كشف باحثون أن العقيدات متعددة المعادن التي تأمل شركات التعدين في جمعها من قاع المحيط العميق قد تكون مصدرا للأكسجين الذي تحتاجه الحيوانات والنباتات والبكتيريا التي تعيش هناك.
وذكرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية في تقرير لها أن اكتشاف هذا “الأكسجين الداكن” يمكن أن يكون له تأثير على المفاوضات التي ستجرى خلال هذا الشهر في جامايكا، حيث ستجتمع “الهيئة الدولية لقاع البحار”، وهي جهة مسؤولة عن وضع القواعد العالمية للتعدين، لمناقشة القواعد الجديدة لاستخراج المعادن من قاع المحيطات.
وتقول ديفا أمون، وهي عالمة في الأحياء البحرية من ترينيداد وباحثة ما بعد الدكتوراه ضمن “مبادرة بينيوف للمحيطات” بجامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا، إن “هذه الدراسة تعد مثالا جيدا للغاية على مدى محدودية معرفتنا بالمحيط العميق في الوقت الحالي، ومدى تمسكنا بالبحث العلمي أكثر وأكثر لنستفيد المزيد”.
ويتركز الأمر المثير حول الصخور ذات حجم حبات البطاطس، أو العقيدات متعددة المعادن، المنتشرة في أماكن بقاع المحيطات. وتحتوي هذه العقيدات على معادن، مثل الكوبالت والنيكل، التي تحتاج إليها البطاريات ذات الطاقة الخضراء وتقنياتها.
وتعمل شركات، مثل شركة “ذا ميتالز” الكندية، منذ أعوام على إقناع الهيئة الدولية الحاكمة بالموافقة على خططها لجمع هذه العقيدات المعدنية الموجودة في منطقة كلاريون كليبر بالمحيط الهادئ، وهي مساحة من البحر تمتد مسافة 4500 ميل بين هاواي والمكسيك.
وترى الشركة أن المعادن ضرورية من أجل بناء التقنيات التي لا تعتمد على الوقود الأحفوري، كما تقول إن التأثير الذي سينتج عن التعدين في قاع المحيط ليس ضئيلا فحسب، ولكنه لا يقارن أيضا بتدمير الغابات المطيرة والمجتمعات البشرية الذي تسببه أعمال التعدين الأرضي، حسب الصحيفة الأمريكية.
إلا أن خبراء البيئة وعلماء المحيطات وغيرهم يقولون إن قيادة آلات كبيرة لحصاد العقيدات المعدنية المنتشرة عبر قاع المحيط البكر غير المعروف- فوق مناطق الرواسب وبطولها على عمق يتراوح بين ثلاثة وأربعة أميال تحت السطح- يمكن أن تكون لها عواقب غير متوقعة وكارثية. ويحث المعنيون نواب البرلمان على تأجيل أو منع الصناعة من الحفر في أحد آخر النظم البيئية “التي لم يمسسها بشر” في هذا الكوكب.
ويشير البحث الجديد، الذي قامت شركة “ذا ميتالز” بتمويله، إلى أن تكلفة التعدين في المنطقة قد تكون أكبر مما يمكن للمرء تخيله لأن فريقا من العلماء الدوليين توصلوا إلى أن العقيدات القيّمة تقوم بإنتاج الأكسجين، وقد تكون مسؤولة عن إثراء هذا النظام البيئي المظلم النائي بأحد أهم عناصر الحياة.
وعلى صعيد متصل، قال جيفري مارلو، وهو أستاذ مساعد في علم الأحياء بجامعة بوسطن وأحد المشاركين في إجراء البحث، إنه وفريقه تلقوا تمويلا من شركة “ذا ميتالز” من أجل القيام بدراسات بيئية أساسية، تضمنت إرسال شيء إلى قاع المحيط يسمى بـ “الغرفة القاعية”.
وأوضح مارلو أن طول هذه الهياكل يبلغ نحو 10 أقدام، وهي محكمة الغلق ضد الماء والغازات، وتحتوي على أدوات مصممة لأخذ قياسات كيمياء الرواسب وتكوينها.
ونقلت “لوس أنجلوس تايمز” عن مارلو قوله إن طريقة أخذ العينات معيارية إلى حد كبير، حيث يقوم العلماء بقياس كمية الأكسجين التي تُفقد أو التي تنخفض خلال فترة 48 ساعة، بينما يتم وضع “الغرفة القاعية” في مكانها بقاع المحيط. ويعمل انخفاض الاكسجين كمؤشر على كم الحياة الموجودة هناك، حيث تستهلك الحيوانات الأكسجين بينما تتنفس.
ولكن عندما أرسل العلماء الغرف إلى القاع من أجل القيام بهذا التحليل لاحظوا أن مستويات الأكسجين ارتفعت ولم تنخفض.
وقال مارلو إنهم كانوا متأكدين بأن هناك خطأ ما في الآلات. وقد حاولوا مجددا ولاحظوا النتائج نفسها.
وأضاف “لقد تم إجراء تجارب الغرف القاعية هذه في أنحاء العالم طيلة عقود. لذلك فإن التقنيات وكل شيء متبع بشكل جيد”. وأوضح “كان لدينا طريقتان مكررتان للقياس، لذلك كنا نعلم أن أيا منهما لم تكن خاطئة. وفي النهاية اضطررنا إلى استنتاج” أن الأكسجين يتم إنتاجه.
ويعتقد الباحثون أن ما يحدث هو أن العقيدات والمعادن الموجودة بداخلها تعمل مثل البطارية على المستوى الكيميائي.
وقال مارلو: “تتكون هذه الصخور من معادن تحتوي على فلذات موزعة في أنحاء الصخر بطرق غير متجانسة.. كل من هذه الفلذات والمعادن قادرة على الاحتفاظ بشحنة كهربائية بطريقة مختلفة قليلا. لذا فإن التباين الطبيعي يعني أن هناك فصلا للشحنة.. بالطريقة نفسها الموجودة في البطارية”.
ويعني ذلك أن هناك جهدا كافيا لأخذ الماء و”تقسيمه إلى هيدروجين وأكسجين”.
المصدر: وكالات