في عامها الثالث، قفزت مجموعة من الخلافات إلى الواجهة في التحالفات المسيرة للمجالس الجماعية بالمدن الكبرى للمملكة، حيث بلغت حد إسقاط الميزانية في العاصمة الرباط، مع الصعوبات التي تواجه مدنا أخرى، الأمر الذي يطرح سؤالا كبيرا حول مدى تأثير هذه الخلافات والحسابات السياسية بين مكونات هذه المجالس على جاهزية المغرب واستعداداته لإنجاح الاستحقاقات المقبلة.
عمر الحياني، مستشار فريق فدرالية اليسار بالمجلس الجماعي لمدينة الرباط، اعتبر في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “الارتباك الذي يعيشه مجلس المدينة يؤثر على السير العادي للمشاريع والمرافق والخدمات الأساسية للمواطنين”.
وأكد الحياني أن عمدة الرباط، أسماء غلالو، “فقدت مشروعيتها السياسية وعليها أن تقدم استقالتها من رئاسة المجلس، لأنه بعدما أسقطت الميزانية تمت الإطاحة بها، وهي الآن تعرقل حسن تسيير المدينة”، مردفا: “الوضع الذي تعيشه الرباط اليوم تنبأنا به منذ الشهر الأول لانتخاب العمدة، وطلبنا عزلها بعدما قامت بخرق تنظيمي وتعاقدت مع زوجها محاميا للمجلس، لكن الولاية لم تجبنا على طلبنا كسلطة للرقابة حتى الآن”.
وأعرب المتحدث ذاته عن تأييد مستشاري فدرالية اليسار إقالة عمدة الرباط من منصبها، معبرا عن تأييدهم مساعي الأغلبية في هذا الموضوع، ومجددا التأكيد على أن “هذا الوضع يؤثر على جمع الأزبال ونظافة المدينة والواقع اليومي للمواطنين، فما بالك بالمشاريع المهيكلة الكبرى”.
في تعليقه على الموضوع، اعتبر محمد يحيا، المحلل السياسي والأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي، أن “الصعوبات التي تمر بها مجموعة من المجالس، خصوصا في المدن الكبرى، والمتعلقة بالتصويت على الميزانية، قد تنعكس سلبا على مجموعة من المشاريع الكبرى التي تبنتها الدولة المغربية”.
وأضاف يحيا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مجالس الجماعات الترابية لها مسؤولية كبيرة في تجسيد الأوراش الكبرى على أرض الواقع، ومدعوة إلى التصويت على ميزانياتها”، مبرزا أن “هناك صراعات داخل أغلبية هذه المجالس، وهي ليست جديدة، إذ عرفتها مجالس المدن الكبرى في المراحل السابقة”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الاختلاف الموجود في هذه المرحلة يتمثل في أن الدولة لها رهانات ومشاريع مهيكلة كبرى، تتعلق بما هي مطالبة به، خصوصا بعد الفوز بتنظيم تظاهرات عالمية كبرى، مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030”.
واستدرك يحيا موضحا أن “الصراعات داخل المجالس الجماعية مسألة طبيعية، على اعتبار أنه حتى على المستوى الوطني ظهرت مجموعة من الإشكاليات داخل الأغلبية بخصوص مدونة الأسرة”، مشيرا إلى أنه رغم الصعوبات الموجودة “هناك سلطات الوصاية في شخص الوالي، باعتباره مسؤولا لن يسمح بأي اختلال”.
وزاد الخبير عينه مبينا: “كيفما كان المجلس أو أهميته فما قررته الدولة وما ينبغي إدخاله حيز النفاذ والتصويت على الميزانيات سيتم تمريره؛ فحتى إذا لم تكن هناك توافقات سيتم اللجوء إلى مسطرة الحلول كما ينص عليها القانون”، معتبرا أن “هذه الإكراهات عادية وربما ترتبط بقرب التعديل الحكومي المتوقع، أو تأتي لكسب المواقع”.
واعتبر يحيا أن هذا الوضع “يسائل الأحزاب والنخب السياسية، لأن هناك رهانات تستوجب منها تحمل مسؤوليتها”، محذرا من أن “هذه الصراعات تؤدي إلى المزيد من انخفاض منسوب ثقة المواطن في النخب والأحزاب”.
المصدر: وكالات