برزت في الآونة الأخيرة في جنوب الجارة الشمالية إسبانيا، بشكل لافت للأنظار، زراعة الفستق التي يعدها الخبراء مقاومة لموجات الجفاف، ولدرجات الحرارة المرتفعة في الصيف والمنخفضة في الشتاء.
وفي تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، نقلاً عن وزارة الزراعة الإسبانية، زادت الأراضي المخصصة لزراعة الفستق خمس مرات خلال سبع سنوات، لتصل إلى 80 ألف هكتار، مما جعل إسبانيا تتصدر الدول الأوروبية لناحية المساحات المزروعة بأشجار الفستق، وتحتل المرتبة الرابعة عالميًا بعد الولايات المتحدة وإيران وتركيا.
هذا التحول الزراعي في هذه المناطق التي تشهد تغيرات مناخية مشابهة لمناطق عديدة في المغرب، مثل تزايد معدل الجفاف ونقص المياه، يطرح تساؤلات بشأن إمكانية تفكير المزارعين المغاربة في تبنّي هذه الزراعة، لا سيما في ظل بحث كثيرين عن زراعات بديلة للأشجار المستهلكة للمياه.
في هذا السياق، قال الخبير الزراعي حميد الصالحي إن إقبال الفلاحين المغاربة على زراعة الفستق مستقبلاً يواجه تحديات عدة، أبرزها “بحثهم عن زراعات مربحة لا تحتاج إلى تقنيات متطورة لمعرفة نوعية التربة ودرجة رطوبتها”.
وأضاف الصالحي، في تصريح لهسبريس، أنه باستثناء نحو 10 في المائة من الفلاحين الذين يُعتبرون تقنيين أو مهندسين زراعيين أو لديهم خبرة طويلة في المجال، فإن “أغلب الفلاحين المغاربة لا يمتلكون المعارف الأساسية والتقنية التي تحفزهم على تجربة أنماط زراعية جديدة خوفًا من ضعف الإنتاجية، وبالتالي الخسائر المادية، فيلجؤون إلى الأشجار الأكثر اعتمادًا، مثل الزيتون والفواكه”.
كما نبّه الخبير ذاته إلى أن زراعة الفستق “ليست بالسهولة المتخيلة، إذ بالرغم من أنها تعتبر مقاومة لعدة ظروف، إلا أنها تحتاج إلى عناية مركزة واحترام لمعايير دقيقة”.
ويتفق زرهون مسعودي، أستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، على أن البحث عن الربح السريع كان من بين معيقات تطوير زراعة الفستق التي بدأت أولى تجاربها في المغرب في ثمانينات القرن العشرين، مشيرا إلى أن شجرة الفستق تحتاج من خمس إلى سبع سنوات لإنتاج أول ثمارها.
وأضاف مسعودي، في حديث لهسبريس، أنه بالرغم من إنشاء بساتين تجريبية للفستق في مناطق مختلفة من المغرب في الثمانينات، وإجراء معهد البحث الزراعي تجارب لاختيار أفضل المواد النباتية لاستخدامها في إنشاء بساتين جديدة، إلا أن “زراعة الفستق لم تحقق تطورًا ملحوظًا في المغرب”.
ومن بين عوامل فشل تجربة هذه الزراعة في المغرب، وفق الخبير ذاته، “الأخطاء المرتكبة في اختيار المواد النباتية المناسبة خلال التجارب السابقة، خاصة فيما يتعلق بتوافق النباتات الذكرية والأنثوية، إذ إن الفستق يتطلب توافقًا جيدًا في وقت الإزهار بين الذكور والإناث لضمان الإنتاجية”.
وأشار إلى أن “غياب هذا التوافق أدى إلى ضعف المحاصيل، ما جعل بعض المزارعين يعتقدون خطأً أن الفستق لا يناسب البيئة المغربية”.
كما نبّه الأستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة إلى أن الجهود البحثية “لم تستمر بشكل كافٍ لتحديد الأنواع المناسبة وتحفيز المزارعين على زراعة الفستق”، قبل أن يعود ليؤكد أن هذا العمل البحثي “يحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير لضمان إنتاجية وجودة عالية للمحاصيل”.
المصدر: وكالات