اعتبر الملك محمد السادس أن تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة والتمادي في استهداف المدنيين يُسائل ضمير المجتمع الدولي، وخاصة القوى الفاعلة، ومجلس الأمن باعتباره الآلية الأممية المسؤولة عن حفظ الأمن والاستقرار والسلام في العالم، للخروج من حالة الانقسام، والتحدث بصوت واحد من أجل اتخاذ قرار حاسم ملزم بفرض الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار، واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ونبه الملك، في رسالة وجهها إلى رئيس “اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير قابلة للتصرف” التي تشكلت سنة 1975، إلى أنه “رغم ارتفاع الدعوات بضرورة خفض التصعيد والتهدئة، وإتاحة الفرصة لإدخال الأدوية والمساعدات الإغاثية الأخرى، استمرت إسرائيل في قصف عشوائي عنيف بالتزامن مع توغل قواتها البرية في القطاع، مخلفا نزوح أزيد من مليون ونصف المليون فلسطيني ومزيدا من القتل والتدمير”، واصفا ذلك بـ”الأعمال العسكرية الإسرائيلية الانتقامية”.
محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، قال إن الرسالة الملكية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني “تعكس التزاما قويا وجوهريا لجلالته، رئيس لجنة القدس، بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتطلعاته للسلام والأمن والاستقرار وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما تمثل تأكيدا على حرص المملكة المغربية على الاضطلاع بمسؤولياتها والقيام بجهودها المخلصة”.
وأضاف بودن، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه الرسالة “جسدت العمل التضامني المستمر للمملكة المغربية مع الشعب الفلسطيني، لاسيما في سياق تصعيد محموم منذ السابع من أكتوبر 2023 نتيجة انسداد الأفق السياسي للقضية الفلسطينية وتنامي الممارسات والأعمال الإسرائيلية المتطرفة والممنهجة”، مشددا على أنها تعبر أيضا عن “انخراط متواصل وأصيل في مختلف خطط التحرك الدبلوماسية والسياسية والإنسانية الرامية إلى مضاعفة فرص السلام وإيقاف دائرة القتل والتهجير”.
وسجل الخبير في العلاقات الدولية أن المغرب “ينطلق من مرجعيات محددة وأولويات ملحة تثبيتا للحقوق الفلسطينية وتبذل ما في وسعها وفق رؤية ملكية متبصرة وقيادية في العالمين العربي والإسلامي لإبراز أفضلية وقف الحرب وحقن الدماء وضمان حماية المدنيين والبنيات التحتية المدنية والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية”.
من جانبه، قال العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الرسالة الملكية ذاتها “بعثت بإشارات إلى إسرائيل على أنها لا تحظى بالتأييد الدولي، وأن المواقف الدولية –بما فيها المواقف المغربية- رافضة للعدوان على قطاع غزة والانتهاكات الجسيمة التي تقع به”.
وأشار الوردي، في حديثه إلى هسبريس، إلى “واحدة من النقاط البارزة في الرسالة الملكية والمتعلقة بتحميل المسؤولية للمنتظم الدولي في تدبير هذه الأزمة التي عمرت طويلا وساهمت في إزهاق الكثير من الأرواح، وضرورة أخذها (الأزمة) لحيز واسع من التفكير”.
وخلص الأستاذ الجامعي ذاته إلى أن العاهل المغربي “كرس، من خلال رسالته، وضعه للقضية الفلسطينية إلى جانب القضية الوطنية الأولى على أرض الواقع، وتشبث المغرب ملكا وشعبا بمصيرية ومحورية القضية الفلسطينية”.
المصدر: وكالات