صدرت ضمن العدد 55 من “دفاتر التخطيط” (Les Cahiers du Plan)، التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط، ورقة علمية بعنوان “نقاش حول ديناميات الانتقال الطاقي من خلال الغاز الطبيعي”، جاءت نتيجة مجهود بحثي مشترك بين ثلاثة أساتذة.
وفي ملخص مرفق تمهيداً لمضامين الدراسة، التي جاءت في 20 صفحة باللغة الفرنسية، اعتبر الباحثون أن نتائج العمل المقدَّمة في هذه الورقة- المقالة العلمية تُعد “نتاج برنامج بحثي حول دور استهلاك الغاز الطبيعي في التحول والانتقال الطاقيَيْن”.
“وبعد مراجعة شاملة وإشكالية للأدبيات المتعلقة بإنجازاتها وخلافاتها وأوجه قصورها”، أوضح مؤلفو المقالة العلمية، التي تتوفر عليها جريدة هسبريس، أنهم “يقترحون ثلاثة أنواع من النماذج الاقتصادية تتجاوز التحديد الكلاسيكي لتأثير السعر/ المداخيل من أجل استكشاف وجود آليات وعوامل أخرى من المفترض أن تُسعف في فهم أفضل لمجمل تحديات الانتقال الطاقي”.
الورقة البحثية سهِر على تأليفها ثلاثة أساتذة باحثين مختلِفي التخصصات، هم سعيد حنشان عن مختبر البحث في “الاقتصاد الصناعي والنهضة في إفريقيا” بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ومدرسة “باريس- تيك للمناجم”، ومحمد جواد مالزي من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إضافة إلى عزيز الطاهير عن جامعة محمد الخامس بالرباط.
ولفت مؤلفو الدراسة، التي جاءت مقسمة إلى ثلاثة أجزاء أو محاور أساسية، الانتباه إلى أن “هذه التحديات تهم، أولا وقبل كل شيء، الأبعاد الديموغرافية”، مُسجلين بأسف بأنه “تم تجاهلها إلى حد كبير في العديد من الدراسات السابقة” التي تطرقت إلى الموضوع.
وفي الجزء الثاني أجرى المؤلفون “تقييما دقيقا لأبرز آثار السياسات البيئية العمومية” قصد “الوقوف على مدى فعاليتها”، من خلال اللجوء إلى متغيرات ومؤشرات قياس ذات بُعدَيْن؛ يسمح الأول بوضعه في “هيكل دينامي أكثر تعقيدًا لالتقاط تطور دالّة استهلاك الغاز بشكل أفضل مع مرور الوقت. يعتمد ذلك على تفكيك زمني بين المدييْن القصير والبعيد”. أما البعد الثاني فيتمثل، حسب المصدر ذاته، في “إثراء مواصفاتنا من خلال مراعاة متغيِّر (variable) يجسد تأثير السياسات العمومية البيئية”.
وخلصت الورقة البحثية إلى استكشاف “إطار عام أكثر دقة وواقعية من خلال تحديد دالّة الطلب غير الخطّي على الغاز الطبيعي؛ من خلال نماذج غير مَعلمية وشبه معلمية على البيانات الطولية المجمَّعة من أجل تحديد أفضل وأنسب لكل المراحل والمسارات غير المتجانسة التي تتضمنها عملية الانتقال الطاقي”.
وذهبت الدراسة ذاتها إلى تسليط الضوء على “العديد من الروافع لتنفيذ السياسات العمومية بما يتماشى مع قضية تحول الطاقة وانتقالها، سواء بالنسبة للبلدان المتقدمة أو البلدان الناشئة أو السائرة في طريق النمو مثل المغرب”.
سياق الدراسة
تندرج هذه المقالة، حسب مؤلفيها، في نطاق الأبحاث الحديثة حول “اقتصاد الطاقة والبيئة”، لافتين الانتباه إلى “تطوير العمل الذي يتم في هذا الاتجاه في سياق يتميز بطلب قوي على الطاقة والتحديات المتعلقة بشكل أساسي بالتغير المناخي والاحترار العالمي”.
وسجل الباحثون أن “اقتصاد الطاقة والبيئة يتمحور، اليوم، من بين أمور أخرى، حول قضيتيْن أساسيتين؛ الأولى تتعلق بأمن الإمدادات، والثانية تتصل بمسألة الانتقال الطاقي”.
“وعلى الرغم من كونهما مسألتين مترابطتيْن جوهريًا ومنفصلتين بشكل ديالكتيكي”، فإنه “يجب ملاحظة أنه عندما نفحص الأدبيات والدراسات بطريقة دقيقة وصارمة، فإننا ندرك أن أهداف الطاقة والاهتمامات الرئيسية تسير في اتجاهين: تكييف عملية الإنتاج مع أنماط الاستهلاك وملامح المستهلك؛ ثم التحول إلى مصادر الطاقة التي تنبعث منها كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون”.
الباحثون خلصوا، ضمن تقييم تحقيق هذين الهدفين، إلى أنه “ثبت أن تحليل سلوك استهلاك الطاقة هو شرط أساسي لا مفر منه من أجل تسليط الضوء على الأسئلة الأساسية التي تميز الآليات الاجتماعية والاقتصادية لنماذج الطاقة المطبقة عالمياً”.
أبرز النتائج
من أبرز النتائج التي توصلت إليها أبحاث مؤلفي الدراسة أنه “إلى جانب تأثير السعر وتأثير الدخل، لا يمكن تجاهل الأبعاد الديموغرافية من أجل فهم أفضل لمسار دالة استهلاك الغاز الطبيعي”. كما تبيَّن أن “تحديد الديناميات قصيرة وطويلة المدى ضروري لتتناسب بشكل أكبر مع هذا المنظور الأخير”.
كما أكدوا أنه “في ضوء عملنا يمكن الحكم على الغاز الطبيعي كمصدر للتحول نحو الطاقات المتجددة”، موصين بـ”تسهيل استخدام الغاز من خلال سياسات عمومية تحفيزية”.
المصدر: وكالات