ليث الجنيدي / الأناضول
تحديات كبيرة تواجه المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار التي تعتزم الولايات المتحدة إطلاقها “قريبا” في قطاع غزة، أبرزها مماطلة إسرائيل في تنفيذ التزاماتها المتعلقة بالمرحلة الأولى.
وفي 4 ديسمبر/ كانون الأول الجاري قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس” ستبدأ قريبا جدا، دون تحديد موعد.
ورغم الضغوط الدولية لبدء هذه المرحلة إلا أن تل أبيب تشترط تسليم رفات آخر أسراها في قطاع غزة، حيث تواصل الفصائل الفلسطينية عمليات البحث عنه في ظل الدمار الهائل الذي خلفته الإبادة الإسرائيلية التي استمرت لعامين.
كما تنصلت إسرائيل من التزاماتها التي نصت عليه المرحلة الأولى، ومنها فتح المعابر، والسماح بإدخال الكميات المتفق عليها من المواد الغذائية والأدوية ومواد الإيواء والبناء، ودخول الآليات الثقيلة، فضلا عن ارتكابها انتهاكات ميدانية في القطاع.
ويرى مراقبون أن هذه الانتهاكات من شأنها أن تعرقل الانخراط في المرحلة الثانية التي بدورها تشكل محطة حاسمة أمام استكمال الاتفاق وتحديد مستقبل قطاع غزة.
وتتناول المرحلة الثانية عدة قضايا جوهرية، هي: “تشكيل لجنة تكنوقراط مؤقتة لإدارة القطاع، وملف الإعمار، وتشكيل مجلس السلام، وإنشاء قوة دولية، وانسحاب إضافي للجيش الإسرائيلي من القطاع، إضافة لنزع سلاح حماس”.
وفي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي اعتمد مجلس الأمن الدولي بالأغلبية مشروع قرار أمريكي بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، يأذن بإنشاء قوة دولية مؤقتة حتى نهاية العام 2027.
وبحسب القرار، ستدار غزة عبر حكومة تكنوقراط فلسطينية انتقالية، تعمل تحت إشراف “مجلس سلام” تنفيذي بقيادة الرئيس ترامب، وفقا لخطته.
هذه الملفات تشكل “ألغاما” من شأنها عرقلة استكمال المرحلة الثانية في ظل الفجوات الكبيرة في مواقف الأطراف، وفق مراقبين، وهي:
** أولا: تشكيل لجنة تكنوقراط
في إطار مساعيها لاستكمال الاتفاق، دعت حركة “حماس” أكثر من مرة إلى تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة قطاع غزة، على أن تكون مكونة من شخصيات فلسطينية مستقلة.
كما أكد رئيسها بغزة خليل الحية في أحدث تصريحاته، جاهزية الحركة لتسليم كافة الأعمال في كل المجالات للجنة إلى جانب تسهيل مهامها في القطاع.
وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلنت قوى وفصائل فلسطينية الاتفاق خلال اجتماع عقدته في القاهرة، على تسليم إدارة قطاع غزة للجنة مؤقتة من التكنوقراط من أبناء القطاع، الأمر الذي اعتبرته حركة “فتح”، خطوة مهمة.
** ثانيا: ملف الإعمار
تتضمن المرحلة الثانية، البدء بملف الإعمار، حيث طالبت الولايات المتحدة إسرائيل في 12 ديسمبر الجاري، بتولي المسؤولية الكاملة عن إزالة الدمار الواسع في قطاع غزة تمهيدا لبدء مرحلة إعادة الإعمار، وهي عملية يُقدّر أن تكلف مليارات الشواكل (الدولار= 3.21 شيكل)، وتمتد لسنوات، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
وزعم مصدر سياسي إسرائيلي، تحدث للصحيفة آنذاك، أن “الحكومة الإسرائيلية وافقت مبدئيا على الطلب الأمريكي، في خطوة قد تبلغ كلفتها مئات ملايين الشواكل لمراحل الإزالة الأولية، بينما تُقدّر التكلفة الإجمالية للمشروع كله بعدة مليارات”.
ووفق معطيات حكومية بغزة فإن تدمير إسرائيل 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع، خلف 70 مليون طن من الركام، وسط تقديرات أممية بتكلفة إعمار تصل إلى 70 مليار دولار.
