اعتبر محسن الجازولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، أن الإستراتيجية الحكومية الرامية إلى تعبئة استثمارات في حدود 550 مليار درهم بين 2023 و2026، بشكل يساعد على توفير 500 ألف فرصة عمل خلال الفترة ذاتها، تتطلب “التحالف بين القطاعيْن العام والخاص والبنوك والمجالات الترابية لبلوغ تلك الأهداف”.
مناخ أعمال “نزيه”
متحدثا أمام أزيد من 350 مشاركا في أشغال “المؤتمر الوطني حول مناخ الأعمال” المنعقد تحت شعار: “جيل جديد من الإصلاحات”، شدد الجازولي على أن الاستثمار المنتج يجب أن يساعد على “تمويل الدولة الاجتماعية وخلق القيمة المضافة وتوفير فرص عمل قارة تتوفر فيها الجودة”.
“مازال يتوجّب فعل الكثير بهدف تحسين مناخ الأعمال وتحرير الطاقات في مجال الاستثمار بالمغرب وخلق جيل جديد من المقاولين والمستثمرين”، يؤكد المسؤول الحكومي، مستعرضاً أمام رجال الأعمال الحاضرين من ممثلي البنوك والفاعلين الخواص والعموميين “ركائز تحسين مناخ الأعمال”.
في السياق ذاته، لفت الوزير المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية إلى أن “الحكومة الحالية، حين صياغتها مضامين خارطة طريق تحسين مناخ الأعمال لم تُغفل -على هذا المستوى– دور النزاهة والوقاية من الرشوة”، منوّهاً بخروج المغرب، فبراير الماضي، من اللائحة الرمادية لمحاربة تبييض الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
رافعة للاستثمار المنتج
في معرض كلمته، جعل جازولي “تحسين مناخ الأعمال رافعة ضرورية إذا أراد المغرب إضفاء دينامية جديدة على الاستثمار الخاص”، مثيرا انتباه الفاعلين، في الآن نفسه، إلى “تحسين مردودية الاستثمارات وجذبها”، وزاد موضحا بهذا الشأن: “المردودية لا يمكن أن تكون المقياس الوحيد للاستثمار المنتج.. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية والاستدامة”.
وبسَط الوزير مخطط عمل قطاعه بتنسيق مع الوزارات المعنية، إذ يرتكز على ثلاث ركائز ودعامة رابعة و10 أوراش ذات أولوية؛ بيد أنه شدد أساسا على الركيزة الأولى الرامية إلى “تسهيل الفعل المقاولاتي والاستثمار”، عبر تفعيل جميع المقتضيات الواردة في الميثاق الجديد للاستثمار، وإحداث المقاولات عبر الوسائل الإلكترونية وتحسين الولوج للصفقات العمومية، خاصة بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار المتحدث، تبعاً لذلك، إلى “تقليص آجال الأداء، وتسريع ورقمنة المساطر الإدارية”، معلنا عزم وزارته إحداث “مرصد للاستثمار ومناخ الأعمال” بالمغرب.
مخرجات الورشات
أشغال اللقاء السنوي للجنة الوطنية لمناخ الأعمال (CNEA) أغنَتْهـا فعالياتُ ثلاث ورشات نقاش (panels)، جرت أطوارها بحضور أخنوش، رئيس الحكومة، بمعية وزراء قطاعات بارزة، وخُصصت لإثراء النقاش حول مواضيع متعددة؛ أولها حمل عنوان “العقار التنافسي قابل للتعبئة في خدمة الاستثمار المنتِج”.
وتميزت هذه الورشة بمشاركة وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، فضلا عن المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية؛ حيث تحدث مزور عن “مخطط حكومي لتسريع تنمية المناطق الصناعية عبر مقاربة ترابية”، بعد تقوية الإطار التشريعي الخاص بها ونشر نصه في الجريدة الرسمية.
الورشة الثانية المعنونة بـ”بيئة مواتية لريادة الأعمال وتحرير إمكانات المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة” قاربت هذا الموضوع بمشاركة فاعلة من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري.
وبالمناسبة أورد السكوري: “الحكومة ستتكفّل بمصاريف الكراء بالنسبة للمقاولات لنقلها من الاقتصاد غير المهيكَـل إلى الاقتصاد المهيكل”، لافتا إلى أن “سقف دعم الكراء يبلغ 10 آلاف درهم على مدار السنة، مع مساهمة تصل إلى 50 في المائة”.
وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى لم يُخف عزم الحكومة “التكفل، أيضا، بأداء مصاريف جميع العمليات المتعلقة بالمحاسبة والتمويل الخاصة بهذه المقاولات، بتمويل يصل إلى 10 آلاف درهم بالنسبة للمقاولات الصغرى وكذا المقاولين الذاتيين”.
بينما ناقشت الورشة الثالثة “تبسيط الإجراءات الإدارية من أجل تحسين مسار المستثمر”، بمشاركة غيثة مزور، وزيرة إصلاح الإدارة والانتقال الرقمي، التي أعلنت من منصة المناظرة أرقاما دالة تتعلق بمخرجات عمل ميداني وقانوني مع المراكز الجهوية للاستثمار بالجهات الاثنتَي عشرة للمملكة.
وقالت مزور بحضور مقاولين وممثلي البنوك بالمغرب: “تم تقليص مسار المستثمر أو رائد الأعمال من حيث عدد الوثائق المطلوبة، بينما تم تبسيط أكثر من عشرين مسطرة إدارية وجرى حذف عدد آخر…”، مشددة على أن “الوقت الذي كان يمضيه المستثمر بين الإدارات قد تقلص فعلياً بنسبة النصف”.
يشار إلى أن هذه المناظرة شكلت “محطة متميزة” لتقديم خارطة الطريق الإستراتيجية الجديدة التي أعدتها الحكومة لتحسين مناخ الأعمال في أفق سنة 2026.
وخلص المتدخلون في اللقاء ذاته إلى ضرورة تحسين مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمار لتحقيق هدف تعبة 550 مليار درهم من الاستثمار الخاص وخلق 500 ألف منصب شغل قار ما بين 2022 و2026، الذي سبق أن أعلنه الملك محمد السادس وطالب الحكومة بترجمته فعلياً بتعاون مع القطاعين الخاص والبنكي.
المصدر: وكالات