بعدما تجاوزت الحرب المشتعلة في الأراضي الفلسطينية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر عشرة أيام، سقط فيها آلاف الضحايا الفلسطينيين بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، في القصف الذي لم يتوقف، أقدمت إسرائيل على سحب بعثاتها الدبلوماسية من عدد من الدول العربية المتنامي الغضب الشعبي فيها ضد الاحتلال بسبب جرائمه.
ولم يكن المغرب استثناء في هذه الظرفية، إذ كانت هسبريس من المنابر الإعلامية السابقة لنشر خبر انسحاب مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، ديفيد غوفرين، وكافة أعضاء فريقه، أمس الأربعاء، في خطوة فتحت باب التكهن حول الأسباب، خصوصا مع المسيرات الشعبية في عدد من مدن المملكة التي تطالب بـ”طرد غوفرين وإغلاق مكتب الاتصال وإلغاء التطبيع”.
في قراءته للموضوع، يرى إسماعيل حمودي، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن مغادرة غوفرين وفريقه “تجاوب مع الضغوط الشعبية التضامنية مع فلسطين ضد العدوان الإسرائيلي على غزة والضغوط الشعبية الرافضة للتطبيع”.
واعتبر حمودي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن مغادرة الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي المغرب من شأنها أن “تمتص غضب المغاربة من تواجده في المملكة، خصوصا أن غوفرين يتصرف كناشط صهيوني وليس دبلوماسي يمثل بلد، ويكسر أعراف الدبلوماسية، وهذا غير معهود في الممثلين الدبلوماسيين للدول الأجنبية في المملكة”.
وأشار الخبير ذاته إلى أن هناك “إيعازا من طرف السلطات بمغادرة هذا الشخص (غوفرين)، لأن الأنشطة التي يقوم بها محرجة للسلطات المغربية في ظل الغضب الشعبي الموجود”، معتبرا أن مغادرته “تخفف الضغط على السلطات وتستجيب للضغوط الشعبية، لكنها تبقى غير كافية، لأن الاحتجاجات التي خرجت في جل المدن المغربية تطالب بوقف التطبيع والإغلاق النهائي لمكتب الاتصال الإسرائيلي”.
واستدرك حمودي: “أظن أن أي موقف رسمي في هذا الاتجاه لن يكون منفردا؛ إذا كان هناك أي قرار لوقف التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال فقد يكون في إطار موقف عربي موحد، يشمل الدول التي طبعت في السنوات الأخيرة”.
واستبعد المتحدث ذاته أن يقوم المغرب لوحده بهذه الخطوة، موردا أن “هناك تنسيقا عربيا، وهذا التنسيق قد يتصاعد تدريجيا بالضغط على إسرائيل لوقف العدوان”.
وزاد حمودي أن هناك “سلسلة من القرارات ستكون في هذا الاتجاه ضد إسرائيل، قد تصل في مرحلة إلى التراجع عن اتفاقيات التطبيع”، مبرزا أنه “لو حدث هذا القرار فسيكون نتيجة أمرين اثنين، هما مواصلة العدوان الإسرائيلي على غزة، وخصوصا في حالة قيامها باجتياح بري مدمر للقطاع، مع ما سيترتب عنه من تهجير قسري للفلسطينيين خارج غزة، وتصاعد الضغوط الشعبية على الأنظمة”، ومردفا: “تضافر العاملين قد يدفع إلى التلويح بمقاطعة إسرائيل مرة أخرى”.
من جهته، اعتبر محمد يحيا، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أن مغادرة فريق مكتب الاتصال الإسرائيلي هو “نتيجة للضغط الشعبي في عدد من البلدان العربية”.
وأفاد يحيا، في تصريح لهسبريس، بأن إعلان الخارجية الإسرائيلية عن سحب بعثاتها الدبلوماسية من الدول العربية جاء من أجل “إعادة النظر في الترتيبات الداخلية”، مشددا على أن “القراءة الأقرب للواقع هي أن الانسحاب كان تحت الضغط الشعبي، وتفاديا لأي أحداث أخرى، وإمكانية أن تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، وبالتالي جرى سحب هؤلاء الدبلوماسيين من الدول العربية”.
وتوقع الخبير ذاته ألا تؤثر هذه الأحداث بشكل كبير على مستوى العلاقات بين المغرب وإسرائيل، مردفا: “ستتم إعادة العلاقات بعد مرور الزوبعة، وسيرجع الكل إلى مكانه، على اعتبار أن ما تم توقيعه يتجاوز الأشخاص الموجودين في اللحظة”، مؤكدا أن “العلاقات الدولية مبنية على المصالح وليس أي شيء آخر”، حسب تعبيره.
المصدر: وكالات