تترقب الولايات المتحدة الأمريكية “الصعود الجديد” لرئيسها السابق دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري في منافسة المرشح الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن المحتمل خلال الانتخابات المقبلة شهر نونبر القادم، وهذا الترقب يهم أيضا دول العالم، ومنها المغرب.
وشكل انسحاب المنافس الأبرز لترامب رون ديسانتيس، حاكم فلوريدا، الأحد، مؤشرا حاسما على قرب عودة الرئيس السابق إلى حلبة المنافسة، رغم بقاء اسم نيكي هيلي في طريقه.
وتجمع استطلاعات الرأي الأمريكية على صعوبة فوز الرئيس الحالي جو بايدن بولاية جديدة، بعد إخفاقه في وقف الحرب في أوكرانيا، وتردي سياسته في حرب غزة التي جعلت الشباب الأمريكي ينفر منه، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.
في المقابل، تبدو الطريق أمام ترامب معبدة للإطاحة بجو بايدن، وهذا المؤشر قد يكون مرحلة جديدة لضخ المزيد من الأوكسجين في رئة العلاقات بين الرباط وواشنطن، التي تعيش على وقع “الستاتيكو” الديبلوماسي وغياب الالتزام الأمريكي الكامل ببنود الاتفاق الثلاثي، أولها فتح قنصلية واشنطن في الداخلة، في مقابل تصاعد التنسيق الأمني والعسكري.
ورقة إيجابية للمغرب
يحمل اسم دونالد ترامب “طابعا خاصا” في المغرب؛ فهو صاحب الاعتراف التاريخي بمغربية الصحراء، الذي حافظت عليه إدارة بايدن الحالية لكن بشكل “غير كامل تماما”، ما يعني أن ترامب ورقة إيجابية للرباط، وفق هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية والاستراتيجية.
وقال معتضد، في تصريح لهسبريس، إن “صعود ترامب للترشح للانتخابات يشكل مرحلة جد إيجابية بالنسبة للمغرب، وكسبه للاستحقاقات الرئاسية المقبلة سيعد أمراً فعالا ومفيدا للدولة المغربية وديناميكيتها على مستوى سياستها الخارجية”.
وأضاف: “عادة، الحزب الجمهوري له توجهات للسياسة الخارجية مبنية على الواقعية السياسية والبراغماتية الاقتصادية، بعيدا عن التدخل المؤسساتي والتنظير الديمقراطي والخطاب الحقوقي الذي يشكل عقل الديمقراطيين في تدبير الملفات الخارجية الأمريكية، وهو ما يخلق لهم مشاكل سياسية في ظل التحولات التي تشهدها الساحة العالمية وبروز التعددية القطبية كميزان جديد للعلاقات الدولية”.
هذا المعطى، بحسب الخبير في العلاقات الدولية والاستراتيجية، يشكل “فرصة جديدة” للدفع بالعلاقات المغربية الأمريكية إلى مزيد من التقدم بالسرعة السياسية التي يتطلع إليها المغرب، وتجاوبا مع الانتظارات التي تترقبها القوى الحية المغربية والأمريكية، خاصة فيما يتعلق التعاون عبر-الأطلسي والتنسيق الاقتصادي داخل الأسواق الإفريقية.
الأمر الآخر المنتظر من إمكانية دخول ترامب البيت الأبيض مجددا، هو “تعجيل تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتسريع تنزيل خريطة طريق التعاون المغربي الأمريكي في الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى افتتاح التمثيلية الأمريكية في الصحراء المغربية”، يورد معتضد.
الاعتراف الأمريكي هو الآخر سيكون بالسرعة المرتقبة في حالة فوز الرئيس الأمريكي السابق، إذ يؤكد المتحدث سالف الذكر أن “صعود ترامب سيدفع بالاعتراف السياسي للدولة الأمريكية بمغربية الصحراء لأخذ شكله الدبلوماسي الكامل، وتثبيت كامل أركان هذا الاعتراف بتنفيذ الشكليات الدبلوماسية والمؤسساتية المرتبطة بهذا الموقف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية”.
الخلاصة إذن، يقول معتضد هي أن “هناك توجها إيجابيا داخل حزب الجمهوريين بالنسبة لعلاقات واشنطن بالرباط، وهذا التوجه أكده ترامب خلال مرحلته الرئاسية، ومازالوا متشبثين به داخل أروقة مؤسسته الحزبية. وبالتالي، فالرباط ستطمئنها سياسيا عودة ترامب إلى الرئاسة وستدفعها لتبني خطاب أكثر واقعية مع إدارته بعيدا عن الدبلوماسية المؤسساتية التي تستعملها في روابطها مع الديمقراطيين وإدارة بايدن”.
دون آمال قوية
شريفة لموير، محللة سياسة، ترى أن صعود ترامب “يجب ألا يحمل آمالا قوية” بحل الملفات العالقة بين الرباط وواشنطن، قائلة: “من غير السليم التعويل على فوز الرئيس السابق وإمكانية أن يخدم ذلك الملفات العالقة بين المغرب وأمريكا، خاصة ونحن في ظل واقع تحكمه متغيرات جيو-سياسية”.
وأضافت لموير، في تصريح لهسبريس، أنه “لا يمكن إنكار أن صعود ترامب للترشح للانتخابات سوف يكرس استمرار مرحلة ايجابية للمغرب، لا سيما فيما يخص علاقته الثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية”، مبينة أن “الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء لا يحتاج إلى ترسيخ”.
وأوضحت المتحدثة أنه “طالما هناك اعتراف واضح، فهذا لا يحتاج إلى ترسيخ، باعتبار أن مسألة الاعتراف أصبحت قائمة منذ الإعلان عنها من الجانب الأمريكي، كما أن فوز ترامب من المتوقع أن يشكل استمرارية لهذا الوضوح فقط”.
وخلصت المحللة السياسية عينها إلى أن “النقطة المقلقة في فوز ترامب هي موقفه من الاحتلال الإسرائيلي بناء على تصريحاته السابقة، وبالتالي سوف تدخل المنطقة في مرحلة محتدمة ستنعكس ليس فقط على فلسطين، بل على كل الدول العربية”.
المصدر: وكالات