أثارت الأرقام القياسية التي صار يسجلها استهلاك الكهرباء بالمغرب اهتمام المتخصصين في الشأن الطاقي، بحيث اقترحوا أن “تتجه الدولة المغربية إلى دعم الطاقات المتجددة النظيفة، خصوصا الشمسية، في المنازل والإقامات السكنية والمؤسسات العمومية”، للتقليل من الطلب الحاصل على الشبكة الكهربائية في هذه الفترة الصيفية المعروفة سنويا بهذه الخصوصية.
ويبقى خيار الطاقات الشمسية، حسب الخبراء الذين تواصلت معهم جريدة هسبريس الإلكترونية، “حلا بديلا لتدبير سبل الانتقال الطاقي المغربي في الفضاءات السكنية، عبر وضع دفتر تحملات، يحسم مع الإقامات السكنية التقليدية التي تثقل كاهل الشبكة الكهربائية”؛ كما أفادوا بأنه “في أفق 2030، لا بد أن تتحول الفضاءات السكنية إلى أرضية خصبة لهذه الطاقات البديلة”.
الحل الممكن
محمد بوحاميدي، الخبير الطاقي، قال إن “ضرورة اتجاه الدولة المغربية لدعم اعتماد الطاقات الشمسية صار ضروريا في ظل ما وصلته الفاتورة الطاقية هذا الصيف، حيث إن المغرب معروف بأن الطلب الأقصى على الكهرباء يحدث صيفا”، مضيفا أن “هذا النقاش صار جديا اليوم، وهو حل ناجع واستراتيجي لمشكلة استراد الطاقة وسيقلص الكلفة الطاقية ويوفر مخزونا من الكهرباء”.
وأوضح بوحاميدي، خلال تواصله مع جريدة هسبريس، أنه “يجب توفير عوازل حرارية، لأنه مع ارتفاع درجة الحرارة اتجه المواطنون نحو تشغيل المكيفات، إضافة إلى الطلب على الكهرباء من طرف السياحة والفلاحة والصناعة؛ وهو ما يزيد استهلاك الطاقة”، مبرزا أن “هذه الظرفية يجب أن تكون الفرصة لتشجيع الطاقة الشمسية في الإقامات السكنية وفي الفنادق وفي المنازل أيضا”.
وأفاد المتحدث بأن “تجهيز الاستهلاكات المنزلية بالطاقة الشمسية سيخفف من الطاقة القادمة من المكتب الوطني للكهرباء والتي هي منتجة في جزء كبير منها من الطاقات الأحفورية”، مسجلا أن “الاستهلاك المنزلي يبقى ضئيلا بالمقارنة مع قطاعات أخرى مستنزفة للشبكة؛ لكن وجوده دال ضمن الخريطة الوطنية الشاملة لاستهلاك الشبكة الكهربائية؛ وبالتالي ربطه بالطاقة الشمسية من شأنه أن يخفف الوضع”.
وأبرز الخبير الطاقي أن “هذه الدعوى فيها شيء من الإغراء العملي لكونها مجربة واتضحت نتائجها في صيانة الكهرباء لكونها تعتمد على طاقة دائمة”، مضيفا أن “الدولة يمكن أن تدعم اقتناءها أو أن تسهل توفيرها، وسينعكس ذلك إيجابا على الاقتصاد المغربي وعلى النظام البيئي والإيكولوجي، لكون كلفة استيراد الطاقة ستبقى في المغرب وسيستفيد منها البلد عبر تسخيرها لقطاعات تنموية أخرى ولتشييد بنى تحتية أهم”.
ضرورة التعميم
قال مصطفى العيسات، الباحث في المناخ والتنمية المستدامة، إنه “ينبغي على الدولة أن تدعم تسخير ألواح الطاقة الشمسية ليس في المنازل والإقامات السكنية؛ بل أيضا في المؤسسات الرسمية والعمومية التابعة للدولة نفسها”، موضحا أنه “يجب تعزيز الالتقائية بين القطاعات لأجل الذهاب نحو الطاقات البديلة على كافة المستويات والأصعدة”؛ وزاد: “المرحلة تقتضي النظر في مصلحة ومستقبل قطاع الكهرباء بالمغرب”.
وأضاف العيسات: “المدن الجديدة التي تهيكل أو تتعرض لإعادة الهيكلة يجب أن توفر بنية تحتية للطاقة الشمسية لكون التريث لم يعد حلا في ظل المستويات القياسية التي نشهدها في استهلاك الكهرباء والتي من المرتقب أن ترتفع في السنوات المقبلة”، معتبرا أن “قصر نظر المسؤولين جعل البعد البيئي والطاقي خارج العديد من تصوراتهم لوضع مدن مستوجبة للشروط التي تعفي المغرب من نسبة مهمة من الفاتورة الطاقية”.
وقال المتحدث ذاته إن “الرباط، مثلا، كان يجب إعادة تهيئتها وفق شروط بيئية تتوافق مع الاستراتيجية المغربية في مجال الطاقة”، مضيفا أن “مؤسسات الدولة الكثيرة تستهلك نسبا مهمة من الطاقة يمكن تسخيرها لقطاعات أخرى أكثر حاجة إليها. لذلك، على المغرب أن يتجه بسرعة قصوى لوضع تدابير تخص الطاقة الشمسية في الإقامات السكنية والمنازل وغيرها”؛ وقال: “نحن نمتلك كفاءات ومراكز تكوين ويد عاملة خبيرة يمكن أن نعتمد عليها”.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ذكرت، في 16 غشت الجاري، أن النظام الكهربائي المغربي سجل رقما قياسيا جديدا في استهلاك الكهرباء بلغ 7310 ميغاوات؛ مما يمثل زيادة بنسبة 0.8 في المائة مقارنة مع أعلى رقم مسجل سنة 2022، وهو ما أعاد هذه الدعوات بخصوص الطاقة الشمسية إلى الواجهة لتسريع أوراش السيادة الطاقية.
المصدر: وكالات