وفي هذا الإطار، تنصلت إسرائيل من التزاماتها في المرحلة الأولى المتعلقة بمواد الإيواء ومنعت دخول 300 ألف خيمة وبيت متنقل (كرفان)، ما ترك الفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم خلال الإبادة في العراء في مواجهة مع الغرق بمياه الأمطار.
وفي 2 ديسمبر الجاري، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن بلاده “تنسق مع الولايات المتحدة من أجل عقد مؤتمر إعمار قطاع غزة”، بعدما كان من المفترض عقده في نوفمبر الماضي.
** ثالثا: تشكيل “مجلس السلام”
“مجلس السلام” هيئة إدارية انتقالية ذات شخصية قانونية دولية، أقرها مجلس الأمن الدولي في 18 نوفمبر الماضي، وتهدف لوضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة تنمية غزة وفقا للخطة الشاملة.
وفي إطار تشكيل المجلس، أكدت “حماس” أن مهمته تقتصر على “رعاية وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة”.
وسبق وأعربت الحركة في 10 ديسمبر عن تخوفها من مخاطر محتملة لهذا المجلس، بشأن تدخله بالحكم في قطاع غزة، مؤكدة أن هذا الأمر “مرفوض” بالنسبة لهم.
** رابعا: إنشاء قوة دولية
يأتي إنشاء هذه القوة، وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن السابق، وأوكل مهمة إنشائها إلى “مجلس السلام” والدول الأعضاء التي تتعاون معه.
ووفق القرار الأممي، فإن القوة ستكون “مؤقتة” وتعمل على تحقيق “الاستقرار في غزة، بحيث تُنشر تحت قيادة موحدة، يقبلها مجلس السلام”.
وفي أحدث تصريحاتها، أكدت “حماس” أن مهمة هذه القوات يجب أن تقتصر “على حفظ وقف إطلاق النار والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة مع الأراضي المحتلة عام 1948″، دون أن يكون لها أي مهام “داخل القطاع أو التدخل في شؤونه الداخلية”.
** خامسا: انسحاب إضافي للجيش
تشمل المرحلة الثانية انسحاب إضافي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، حيث تنص على الانسحاب من “الخط الأصفر” نحو “الخط الأحمر”، ضمن الخريطة الأمريكية للاتفاق.
ولم يتم تحديد المسافات التي سيتم الانسحاب منها، إلا أن الخريطة أظهرت تراجع إسرائيلي واضح نحو الحدود الشرقية للقطاع، وانسحابات في المناطق الشمالية والجنوبية أيضا.
وشملت الانسحابات التي نفذها الجيش ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، مدينة غزة (شمال) باستثناء حي الشجاعية وأجزاء من حيي التفاح والزيتون.
كما انسحب من وسط وأجزاء من شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، فيما يواصل انتشاره في بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال)، ومدينة رفح (جنوب)، وبحر القطاع.
تأتي هذه المرحلة، وسط تصميم إسرائيلي للاحتفاظ بمنطقة عازلة تمتد لعمق قرابة الكيلو متر داخل القطاع، وفق ما سبق وأكده إعلام عبري، فيما تصر “حماس” على الانسحاب الكامل من القطاع.
** سادسا: نزع السلاح
تضع إسرائيل بند نزع سلاح “حماس” شرطا أساسيا لاستكمال وقف إطلاق النار، وقال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إن الجيش سيتولى مهمة نزع سلاح حماس، في حال لم تنفذ القوات الدولية ذلك.
في المقابل، قالت الحركة في تصريحات القيادي الحية، إن المقاومة وسلاحها “حق مشروع كفلته القوانين الدولية لكل الشعوب تحت الاحتلال ومرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية”.
وأكد أن الحركة منفتحة “لدراسة أية مقترحات تحافظ على هذا الحق مع ضمان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير لشعبنا الفلسطيني”.
هذا الخلاف في المواقف بين الطرفين من شأنه أن يزيد من تعقيدات تطبيق الاتفاق.
وجاء الاتفاق كجزء من خطة ترامب المكونة من 20 بندا، والتي دخلت مرحلته الأولى حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
وعلى مدى عامين، بدءا من 8 أكتوبر 2023 شنت إسرائيل حرب إبادة في غزة؛ أسفرت عن مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 171 ألفا، معظمهم أطفال ونساء.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات