إسطنبول / يوسف علي أوغلو / الأناضول
ساعات عصيبة تمر على بلدة الخيام الاستراتيجية جنوبي لبنان، حيث تواجه إبادة إسرائيلية واسعة.
فالبلدة، التي تحمل تاريخيا حافلا في الصمود بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان بين عامي 1982-2000 وفي حرب يوليو/ تموز 2006، تتعرض منازلها ومبانيها حاليا لعمليات تفخيخ وتفجير واسعة على يد القوات الإسرائيلية.
فيما تتواصل الغارات الإسرائيلية العنيفة عليها من الجو، والتي تترافق مع قصف مدفعي وبقذائف الفسفور الحارقة المجرمة دوليا.
وتبعد البلدة، التي تتبع قضاء مرجعيون بمحافظة النبطية، نحو 5 كلم عن الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وتعد إحدى 3 بلدات يسعى الجيش الإسرائيلي منذ 10 أيام إلى السيطرة عليها لأهميتها الاستراتيجية.
وحسب ما أفادت به وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، اليوم، “ينفذ جيش الاحتلال عمليات تفجير عنيفة جدا بالخيام”.
وأضافت الوكالة أن هذه التفجيرات “ناجمة عن عمليات تفخيخ وتفجير للمنازل والمباني في البلدة”.
ولفتت الوكالة إلى أن دوي اثنين من هذه التفجيرات سُمع ووصل عصفها إلى البلدات المجاورة.
وتأتي عمليات التفجير الممنهجة للمنازل والمباني في الخيام بالتزامن مع شن الجيش الإسرائيلي قصفا جويا ومدفعيا عنيفا وبقذائف الفسفور على البلدة، حسب المصدر ذاته.
وفي وقت سابق اليوم، نشر الجيش الإسرائيلي عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد وصورا لجنوده قال إنها في جنوب لبنان، من دون تحديد المنطقة.
فيما قالت قناة “الجديد” اللبنانية الخاصة إن “المعطيات والمشاهد (التي نشرها الجيش الإسرائيلي) تظهر أن هذه المنطقة هي مدينة الخيام”.
** تصديات “حزب الله”
في المقابل، يواصل “حزب الله” التصدي للقوات الغازية لجنوب لبنان، وخاصة في بلدة الخيام.
إذ قال الحزب إنه “استهدف بصليات صاروخية وقذائف مدفعية ومسيرات انقضاضية 16 تجمعا لقوات إسرائيلية في جنوب لبنان”، حتى الساعة 20:30 ت.غ.
ومن بين الاستهدافات 8 تجمعات لجنود عند الأطراف الشرقية والجنوبية لبلدة الخيام، و3 تجمعات بمنطقة تل نحاس عند أطراف بلدة كفركلا، وتجمعان ببلدة شمع ومنطقة تلة أرميس غربها، وتجمع في بلدة يارين، وتجمعان عند منطقة مثلث دير ميماس (تقاطع طرق يربط بين بلدات دير ميماس والقليعة وكفركلا).
وضمن تصديه للقوات الإسرائيلية الغازية للبلدة، قال “حزب الله” إنه “استهدف بصاروخين موجهين دبابتين للجيش الإسرائيلي من نوع ميركافا جنوب منطقة معتقل الخيام في بلدة الخيام، ومحيط قلعة شمع”.
ولفت إلى أن “الاستهدافين أسفرا عن تدمير الدبابتين، وسقوط أفراد طاقميهما بين قتيل وجريح”.
ومعتقل الخيام كان مركز احتجاز تستخدمه القوات الإسرائيلية خلال فترة احتلالها لجنوب لبنان بين عامي 1982 و2000 لاعتقال وتعذيب العديد من اللبنانيين.
وأصبح هذا المعتقل رمزا للمعاناة والصمود، حيث تعرض المعتقلون فيه لأبشع أنواع التعذيب. وعام 2000، ومع انسحاب القوات الإسرائيلية، تم تحرير المعتقل وأصبح شاهدا على جرائم الاحتلال.
ويأتي تصاعد استهداف “حزب الله” لتجمعات الجنود الإسرائيليين الغازية لجنوب لبنان، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بدء المرحلة الثانية من عملياته البرية التي تتضمن محاولة غزو بلدات أعمق في الجنوب اللبناني، بدلا من البلدات الحدودية التي كان يحاول غزوها.
وردا على ذلك، توعد “حزب الله” في اليوم ذاته الجيش الإسرائيلي بـ”مزيد من الخسائر والإخفاقات”، مشددا على أنه مستعد لـ”معركة طويلة”.
** 3 محاور للغزو
ووفق مصادر ميدانية لبنانية تحدثت للأناضول بوقت سابق، فإن الجيش الإسرائيلي منذ إعلانه بدء المرحلة الثانية من عملياته البرية في جنوب لبنان، يركز على 3 محاور رئيسية للغزو، هي محاور بلدات الخيام (جنوب شرق)، وبنت جبيل (وسط جنوب)، وشمع (جنوب غرب).
وتعني السيطرة على الخيام، التي ترتفع نحو 950 مترا عن سطح البحر، السيطرة على القطاع الشرقي للجنوب اللبناني وصولا إلى سهل بلدة حولا، وإمكانية قطع طريق البقاع الذي تعتبره إسرائيل محور إمداد مهما لـ”حزب الله”، وفق مراقبين.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن السيطرة على بلدة شمع تعني عزل القطاع الغربي للجنوب اللبناني من بلدة الناقورة وحتى قضاء صور، بينما تمثل السيطرة على بلدة بنت جبيل “نصرا معنويا” لإسرائيل، نظرا لكونها معقلا لـ”حزب الله”، وتُعتبر رمزا للمقاومة اللبنانية تاريخيا.
وإضافة إلى الدلائل على الوجود العسكري الإسرائيلي في بلدة الخيام، تشير بيانات “حزب الله” منذ أيام عن مهاجمة تجمعات لجنود وآليات عسكرية لهم عند أطراف بلدة شمع وداخلها.
لكن لم يتضح بعد شكل الوجود الإسرائيلي في البلدتين، إذ اعتادت القوات الإسرائيلية منذ بدء التوغل في الجنوب اللبناني مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الدخول والخروج من البلدات التي تتوغل فيها، حيث تُنفذ عمليات تدمير ممنهجة للمنازل والمباني، دون الاستقرار فيها، حتى لا تتعرض لهجمات من “حزب الله”.
** تفاوض تحت النار
ويتزامن تواصل الغارات الإسرائيلية العنيفة على بيروت ومناطق بجنوب ووسط وشرق لبنان، ومساعي غزو البلدات الجنوبية، مع زيارة المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين لإسرائيل، ضمن مفاوضات بشأن مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار بين الجانبين.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن بلاده ستجري تلك المفاوضات “تحت النار”.
وهو ما رد عليه الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم في كلمة مصورة الأربعاء، قائلا إن تفاوض حزبه ليس تحت النار كما قال نتنياهو، “لأن إسرائيل هي تحت النار أيضا”.
إذ يتصدى “حزب الله” للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان عبر مهاجمة القوات الغازية، وقصف قواعد ومستوطنات ومواقع عسكرية ومصانع عسكرية في شمال ووسط وجنوب إسرائيل.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها “حزب الله” بدأت عقب شنها حرب إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، وسعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و645 قتيلا و15 ألفا و355 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات لبنانية رسمية معلنة حتى مساء الخميس.
ويرد “حزب الله” يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.
ووفق الأرقام المعلنة على موقع الخارجية الإسرائيلية حتى ظهر الخميس، قتل 51 عسكريا بنيران “حزب الله”، 46 منهم منذ بدء التوغل البري في جنوب لبنان. وسجل شهر أكتوبر وحده مقتل 33 عسكريا إسرائيليا، وكان الثاني من هذا الشهر الأعلى برصيد 9 قتلى.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات