ترأس وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، إلى جانب عامل إقليم ورزازات، عبد الرزاق المنصوري، صباح الإثنين، افتتاح الدورة الأولى من المؤتمر الدولي للواحات ونخيل التمر، المنعقد تحت شعار: “جميعا من أجل استدامة وتكيف المنظومة الواحية”، والذي حظي برعاية ملكية سامية.
وعرف المؤتمر ذاته، المنظم بقصر المؤتمرات وسط مدينة ورزازات، مشاركة خبراء ومهنيين وباحثين وطنيين ودوليين، ورئيس جهة درعة تافيلالت، ورؤساء المجالس المنتخبة بمناطق الواحات، ومسؤولي الإدارات التابعة لوزارة الفلاحة، وخصص لمناقشة التحديات والفرص المتعلقة بالتنمية المستدامة لمناطق الواحات، وسبل معالجة إشكاليات التنمية في الواحات من خلال مقاربة تتميز بالانفتاح وتبادل الخبرات بين جميع الأطراف المعنية بمجال الواحات من مختلف البلدان.
وفي كلمة له، أشاد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، بالأهمية التي يوليها الملك محمد السادس للحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي، مؤكدا ضرورة تكثيف الجهود في مجال البحث العلمي والتقني الرامية إلى إيجاد تدابير وحلول وقائية أكثر فعالية لتمكين الواحات من التكيف مع التحديات التي تواجهها والتغلب عليها.
وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن الموضوع الذي اختير لهذه الندوة يكتسي أهمية بالغة، وذلك لأن الواحات تشكل نُظُماً اقتصادية واجتماعية وبيئية متداخلة وذات طابع خاص، كما أنها تنبع من أعماق التاريخ البشري وتعبر عن تراكم معرفي متواصل توارثته الأجيال وتفاعل مع الأزمان ليعطي ويأخذ من تسلسل وتعاقب الثقافات.
واستحضر محمد صديقي، في كلمته، الاعتراف الأخير (22 2023) لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بواحة فكيك وواحة أيت صواب-أيت منصور كنظم للتراث الزراعي ذات أهمية عالمية؛ وهي نظم إيكولوجية زراعية تسكنها مجتمعات محلية تعيش في علاقة معقدة مع أراضيها، مضيفا أن هذه المواقع التي تتطور باستمرار هي نظم تتمتع بالقدرة على الصمود وتتميز بتنوع بيولوجي زراعي رائع، ومعارف تقليدية، وثقافات ومناظر طبيعية لا تقدر بثمن.
ولم يخف المسؤول الحكومي ذاته المخاطر المحدقة بالواحات في الوقت الحالي، إذ قال: “إن الواحات أصبحت في وقتنا الحاضر تواجه تحديات كبيرة لم يسبق لها مثيل، تكاد تعصف بكيانها وتواجدها، وهذا الوضع يرجع إلى اختلال التوازنات التي كانت تضمن عطاءها واستمرارها، والمرتبطة بعدة عوامل، منها على وجه الخصوص تلك الناتجة عن التغيرات المناخية والاقتصادية والاجتماعية”.
وأكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن “الواحات بالمغرب تغطي حوالي 60 ألف هكتار، وتعد مستقرا لثروة بيولوجية متنوعة غنية، تبعث على التفاؤل والتطلع للمستقبل برؤى التنمية المستدامة الشاملة”، مضيفا: “الواحات من خلال تموقعها الجغرافي، واحتواء ساكنة مرتبطة بثقافتها وتقاليدها وكيانها، تعد من الأولويات التنموية التي نسعى جميعا إلى دعمها والرقي بها، آخذة بعين الاعتبار كل الإكراهات المتواجدة ومستغلة كل المؤهلات والفرص المتوفرة”.
وتطرق محمد صديقي، في الكلمة نفسها، للعديد من المواضيع، لاسيما وضعية الواحات على المستويين الوطني والدولي، وتدبير المياه والتربة، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والتثمين والاقتصاد الاجتماعي للواحات، وإدماج البعد البيئي والنوع؛ بالإضافة إلى الحكامة والتنمية المجالية.
وبلغة الأرقام، كشف المتحدث ذاته أن مخطط “المغرب الأخضر” مكن من زراعة ما يفوق 3 ملايين نخلة، منها 2 مليون خصصت لإعمار الواحات القديمة، وكذلك وضع مخازن لتخزين وتبريد ما يناهز 10% من الإنتاج الذي بلغ 149.000 طن.
وبعد أن رصد الإنجازات التي تحققت لتنمية الواحات، وعرض الآفاق التي سطرتها إستراتيجية “الجيل الأخضر” التي وضعت تنمية سلسلة النخيل ومنظومتها في قمة الأولويات، عبر برنامج طموح لغرس 5 ملايين نخلة في أفق 2030، والبرامج المرافقة، أكد الوزير على ضرورة تعاون وانخراط جميع الفاعلين وتقديم اقتراحات من أجل تدبير مندمج ومستدام لمناطق الواحات للحفاظ على هذه النظم الإيكولوجية الفريدة.
ويشكل المؤتمر، الذي يستمر لمدة يومين، منصة لتبادل المعرفة وعقد اتفاقيات شراكة، لاسيما دولية، وتعزيز الحلول التقنية والاقتصادية المستدامة للحفاظ على الواحات ونخيل التمر وتدبيرها؛ فضلا عن التبادل حول فرص وإمكانات التنمية الفلاحية المندمجة بهذه المجالات، لاسيما عبر تنمية سلسلة نخيل التمر.
ويهدف هذا الموعد، حسب اللجنة المنظمة، إلى تقييم المعرفة المكتسبة في مجال تنمية مناطق الواحات، وتحليل المميزات والإكراهات؛ بالإضافة إلى آليات دعم التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون العلمي، وتطوير رؤية للتدبير المستدام لهذه النظم البيئية الثمينة.
المصدر: وكالات