قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي إن “هناك مستويين فيما يخصّ تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح العمال، إذ ثمّة منظومة من الموظفين التابعين للدولة الذين كانوا يقومون بالتنفيذ، وثمة مفوضون قضائيون”، مؤكدا أنه “في ظل قانون المسطرة المدنية الجديد منحت كل صلاحيات التنفيذ للمفوضين القضائيين، ومنظومة الموظفين التابعين للدولة ستنحصر مهامهم داخل المحاكم”.
وأفاد وهبي، في رده على مستشارة عن الاتحاد المغربي للشغل طرحت سؤالا حول تنفيذ الأحكام، الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن “إجراءات التنفيذ يقوم بها صاحب المصلحة، أي الشخص المعني”، موضحا أن هناك إجراءات فيما يخص الدولة، أما فيما يهم العمال والنقابات والمعامل، فهذه مسطرة يقوم بها المحامي باتفاق مع المفوض الذي يعيّنه، ويقوم الأخير بإجراءات التنفيذ”.
وأضاف أن “المحامي بعد ذلك عليه أن يتخذ جميع الإجراءات التي يراها مناسبة، بما فيها الحجز والحجز التحفظي والحجز لدى الغير أو إحالة الملف كله على صعوبة المقاولة.. إلخ؛ ويبقى قاضي التنفيذ متتبّعا في حال كانت هناك صعوبات، لذلك فالمسار ليس إداريا، بل يدخل في إطار المحامي في علاقته بزبونه”، لافتا إلى أن “الدّولة لهذا الغرض وسّعت مجال المفوضين القضائيين”.
وتابع قائلا: “نحن حاليّا نعمل على خلق فوج جديد من المفوضين نجهزهم، ولدينا 267 مفوضا جديدا سنوسع مجالهم لتسهيل مهام الذين يرافعون عن العمال للتنفيذ”. وأضاف أن “نسبة نزاعات الشغل انتقلت من 87.04 في المائة سنة 2014 إلى 98.87 في المائة سنة 2023، بارتفاع قدره 13.59 في المائة”، مشيرا إلى أن “حنكة المحامي هي التي تضمن التنفيذ إذا سلك المسطرة في الحين لحماية حق موكله”.
وفي تعقيبه على ما قاله وهبي، رفض الاتحاد المغربي للشغل إلقاء المسؤولية على عاتق هيئة الدفاع، مؤكداً أن “هناك غيابا للإرادة السياسية لدى السلطات العمومية ولدى الحكومة للسهر على تنفيذ الأحكام، إذ هناك مقاولات كبرى تتكبر على تنفيذ وتطبيق الأحكام، وأربابها يرفضون الامتثال، مع أن هذا الأمر فيه استكبار على الدولة، وفيه إهانة للحكومة وللجميع”.
وطالب المستشار عن النقابة سالفة الذكر الحكومة بـ”تحمل مسؤوليتها لأن الحق في التقاضي لا يقف عند الوقوف أمام القاضي، بل يجب أن يشمل كل مراحله، وأن يستفيد العمال والعاملات من حقوقهم في ظل تنفيذ الأحكام، لكوننا نشرّع لصالح الحلقة الأقوى، فيما الحلقة الأضعف تكون غير محمية، وليست هناك قوة في هاته البلاد قادرة على تنفيذ الأحكام لصالح العمال”. فرد عليه وهبي قائلا: “أنا معرفتش منين جبتو هاد الهضرة”.
أما سؤال الاتحاد العام للشغالين بالمغرب فتمحور حول وضعية التوثيق العدلي ومداخل تطويره، فكان رد المسؤول الحكومي “هناك تحديث للقانون المنظم للعدول ناقشناه على مستوى الوزارة وعلى مستوى الأمانة العامة للحكومة. هناك خلافات في بعض النقط، نواصل التفاوض بشأنها”، مشيراً إلى أن “المدخل الثاني هو كيفية التعامل مع التّعويضات التي يأخذها العدول، ونحن في نقاش مع وزارة المالية لنرفع سومة هذه التعويضات”.
وأضاف “اليوم سنتخلى عن مهنة النساخ بما أن الحاسوب صار يتكلّف بمهمة الكتابة، وقد أدمجنا هؤلاء النسّاخ في وزارة العدل من خلال خلق مجموعة من مناصب الشغل لحماية أسرهم”، مشيراً إلى أن “هناك كذلك مخططا ساريا للقيام بمسح (سْكانْ) جميع وثائق زواج المغاربة؛ وقد بدأنا بمدينة سلا وبمحاكم الأسرة، وقانون تنظيم مهنة العدول ينص على مجموعة من التغييرات، وننتظر مخرجات نقاش مدونة الأسرة لنستطيع تكييف اختصاصات العدول معها”.
وبخصوص خلاصات الحوار القطاعي في مجال العدل، الذي تقدمت به لبنى علوي كعضو غير منتسب، قال وهبي إن “الوزارة تواصل عقد جلسات الحوار، التي بلغت لحد الآن 21 جلسة، مع الأطراف النقابية كلها بدون استثناء، إما بمبادرات فردية، وهذا حقها، أو جماعية، وهذا حقها أيضاً”، مؤكداً أن “التمثيليات الاجتماعية تعد شريكا أساسيا في إدارة الوزارة”.
ومضى قائلاً: “نجتمع مع النقابات ونتداول الحقائق لنتخذ قرارات بشكل مشترك، والنقابات تدير معنا ملفات داخل الوزارة. لكن الآن وضعت الشارة الحمراء احتجاجا، وهذا حقها. لكني عازم على الاستمرار في الحوار”، لافتا إلى أن “المشكل الأساسي هو المشكل نفسه الموجود في المغرب: النظام الأساسي للموظفين. المصيبة ذاتها. ناقشناه وسنحتاج زهاء مليار درهم لتنفيذ هذا النظام”.
وفي رده على سؤال تقدم به الأصالة والمعاصرة، الذي يشكل وهبي أمينه العام، بخصوص إجراءات النهوض بوضعية التراجمة المحلفين، قال الوزير: “تم وضع قانون خاص بالتراجمة يراعي التدبير الترابي لهذا المجال، وتسهيل العمل من خلال تسيير العمل عن بعد، وبما أن التّراجِمة يتمركزون في المدن الكبرى فيمكن أن ينسقوا مع مكاتب محلية ويقومون بهذه المهمة”.
وأضاف أنه “تم الإعلان عن مباراة لتشغيل 2394 مترجما، تقدم لها نحو 500 مترشح فقط، اجتازوا المباراة وينتظرون النتيجة، وبالتالي علينا أن نفكر في صيغ أخرى، لاسيما أن بعض اللغات لا نتوفر فيها على مترجمين، سواء منها أو إليها، كالتركية والصينية والبرتغالية، وهذا يطرح صعوبة على العدالة إذا كان ثمة متّهم لا يتحدّث سوى إحدى هذه اللغات”.
المصدر: وكالات