أكد خالد آيت طالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن “الوقاية من تدخين النيكوتين بشكل عام، والسيجارة الإلكترونية بشكل خاص، بين فئات الأطفال والمراهقين والشباب حاضرة ضمن قائمة أولويات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية”، قبل أن يعدّد التدابير والجهود الرسمية في هذا الصدد التي “هي في طور التنزيل حاليا، أو المزمع اتخاذها، تتماشى أيضا مع التوجيهات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية 2023 Actions urgentes”.
جاء ذلك تفاعلا مع سؤال كتابي في موضوع “الانتشار المقلق والمخاطر الشديدة للسيجارة الإلكترونية على صحة الشباب والمراهقين والأطفال بالمغرب” للمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، مسجلا أن “تعزيز الصحة النفسية والوقاية من اضطرابات الإدمان على النيكوتين والسجائر الإلكترونية بين هاته الفئات من المحاور الاستراتيجية لـ”البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية” و”الاستراتيجية الوطنية لصحة اليافعين والشباب” برسم الفترة 2022–2030، مردفا: “يتم في إطار كل من البرنامج الوطني لمحاربة التدخين والمخطط الاستراتيجي الوطني للوقاية والتكفل باضطرابات الإدمان برسم 2018–2022 محاربة هذه الآفة لدى باقي الفئات العمرية والتكفل بباقي التدابير ذات الصبغة التنظيمية والقانونية، بالتنسيق مع باقي الشركاء”.
وثيقة الجواب، التي تتوفر جريدة هسبريس على نسختها، استدلت بأن “النتائج المستخلصة من الدراسات (مثلا الدراسة الخاصة بالمشروع المدرسي للبحر الأبيض المتوسط حول الكحول والمخدرات الأخرى MEDSPAD) التي أجريت على المستوى الوطني بين الشباب في المدارس، أظهرت تدني سن التعاطي الأول للسيجارة الإلكترونية”.
أرقام دالة
تابع القطاع الوزاري الوصي على صحة المغاربة مستحضرا ما أبانت عنه “بشكل خاص دراسة (MEDSPAD) الوطنية الأخيرة لعام 2021 –التي أجريت في صفوف أطفال المدارس الذين تتراوح أعمارهم بين 15و17 عاما–، بأن “السيجارة الإلكترونية هي الأكثر استخداما مقارنة بالسجائر العادية بين 15-17 سنة لكِلَا الجنسين (الذكور 2 في المائة، البنات 5 في المائة)”، مع أرقام دالة بأن “حوالي 7,7 في المائة استخدموها قبل سن العاشرة، و9,6 في المائة حصلوا عليها بين 10 و12 سنة، ثم 23.4 في المائة بين 13 و14 عاما، مقابل 60 في المائة عند 15 عاما وأكثر”.
“تؤكد منظمة الصحة العالمية أن حملات الترويج للسيجارة الالكترونية تستهدف الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين”، أوردت وزارة الصحة في جوابها، لافتة انتباه النائب واضع السؤال إلى أنه “قد ثبَتَ أن هذه السيجارة تولد مواد سامة؛ ومن المعروف أن بعضها يسبّب السرطان أو يزيد من خطر الإصابة بمشاكل في القلب والرئة. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن استخدام السجائر الإلكترونية يمكن أن يؤثر، أيضا، على نمو الدماغ ويؤدي إلى صعوبات التعلم لدى الشباب.
بخصوص التدابير الوقائية والعلاجية التي تتخذها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية للتصدي لظاهرة تدخين النيكوتين والسيجارة الإلكترونية، أوضح آيت طالب أن الوزارة “عملت، منذ دق ناقوس الخطر ضد النيكوتين (2016 UNGASS) والسيجارة الإلكترونية من طرف منظمة الصحة العالمية (Rapport tabagisme 2021)، على إرساء استراتيجية شاملة ومتكاملة تجاوبا مع توصيات وكالات الأمم المتحدة في هذا المجال، تُمكّن من التحسيس بخطورة هذه الآفة، وتوفير الرعاية والخدمات الصحية من أجل الوقاية الشاملة من تدخين النيكوتين والسجائر الإلكترونية لدى فئة الأطفال والمراهقين والشباب، وكذا العلاج الطبي والنفسي، والحد من المخاطر المرتبطة بتدخينها.
وحسب الوزير، تعتمد الاستراتيجية الوطنية لصحة اليافعين والشباب برسم 2022-2030 مقاربة قائمة على بُعديْن “وقائي وعلاجي” و”تكويني ميداني”.
إجراءات 2024
خلال سنة 2024، في إطار خطة عمل “البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية”، تعمل وزارة الصحة لتحقيق “اتفاقية شراكة لمخطط العمل المشترك 2024-2026 حول الصحة المدرسية ستُوقّع بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة للاستجابة بطريقة فعالة لمختلف القضايا الصحية ولوقاية التلاميذ من أنواع عديدة من السلوكيات ذات الخطورة والسلوكيات الإدمانية بشكل عام والوقاية من تدخين السيجارة العادية والسيجارة الإلكترونية بشكل خاص”.
كما أقرت الوزارة “تعزيز مهارات المهنيين الصحيين في مكافحة الإدمان عن طريق توسيع نطاق برنامج التكوين المتخصص في مجال خدمات الاستشارة للإقلاع عن التدخين لفائدة المهنيين العاملين على مستوى فضاءات صحة الشباب ومراكز الصحة الجامعية”، مشيرة إلى أنها ستقوم بـ”إنشاء خط مساعدة لدعم اليافعين والشباب الذين يعانون من مشاكل نفسية أو السلوكيات الإدمانية”.
الوقاية ثم العلاج
في إطار البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية والاستراتيجية الوطنية لصحة اليافعين والشباب (2030-2022) ومن أجل الوقاية وتحسين الولوج للعلاج من الإدمان على النيكوتين والسجائر الإلكترونية، “توفر فضاءات صحة الشباب ومراكز الصحة الجامعية إلى جانب خلايا الإنصات والتوجيه والدعم النفسي خدمات الاستشارة في علم النفس والاستشارة للإقلاع عن تدخين النيكوتين والسجائر الإلكترونية”.
وعددت الوزارة حصيلة البرنامج سالف الذكر عبر “خلق دينامية جديدة لمحاربة ظاهرة تدخين النيكوتين والسجائر الإلكترونية في الوسط الجامعي عبر إطلاق مشروع مؤسسات التعليم العالي بدون تدخين “PEEST” على هامش الأسبوع الوطني للصحة الجامعية برسم سنة 2022-2023 والمنظم بين 21 و26 نونبر 2022 حول مكافحة الإدمان في الوسط الجامعي من أجل التقليص من فرص تدخين السيجارة العادية والسيجارة الإلكترونية الأولى وللحد من أضرار التدخين المباشر وغير المباشر بين صفوف الطلاب من خلال الالتزام بوضع 10 معايير من قبل مؤسسات التعليم العالي المنضوية تحت لواء المشروع للحصول على علامة الجودة الصحية”.
وحسبها، “تتمحور جل المعايير حول خلق بيئة خالية من التدخين بنسبة 100 في المائة مع العمل على توفير خدمات الاستشارة للإقلاع عن تدخين السيجارة العادية والإلكترونية، كما هو منصوص عليه في المعيار الثامن من خلال وضع مسلك للعلاج بين المراكز الطبية الجامعية وفضاءات صحة الشباب من جهة ومراكز العلاج من الإدمان ومؤسسات الرعاية الصحية الأولية المتوفرة على خدمات الاستشارة للإقلاع عن التدخين، من جهة أخرى”.
“وضع مقاربة دعم الكفايات النفسية–الاجتماعية كوسيلة لتطوير مهارات الأطفال واليافعين والشباب في التأقلم وحل المشاكل ومهارات التواصل مع الآخرين، وتعلم كيفية إدارة العواطف للوقاية من الإدمان على النيكوتين ولضبط الرغبات أمام السيجارة الإلكترونية ذات المنكهات الجذابة”، إجراء آخر تعمل عليه وزارة الصحة ضمن البرنامج المذكور الذي وضَع “خلايا للإنصات والتوجيه والدعم النفسي على مستوى فضاءات صحة الشباب البالغ عددها 24 فضاء والمراكز الطبية الجامعية البالغ عددها 36 مركزا”.
وتم وضع “دليل للبرتوكولات العلاجية الأولية بخصوص الاضطرابات النفسية العصبية وتلك المتعلقة بالإدمان بشكل عام والوقاية من تدخين السيجارة العادية والسيجارة الإلكترونية بشكل خاص” لفائدة المراكز الصحية غير المتخصصة (كفضاءات صحة الشباب ومراكز الصحة الجامعية، بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية).
كما قامت الوزارة بـ”إجراء بحث عملي حول استخدام البيانات المحلية في التخطيط لتعزيز صحة المراهقين باستخدام البيانات الصحية؛ وذلك من أجل توليد معلومات عن صحة المراهقين من خلال المسوحات المدرسية التي سيتم استخدامها بشكل مباشر ومحلي للتخطيط للبرامج والسياسات والتغييرات الهيكلية لتحسين صحة التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و17 سنة في المغرب وجعل كل مدرسة “مدرسة مُعزِّزة للصحة” مع “إنشاء مقياس الصحة ورفاه المراهقين والشباب بهدف تحسين معرفتنا بالمؤشرات وبالسلوكيات الصحية لهذه الفئة”.
المصدر: وكالات