جاءت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة حماس ضد إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة السبت، مفاجئة على مختلف الصعد: مباغتة، تنفيذ محكم، وانطباع بقدرة على القتال مدة طويلة.
وحذّرت أطراف عدة من اتساع نطاق المواجهة وانخراط جهات أخرى من “محور المقاومة” الذي تقوده إيران في المنطقة، ويضم دولا وتنظيمات معادية للدولة العبرية، على الرغم من أن مسؤولين أميركيين اعتبروا أن اتهام طهران بالضلوع في العملية سابق لأوانه.
– المباغتة –
بدأت العملية صباح السابع من أكتوبر، في يوم السبت اليهودي، وبعد يوم من الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973، حين باغتت مصر وسوريا إسرائيل بهجوم واسع على جبهتين تزامنا مع “يوم الغفران”.
وقال الباحث في معهد “اي أن أس أس” في تل أبيب كوبي ميخائيل إن العملية “إخفاق هائل لإسرائيل ونجاح هائل لحماس… لم نكن مستعدين”.
ورأى أن حجم العملية لا يترك مجالا للشك حيال مدى التخطيط الذي تطلبته.
وأوضح “من أجل إطلاق عملية كهذه، يجب الاستعداد بشكل كبير، التخطيط، التنسيق، ويجب أن يتم وضع آفاق أو أهداف مهمة”، لاسيما وأن حماس “تدرك أن ثمن عملية كهذه سيكون باهظا”.
– سابقة 2021 –
في 2021، باغتت حماس أيضا إسرائيل في عملية “سيف القدس” عبر إطلاق عدد كبير من الصواريخ احتجاجا على الاقتحامات المتزايدة للمسجد الأقصى.
وتسعى الحركة عبر تكثيف الإطلاق الى إنهاك منظومة “القبة الحديدية” الإسرائيلية لاعتراض الصواريخ.
وقال إليوت تشابمان الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة الاستخبارات الدفاعية البريطانية “جاينز” (JANES)، إنه تم إطلاق 4360 صاروخا في 15 يوما خلال عملية “سيف القدس”، في حين أطلقت حماس ثلاثة آلاف صاروخ على إسرائيل خلال اليومين الأولين فقط لعملية “طوفان الأقصى”.
وأضاف لوكالة فرانس برس “إذا حافظت حماس على هذا النسق، سيكون هذا أكبر هجوم صاروخي على إسرائيل حتى الآن”.
وقال الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز “يفترض أن حماس لا تزال تملك ترسانة احتياطية مهمة من الصواريخ تمكّنها من مواصلة القصف مدة لا بأس بها”.
– مخزون متنوع –
تتمتع حماس بمخزون من الصواريخ يصعب تحديده كمّا، لكنه بمديات مختلفة.
وتشير التقديرات إلى أن هذا المخزون تشكّل بدعم دول عدة خصوصا إيران وسوريا، وحتى ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 ودول أخرى، وفق خبير غربي يفضّل عدم كشف اسمه.
ويوضح أن بعض أسلحة الحركة قد يكون مصدرها الصين أو دول سوفياتية سابقة، متحدثا عن “كميات مهمة تمّ الاستيلاء عليها خلال معارك مع القوات الاسرائيلية”.
وعملت حماس، كغيرها من المنظمات الاقليمية المدعومة من إيران، على تطوير قدرات التصنيع المحلي. وأوضح إليوت تشابمان أن غالبية الصواريخ التي في حوزة الحركة يتمّ تصنيعها محليا “وهي أنظمة صواريخ غير موجّهة… لا تتطلب تقنيات متقدمة”.
ويرى خبراء أن الحركة قد تبقي بعض قدراتها مخفية الى أن يحين موعد المعركة، وهو أسلوب سبق لحزب الله اللبناني أن اعتمده ضد إسرائيل.
وقال فابيان هينز “قد نرى ظهور قدرات جديدة بالكامل في حال اجتاحت (اسرائيل) قطاع غزة عن طريق البر”.
– “بصمة” إيران؟ –
بعيد العملية، اتجهت الأنظار إلى إيران الداعمة لحماس وفصائل فلسطينية أخرى معادية لإسرائيل.
إلا أن مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض رأى أنه “من المبكر جدا القول” إذا كانت طهران “متورطة مباشرة” في الهجوم، وأنه ليس لدى الولايات المتحدة بعد “أي مؤشر” على ذلك. لكنه أضاف “ليس هناك شك” في أن حماس “ممولة ومجهزة ومسلحة” من طهران.
وأكدت الجمهورية الإسلامية دعمها للعملية، معتبرة أن اتهامها بالضلوع فيها يستند إلى “دوافع سياسية”.
ورأى الخبير في الشرق الأوسط في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية “إيريس” دافيد ريجوليه-روز “ثمة نقل للأسلحة، للقدرات المعرفية. من الواضح أن ثمة بصمة إيرانية تسمح بتصنيع الصواريخ محليا” في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ أكثر من 15 عاما.
ونظرا لحجم الهجوم وطابعه غير المسبوق منذ عقود ضد الدولة العبرية، اعتبر كوبي ميخائيل أن “حماس لم تكن لتجرؤ على إطلاق عملية مماثلة من دون الحصول على ضمانة جدية (بالمساندة)، وهذه تحصل عليها من حزب الله وإيران”.
– جبهات متعددة؟ –
كررت جهات دولية في الأيام الماضية لاسيما واشنطن وموسكو، التحذير من انخراط أطراف أخرى في التصعيد وعدم اقتصاره على جبهة واحدة.
وأثار قيام حزب الله بإطلاق صواريخ وقذائف في اتجاه مواقع للجيش الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها، قلقا متزايدا من توسع رقعة التصعيد الراهن. إلا أن التوتر استمر لفترة موقتة وانتهى بعد رد الجيش الإسرائيلي بقصف محدود.
ورأى خبراء أن الحزب اللبناني الذي يملك ترسانة عسكرية ضخمة وأكثر تطورا من تلك التي في حوزة حماس، قد يتدخل بشكل مباشر بحال مضت إسرائيل نحو اجتياح بري واسع لقطاع غزة الذي انسحبت منه في العام 2005.
وأكد الحزب أن إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان جاء “تضامنا” مع حماس والفلسطينيين، وأنه “على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج و(يجري) معها تقييما متواصلا للأحداث وسير العمليات”.
وقال الباحث إليوت تشابمان إن التنظيم اللبناني “سيتدخل في حال شنت إسرائيل هجوما (بريا) على غزة، وهو احتمال ممكن في الوقت الحالي”.
المصدر: وكالات