أبدت دول عديدة، من بينها روسيا وكوريا الجنوبية، رغبتها في توقيع اتفاقيات تبادل حر مع المغرب، في وقت ترتبط فيها الرباط باتفاقيات مع أكثر من 50 بلدا؛ لكنها تسجل في أغلبها عجزا في الميزان التجاري.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أول شريك تجاري للمملكة ويرتبط معه باتفاق للتبادل الحر، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، واتفاقية التجارة الحرة بين الدول العربية المتوسطية (إعلان أكادير) ضمنها مصر وتونس والأردن، إلى جانب سويسرا والنرويج.
حسب أرقام مكتب الصرف لسنة 2022، فإن قيمة واردات المغرب من الخارج في إطار اتفاقيات التبادل الحر بلغت 207 مليارات درهم العام الماضي، بارتفاع سنوي قدره 20 في المائة، وكان جزء من ذلك مرتبطا بتداعيات التضخم.
وينجز المغرب أبرز وارداته في إطار التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي بحصة تناهز 66 في المائة، تليها الولايات المتحدة الأمريكية، ثم تركيا في المرتبة الثالثة.
وعلى مستوى المبادلات التجارية بصفة عامة، فإن المغرب يسجل عجزا تجاريا إجماليا مع دول الاتحاد الأوروبي بنحو 92.6 مليارات درهم العام الماضي، فيما يسجل فائضا مع فرنسا.
كما يسجل المغرب عجزا في الميزان التجاري مع الدول العربية الآسيوية بواقع 66.5 مليارات درهم، وهو الوضع نفسه مع دول المغرب الكبير ولو بعجز أقل بنحو 97 مليون درهم بالنظر إلى ضعف التجارة مع الجيران.
وفي علاقاته التجارية مع إفريقيا، نجح المغرب في تعزيز صادراته بشكل أهله إلى تسجيل فائض بنحو 12.2 مليار درهم العام الماضي.
وكان العجز التجاري الإجمالي للمغرب قد بلغ، العام الماضي، رقما غير مسبوق بنحو 311,6 مليارات درهم، نتيجة ارتفاع الأسعار الخاصة بعدد من المنتجات المستوردة على رأسها المحروقات.
سياسة الانفتاح وجذب الاستثمارات
محمد بادين اليطيوي، أستاذ جامعي متخصص في العلاقات الدولية ورئيس المركز المغربي للأبحاث حول العولمة، قال إن لجوء المغرب إلى توقيع اتفاقيات التبادل الحر مع عدد من الدول يأتي في إطار سياسة الانفتاح الاقتصادي والتجاري المعتمدة منذ عقود.
وذكر اليطيوي، في تصريح لهسبريس، أن الموقع الاستراتيجي للمملكة جعل عددا من الدول ترغب في توقيع اتفاقيات التبادل الحر، ناهيك عن الاستقرار السياسي الذي تنعم به البلاد والاختيارات الاستراتيجيات الملكية التي أثمرت عددا من البنيات التحتية الكبرى المهمة؛ مثل ميناء طنجة المتوسط، التي تتيح وصولا إلى السوق الإفريقية بسهولة.
وأشار رئيس المركز المغربي للأبحاث حول العولمة إلى أن “الجدوى حول توقيع اتفاقيات تبادل حر جديدة، رغم تسجيل عجز تجاري، هو نقاش مطروح منذ سنوات وتم بموجب ذلك تعديل الاتفاقية التي تربط الرباط بأنقرة”، وأضاف أن “الرهان بالنسبة للحكومات المتعاقبة بخصوص توقيع اتفاقيات هو التأكيد على أن المملكة منخرطة في العولمة الاقتصادية والانفتاح التجاري”.
وأوضح اليطيوي أن الاتفاقيات المتعلقة بالتبادل الحر التي وقعها المغرب مثلا مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وعلى الرغم من تسجيلها للعجز، لها إيجابيات على مستوى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ وهو الأمر الذي لا ينطبق كثيرا على حالة تركيا.
وترتبط تركيا والمغرب باتفاقية تبادل حر منذ 2006، تم تعديلها عام 2021 بطلب من السلطات المغربية بعدما تفاقم العجز التجاري مع أنقرة، حيث ارتفع قليلا العام الماضي إلى 26.8 مليارات درهم مقابل 23,3 مليارات عام 2021.
لكن الجانب الإيجابي في هذه العلاقات التجارية بين البلدين هو ارتفاع صادرات المغرب نحو تركيا بنسبة 56 في المائة خلال العام الماضي، حيث انتقلت صادرات الرباط نحو تركيا من 7,1 مليار درهم عام 2021 إلى 11,1 مليار درهم عام 2022.
ولمواجهة العجز المسجل في أغلب اتفاقيات التبادل الحر للمغرب، شدد اليطيوي على أهمية تطوير الاقتصاد الوطني، وخصوصا القطاع الصناعي، لزيادة القيمة المضافة العالية في الصادرات والعمل على تقليل الواردات من خلال دعم الإنتاج المحلي؛ وهي أهداف ممكنة التحقيق في إطار استراتيجيات على المديين المتوسط والبعيد.
المصدر: وكالات