل أهمية المملكة ولا تستطيع تحديها بأي حال من الأحوال فأمنها يحتاج إلى الأردن”.
ووصف البرصان تصريحات الملك عبد الله في مقابلته مع شبكة “سي إن إن”، بأنها “جادة وسيكون رد الفعل قوي تجاه أي تصعيدات إسرائيلية”، بينما قال إن إسرائيل تعيش انقسامات داخلية، و”عادة ما تكون أحاديث مسؤوليها في إطار المزايدة السياسية”.
برأي البرصان، فإن الموقفين الأمريكي والشعبي الفلسطيني “سيحجمان دور حكومة نتنياهو، والتي أعتقد أنها لن تستمر طويلاً بسبب تناقضها مع بعضها”.
“أستبعد أي مواجهة إسرائيلية مع الأردن”، يضيف البرصان: “وإذا صعدوا سيكونون في أكبر خطر استراتيجي لأن الصراع لن يقتصر على المملكة وسيتحول إلى ديني لارتباط المسجد الأقصى بالعرب والمسلمين”.
وأوضح أن الأردن لديه العديد من أوراق الضغط، أولها اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل (1994)، كما أن المملكة لديها نفوذ في الداخل الفلسطيني وتستطيع العمل على ذلك.
**أوراق ضغط
وليد العويمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة “مؤتة” الأردنية (حكومية)، أشار في حديثه للأناضول، إلى أنه “لا شك أن وصول حكومة إسرائيلية متطرفة سياسياً ودينياً للسلطة يمثل خطراً وتحديّاً لصانع القرار السياسي الأردني”.
واستدرك العويمر: “لكن رغم التهديد والتشدد والوعيد من أعضاء هذه الحكومة وخاصة التيار الديني تجاه قضايا القدس واللاجئين وضم مناطق الضفة الغربية والوصاية الهاشمية، إلا أن الأردن يمتلك أوراق ضغطٍ عديدة يستطيع من خلالها تحقيق مصالحه ومصالح فلسطين”.
وبحسب العويمر، فإن تلك الأوراق تتمثل في “الانتفاضة الفلسطينية الثالثة والتي بدأت تلوح في الأفق وتهدد بتفجير المنطقة بأكملها، وبالتالي تهديداً للمصالح الأمريكية والأوروبية فيها”.
ورأى الأكاديمي الأردني أن “هذه الورقة يمكن أن تزعزع الأمن والاستقرار الإسرائيلي الداخلي”، على حد قوله.
ويضيف العويمر ورقة ضغط أخرى تتمثل في أن “الحكومة اليمينية الإسرائيلية تضم في طياتها شخصيات دينية وسياسية متطرفة تتبنى خطاباً وأجندة مقلقة للداخل وللإدارة الأمريكية والغرب والعالم العربي”.
واعتبر أن “مضمون هذه الخطابات والأجندة مقلق للمجتمع العلماني في إسرائيل، كونها تريد تغيير الأنظمة التعليمية والقضائية ما يمثل خطراً على أسلوب حياة الإسرائيليين أنفسهم”.
وأوضح العويمر أن السياسيين ودوائر الإعلام يمكن أن تستغل طبيعة الحكومة الإسرائيلية اليمينية في الترويج لخطورة ميولها المتطرفة على المصالح الأمريكية والغربية والأمن الإقليمي العربي.
وفي سياق إمكانات الضغط المتاحة لمواجهة حكومة نتنياهو، شدد العويمر على ضرورة أن يضغط صانع القرار الأردني على الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، بأن “أي انتقاص أو اعتداء على أدوار المملكة بما يتعلق بالقدس وفلسطين يمثل تهديداً مباشراً للأمن الوطني الأردني”.
**شد وجذب
وتوقّع حسن الدعجة أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة “الحسين بن طلال” (حكومية)، أن “تسمح الحكومة الأردنية للرأي العام بأن يتحرك بقوة، وقد يدفع ذلك المواطنين للتجمع والذهاب من عمان وجميع المدن إلى الحدود مع فلسطين المحتلة”.
ولفت الدعجة في حديثه للأناضول، إلى أن ذلك السيناريو سيكون بمثابة “رسالة ضغط على الدول المؤثرة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لوقف الاستهتار من اليمين المتطرف اليهودي”.
كما أشار إلى أن الأردن “سيتوجه إلى التنسيق مع الدول العربية وخاصة مع مصر، لممارسة الضغط على إسرائيل”، دون أن يستعبد حدوث “شد وجذب بين حكومتي عمان وتل أبيب”.
واعتبر الدعجة أن “ممارسات الحكومة الإسرائيلية ستؤدي إلى حدوث اضطرابات واسعة بالإقليم، ما يؤدي بالتالي إلى رحيلها سريعاً، وفي موعد لا يتجاوز عاماً واحداً بسبب ضغوطات داخلية ستتعرض لها من المعارضة”.
وخلال حقبة نتنياهو السابقة، ازدادت الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، ما اعتبرته عمّان تعدّياً واضحاً على أدوارها.
واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية “وادي عربة” للسلام، التي وقعها مع إسرائيل في 1994.
وفي مارس/ آذار 2013، وقع العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، اتفاقية تعطي المملكة حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات