اقترحت ورقة بحثية لمجموعة من الباحثين تدريب الأطر الصحية غير المتخصصة في الطب النفسي الذين لديهم “صلاحية” وصف بعض الأدوية المنتمية إلى عائلة المؤثرات العقلية، بالنظر إلى “الفجوة التي يمكن أن تضعف من قدرتهم على تقديم الرعاية الكافية للمرضى”، مضيفة أنه لا بد من تعزيز حظوظ الطب النفسي في مرحلة التكوين الجامعي وتكييف التكوين في مجال الطب بشكل مستمر مع الاحتياجات المحددة والتخصصات المفضلة للأطباء غير النفسانيين.
وأوضحت الورقة البحثية، المعنونة بـ”وصف الأدوية المتعلقة بالطب النفسي من قبل (الأطباء) غير المتخصصين في المغرب.. الممارسات الحالية والاحتياجات في التكوين”، أن تقوية هذا النوع من التخصصات في التعليم الجامعي في الطب “سيضمن (للأطباء) الاستمرار في تحديث الإرشادات والتوصيات الحالية؛ وبالتالي تحسين مشاركتهم وفعاليتهم في إدارة الاضطرابات العقلية من الناحية الطبية بشكل جيد”.
وشملت الدراسة ما مجموعه 150 مشاركا، وتوصلت الورقة إلى أن معظم هؤلاء لم يكونوا متوفرين على العديد من المعارف والمواقف والممارسات المتعلقة بوصف المؤثرات العقلية والوصفات الطبية، حيث لم يكن معظمهم على دراية بمتوسط مدة العلاج لاضطرابات الاكتئاب (61.3 في المائة) ومدة العلاج من الأرق بالمنومات (81.3 في المائة)”، مضيفة أن جلهم (82 في المائة) لم يكن على علم بإمكانية وصف السيرترالين للمرضى المسنين، كما لم يكن 89.3 في المائة على علم بأنه من الآمن وصف هذا الأخير أثناء الحمل.
وكشفت الدراسة أيضا أن نحو النصف من المستجوبين (46 في المائة) أفادوا بأنهم لم يصفوا قط دواء ينتمي إلى عائلة المؤثرات العقلية؛ وكشف 43.3 في المائة أنهم وصفوها أقل من مرة في الأسبوع.
وواصلت الورقة عرض خلاصاتها، حيث إن حوالي 22.7 في المائة من المشاركين لم يشعروا بالارتياح عند وصف أدوية ضمن فصيلة المؤثرات العقلية؛ بينما شعر 18.6 في المائة فقط بنوع من الراحة عقب القيام بالأمر.
وبيّنت الورقة، التي طالعتها هسبريس، أن حصة الأسد من الأدوية من هذا النوع التي وصفت كانت من نصيب التعاطي مع اضطراب القلق، حيث يمثل 30.7 في المائة من الوصفات الطبية، مشددة على أن المؤشرات الأكثر شيوعا في ما يتعلق بهذه الوصفات قد همت بكثرة وصفات للقلق بنحو 35.3 في المائة والأرق بنحو 34.7 في المائة والاكتئاب بنحو 31.3 في المائة.
وقالت الورقة سالفة الذكر إن “معظم المشاركين فشلوا في تحديد معاني الإدارة الصحيحة للاضطرابات العقلية الشائعة، مع أن هذا ليس جديدا وتم الإعلان عليه في دراسات أخرى”.
وأضافت أن “هذا النقص في المعرفة يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على المرضى وأنظمة الرعاية الصحية على حد سواء. ويمكن أن تزيد تقديم وصفات غير مناسبة من خطر الآثار والمضاعفات الضارة، مما يؤدي إلى معاناة طويلة للمرضى وربما تفاقم أعراضهم”.
على سبيل المثال، أورد المصدر أن الاختيار غير الكافي للأدوية أو عدم التعاطي بدقة مع مدة العلاج يمكن أن يؤديا إلى تعريض المرضى لخطر الإصابة بنوبة اكتئاب أخرى”، مبرزا أن “ذلك يشكل أيضا مصدر قلق خاص للفئات الحساسة من قبيل المسنين أو الحوامل”، فـ”اختيار الأدوية بدقة لهاته الفئات يمثل أمرا بالغ الأهمية؛ بالنظر إلى وجود أمراض مصاحبة محتملة، وخطر التفاعلات الدوائية، إلخ”.
وعلاوة على ذلك، شددت الدراسة على أن “عدم كفاية إدارة اضطرابات الصحة العقلية من طرف أطباء غير متخصصين يمكن أن يؤدي إلى إجهاد في موارد الرعاية الصحية ويفاقم حدة التفاوتات في الوصول إلى الحماية الصحية الجيدة”، مشيرة إلى “احتمال معاناة المرضى من تماطل في تلقي العلاج المناسب، مما يفضي إلى إنعاش طويل الأمد للمرض وزيادة في تكاليف الرعاية الصحية بسبب الحاجة إلى استشارات وتدخلات إضافية”.
تجدر الإشارة أن حوالي 53.3 في المائة من عينة الدراسة من جنس الإناث بينما مثل جنس الذكور 46.7 في المائة؛ فيما خضع معظم المشاركين (92 في المائة) لتدريب طبي في المغرب. وكان 105 من المستجوبين (70 في المائة) متخصصين طبيين، و45 (30 في المائة) كانوا جراحين، وعمل حوالي نصف المشاركين في القطاع الخاص (48 في المائة) و31.3 في المائة لديهم أكثر من 20 سنة من الخبرة.
المصدر: وكالات