سلط مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة الضوء من جديد على مدى مساهمة التشريع القانوني في التخفيف من منسوب الجرائم المرتكبة بالمغرب، وبالتالي تطوير أداء منظومة العدالة الجنائية الوطنية في المستقبل، نظراً إلى اكتظاظ المؤسسات السجنية الذي بات يؤرق الحكومة.
وتستعد وزارة العدل لعرض مشروع القانون سالف الذكر على مسطرة المصادقة سعياً منها إلى التقليص من أعداد السجناء، وتوفير تكاليف معيشتهم داخل أسوار السجن، تنفيذاً لمخرجات النقاشات العالمية في مجال الحقوق والحريات العامة.
وتهدف العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، حسب الخبراء القانونيين، إلى تحديث المنظومة التشريعية وضمان المحاكمة العادلة، إلى جانب إعادة النظر في السياسة العقابية في المجال الزجري، على اعتبار أن إحصائيات وزارة العدل تشير إلى أن ما يفوق أربعين في المائة من السجناء محكومين بمدة تقل عن سنتين.
وتتضمن العقوبات البديلة العديد من التدابير العملياتية التي تهمّ العمل لأجل المنفعة العامة، وتطبيق الغرامات المالية بدل العقوبة السالبة للحرية، وتنفيذ نظام المراقبة الإلكترونية في حق السجين، وفرض تدابير رقابية أو تأهيلية أو علاجية على المحكوم عليه.
وبالنسبة إلى عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، فإن “العقوبات البديلة مقاربة موضوعية في سياق تطور منظومة القانون الجنائي المغربي، حيث لا بد أن نتذكر كيف تطورت العقوبات على المستوى العالمي من بدنية إلى سالبة للحرية، ثم تطورت إلى عقوبات بديلة”.
وأوضح الخضري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المشرع المغربي ظل مترددا سنوات عديدة قبل اعتماد هذه المقاربة في التشريع المغربي، مقارنة مع بعض الدول العربية (مصر، البحرين، الجزائر، لبنان)”، مبرزا أن “العمل بمبدأ العقوبات البديلة من شأنه أن يساعد على التصدي لظاهرة الاكتظاظ الذي تعرفه السجون المغربية”.
وشرح الحقوقي وجهة نظره بالقول: “ستساعد أيضا بشكل كبير في تفادي تداعيات حبس مذنب في قضية بسيطة نسبيا على بيئته الاجتماعية والمهنية، وربما على صحته ومستقبله، لكون الاعتقال كثيرا ما تستتبعه مشاكل أخرى يصعب ترميمها، وبالتالي يمكن القول بأن العقوبات البديلة تحافظ على حرية الإنسان وعلى كرامته، كما تساعد في تهذيب المذنب بطريقة سلسة دون انتقام أو قسوة”.
أما مراد العجوطي، رئيس نادي المحامين بالمغرب، فأورد أن “اعتماد العقوبات البديلة أصبح ضرورة ملحة في المغرب بسبب الاكتظاظ الذي تعرفه سجون المملكة”، مسجلا “وجود تأخر في إقرار العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية بالمقارنة مع عدد من البلدان التي تبنتها”.
ولفت العجوطي، في حديث لهسبريس، إلى أن “التشريع القانوني يحمل إيجابيات كثيرة على المجتمع من خلال أعمال المنفعة العامة التي سيقوم بها الأشخاص الذين حكم عليهم بمخالفات وجنح بسيطة، حيث ستستفيد منها جمعيات المجتمع المدني والإدارات العمومية”.
واستطرد بأن “الغرامات المالية التي سيؤديها المحكوم عليهم ستسهم كذلك في إنعاش خزينة الدولة عوض زيادة مصاريف تدبير المؤسسات السجنية، بينما سيتم تفعيل السوار الإلكتروني في حق الأشخاص المرتكبين للجنح”، ليخلص إلى أن “القرار ينبغي أن يعهد إلى لجنة متخصصة في دراسة سلوك السجين، وكذا وسطه الاجتماعي، ومدى توفره على المعايير الموضوعة للاستفادة من العقوبات البديلة”.
المصدر: وكالات