في خضم الجدل المتواصل حول تعديل مدونة الأسرة الذي دعا إليه الملك محمد السادس أخيراً، تجددت المطالب بتجريم زواج القاصرات الذي مازال يشكّل، بالنسبة للمناهضين له، تحدياً يصعب التغلب عليه.
وتعتبر المنظمات الحقوقية، لاسيما تلك المدافعة عن الطفل، أن زواج فتاة تبلغ من العمر 13 أو 15 سنة من رجل كبير في السن بحجة الفقر أو غيره “جريمة تتورط فيها عدة عائلات مغربية”.
واستقبلت العديد من المنظمات الحقوقية القرار الملكي الخاص بمراجعة مدونة الأسرة بارتياح وحماس كبيرين. وأوكل الملك محمد السادس هذه المهمة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وحدد أجلا أقصاه ستة أشهر لعرض التعديلات المقترحة عليه.
واعتبرت المنظمات ذاتها أن هذه المبادرة تشكل خطوة نحو إخراج مدونة تلبي تطلعات كافة الشرائح، وتمكن من التغلب على الاختلالات التي تشوب تطبيق المدونة الحالية، ومن بينها استمرار تزويج القاصرات بموجب المادة 20 منها.
وتحدد المادة 19 من مدونة الأسرة سن الزواج في 18 سنة، غير أن المادة 20 منها تجيز للقاضي أن يأذن بزواج القاصرات بشروط معينة وفي حالات استثنائية تراعى فيها المصلحة الفضلى للطفل.
ويرفض الفاعلون السياسيون والمدنيون المدافعون عن الطفولة هذه المادة، ويرون فيها “انتهاكاً لحقوق القاصرات، لما تلحقه بهن من ضرر على عدة مستويات، أهمها الجانب النفسي”.
غزلان ماموني، المحامية العضو في نقابة المحامين في باريس، والمؤسسة المشاركة للجمعية النسوية “كيف ماما كيف بابا”، قالت في تصريح لهسبريس (النسخة الفرنسية) إنه “من أجل إحداث تغيير جذري في موضوع تزويج القاصرات علينا أن نهتم بقانون العقوبات وتجريمه بشكل إلزامي”.
وأضافت الناشطة في مجال حقوق المرأة: “أي شخص يتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في مثل هذا العمل الشنيع يجب أن يتم سجنه”.
واعتبرت المؤسسة لمنظمة “كيف ماما كيف بابا” أن الممارسة أظهرت أن “ما كان من المفترض أن يبقى ضمن دائرة الاستثناء أصبح هو القاعدة، حيث تضاعف عدد حالات زواج القاصرات خلال عقد من الزمن، وأصبحت ممارسة شائعة”.
وتساءلت المتحدثة إلى هسبريس: “كيف يمكن لفتاة لا يتجاوز عمرها 18 تحمل مسؤولية الأسرة؟”، مشددة على أن “هذا الزواج غير المشروع يؤدي إلى تفاقم العديد من الظواهر المدمرة للتماسك الاجتماعي والمجتمعي، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي والهدر المدرسي”.
كما أشارت ماموني في السياق ذاته إلى أن “الأسرة تعد ركيزة ونواة أساسيتين في البناء المجتمعي وتطور المجتمع، إذ ينمو فيها الأفراد وتتشكل شخصياتهم، ما يستلزم ضرورة ضمان توازنها وتماسكها”.
المصدر: وكالات