كانت واحة “تغيا” بمركز جماعة تزارين (إقليم زاكورة) قبل عقدين من الزمن تشتهر بإنتاجها الوفير من التمور، قبل أن تصبح اليوم في خبر كان بسبب الجفاف والتغيرات المناخية، ما جعل الفلاحين في المنطقة يؤكدون أن معركتهم لإبقاء النخيل على قيد الحياة “خاسرة”.
وتضررت هذه الواحة التي تقع على مشارف مدخل مركز جماعة تزارين، بفعل عوامل الجفاف والتغيرات المناخية، وأيضا بسبب العامل البشري (عدم الاهتمام)، الأمر الذي دفع بالعديد من الهيئات المدنية إلى مطالبة الدولة، وخاصة وزارة الفلاحة ووزارة التجهيز والماء، بالتدخل من أجل بناء سد بمنطقة “زاول”، لإعادة إحياء هذه الواحة الفريدة من نوعها.
وحسب ما عاينته جريدة هسبريس الإلكترونية، من خلال صور ولقطات فيلمية، فإن الواحة أصبحت في خبر كان، ولم تعد قادرة على الصمود أمام الجفاف والتغيرات المناخية التي تسببت في ارتفاع درجات الحرارة. وفي المقابل استنكر العديد من الفلاحين غياب أي تحرك من قبل مسؤولي وزارة الفلاحة والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة.
خالد أيت بنحدو، فاعل مدني بتزارين، قال إن هذه الواحة “كانت من أهم الواحات بجهة درعة تافيلالت عموما وإقليم زاكورة خصوصا، وكانت تعتبر من المواقع السياحية الإيكولوجية التي يتوافد عليها السياح من كل حدب وصوب من المغرب والخارج”.
وأضاف أيت بنحدو، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الواحة التي تقع في موقع مميز كان تلعب دورا مهما في السياحة والفلاحة”، مؤكدا أن “إهمالها تسبب في أضرار كبيرة للاقتصاد المحلي، وكان له أثر سلبي على المنطقة، خاصة أنها كانت أيضا متنفسا للساكنة والزوار”، بتعبيره.
“واحة تغيا أقمنا جنازتها”
في وقت تحاول الدولة، ممثلة في القطاعات الحكومية المعنية، إعادة إحياء وتطوير عدد من الواحات بالجنوب الشرقي للمغرب، أكد أعبو كريم، فاعل جمعوي بتزارين، أن “واحة ‘تغيا’ لم تعد قادرة على الصمود، فنسبة تقدر بـ 98 في المائة من أشجارها ماتت، ولن تعود إلى الحياة مرة أخرى”، وفق تعبيره.
وأضاف أعبو، في تصريح لهسبريس، أن “الفلاحين ومعهم ساكنة جماعة تزارين صلوا صلاة الجنازة على هذه الواحة منذ سنوات”، وزاد: “نحمل المسؤولية عن تضرر باقي الواحات للمسؤولين الذين لم يبادروا للبحث عن الحلول الممكنة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.
وطالب المتحدث ذاته عامل إقليم زاكورة، فؤاد حجي، بإيفاد لجنة مختلطة إلى واحة “تغيا” من أجل البحث عن حلول سريعة لإعادة إعمارها، وبناء سدود في المنطقة من أجل استدامتها والحفاظ عليها، موردا أن “هذه الواحة يجب أن تعود إلى ما كانت عليه سابقا”.
سد “زاول” مطلب ملح
لم يخف عدد من المواطنين الذين قابلتهم جريدة هسبريس الإلكترونية، صباح اليوم الجمعة بالواحة سالفة الذكر، أن بناء سد “زاول” أصبح من المطالب الملحة لساكنة الإقليم عموما وليس ساكنة مركز تزارين فقط، مشيرين إلى أن السد المذكور من شأنه أن يساهم في إعادة الحياة إلى الواحات المتضررة، وضمان استقرار الساكنة التي أصبحت تفضل الهجرة.
وفي هذا الإطار يقول لحسن رابح، أحد سكان الواحة، إن “المنطقة تعاني بشكل عام من جفاف خطير تسبب في زوال عدد من الواحات التي عمرت طويلا”، مضيفا أن “واحة ‘تغيا’ من بين الواحات التي كانت تشتهر بها المنطقة، واليوم أصبحت مجرد منطقة جرداء قاحلة تبكي أهلها وزوارها”، وفق تعبيره.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الدولة ممثلة في وزارة الفلاحة والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، وكذلك الوكالة الوطنية للمياه والغابات، ملزمة بالتحرك بشكل عاجل من أجل دراسة الوضع في المنقطة، وإعطائها ما تستحقه من العناية اللازمة، والتركيز على بناء سدود كبرى ومتوسطة وصغرى”، على حد قوله.
كما أكد رابح، في تصريحه لهسبريس، أن “جماعة تزارين تحتاج إلى سدين كبيرين ومهمين، الأول في منطقة ‘زاول’ بمدخل تزارين جهة النقوب، مع سد بأمان نتدارت التابع لدوار تيمارغين، الذي سيمكن من إنعاش الفرشة المائية لجميع الدواوير الموجودة على طول المنطقة من النقوب إلى تغبالت”، بتعبيره.
المصدر: وكالات