قالت الدكتورة سينثيا جونسون، مديرة مركز كليفلاند كلينك للتوحد وأستاذة طب الأطفال، إن نحو 80 في المائة من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد (ASD) يعانون من الأرق أو اضطرابات النوم؛ ما قد يؤثر سلبا على جودة حياتهم وحياة أسرهم.
اضطراب عصبي
أفادت جونسون بأن اضطراب طيف التوحد يُعد اضطرابا دائما في الجهاز العصبي ناتجا عن عوامل وراثية أو أيضية أو بيولوجية أخرى.
ووفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، يعاني طفل واحد من كل 160 طفلا حول العالم من اضطراب طيف التوحد.
وأوضحت مديرة مركز كليفلاند كلينك للتوحد أن الأرق يمثل مشكلة أكثر شيوعا على نحو ملحوظ لدى الأطفال المصابين بالتوحد مقارنة بعموم الأطفال، ويستمر أيضا لفترة أطول، ويمكن أن يمتد حتى سن المراهقة والبلوغ إذا تُرك دون علاج.
عوامل الخطر
نوّهت الدكتورة جونسون إلى أن السمات السلوكية، مثل الصلابة والإصرار على التماثل والنمطية في التصرف (مقاومة التغيير) وضعف التواصل والقلق وفرط النشاط، من بين العوامل العديدة التي قد تسهم في زيادة خطر الإصابة بالأرق لدى الأطفال المصابين بالتوحد.
ويمكن أن يكون هناك تأثير سلبي ناتج عن عوامل الخطر البيولوجية؛ مثل الاستثارة المتزايدة، أو الاختلافات في نمو الدماغ، أو إفراز هرمون الميلاتونين المتغير، أو الطفرات في الجينات التي تؤثر على إيقاعات الساعة البيولوجية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي العوامل السريرية، مثل مشكلات الجهاز الهضمي غير المعالجة والآثار الضارة للأدوية أيضا، إلى زيادة تعقيدات اضطرابات النوم.
آثار سلبية
حول تأثيرات الأرق أو اضطرابات النوم على الأطفال، أشارت الدكتورة جونسون إلى أن النوم يساهم بدور حيوي في نمو الأطفال وتطورهم وجودة حياتهم.
وقد أظهرت الدراسات أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد والعميق يمكن أن تكون له آثار سلبية على الانتباه والسلوك أثناء النهار، وكذلك عملية تنظيم العواطف والتحكم بها. ويمكن أن يؤثر الأرق أيضا على صحة القلب والأوعية الدموية وعملية التمثيل الغذائي والجهاز المناعي لدى الأطفال.
وأضافت أستاذة طب الأطفال أن التأثيرات السلبية لا تقتصر على الطفل فحسب؛ بل تمتد لتشمل الأسرة أيضا، إذ تؤثر عدم قدرة الطفل على النوم على نمط حياة أفراد الأسرة وخصوصا الآباء والأمهات الذين سيجدون أنفسهم مجهدين على المدى الطويل، حيث يكرّسون الكثير من أوقاتهم لوضع الخطط والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد أطفالهم على النوم بشكل جيد.
أشكال مختلفة
لفتت الدكتورة جونسون إلى أن أشكال اضطرابات النوم لدى الأطفال المصابين بالتوحد تختلف من طفل إلى آخر. وقد تكون مشكلات النوم غير منتظمة أو دورية أو مستمرة، ويمكن أن تتخذ أشكالا عديدة؛ فعلى سبيل المثال، قد يقاوم الطفل النوم في أوقات معينة أو يصر على تمديد فترة أنشطة ما قبل النوم أو قد يواجه صعوبات في النوم أو البقاء نائما أو قد يستيقظ الطفل مبكرا.
وحسب مديرة مركز كليفلاند كلينك للتوحد، فإن التدخلات أو العلاجات تختلف أيضا وفقا لنوع أو شكل اضطرابات النوم وطبيعة كل طفل. وأوضحت قائلة: “بما أن كل طفل يستجيب بشكل مختلف لاستراتيجيات العلاج، يجب على الوالدين مراجعة خبير طبي أو اختصاصي في اضطرابات النوم لدى الأطفال والتدخلات السلوكية. والهدف من ذلك هو التعامل مع المشكلة بشكل تعاوني ومنهجي، واستكشاف الروتين النهاري والليلي للطفل والأسرة، وتجربة مختلف الاستراتيجيات الوقائية وبناء المهارات حتى يتم العثور على الحل الأفضل”.
أساليب العلاج
بيّنت الدكتور جونسون أن أساليب العلاج مستمرة في التطور، وقد تم العثور على علاجات جديدة على مدار العقد ونصف العقد الماضيين. وتشمل منهجيات العلاج القائمة على السلوك التعديل البيئي وتحسين القدرة على التحكم في التحفيز وبناء المهارات والاستفادة من مبادئ التعزيز، إضافة إلى أن الاستخدام قصير المدى للأدوية مثل مكملات الميلاتونين يمكن أن يؤخذ بعين الاعتبار كإحدى الاستراتيجيات العلاجية.
واختتمت أستاذة طب الأطفال بالتأكيد على أن الخبر السار هو أن العديد من المشاريع البحثية، التي شاركت فيها بنفسها، تظهر أن الاستراتيجيات السلوكية يمكن أن تحدث فرقا كبيرا في الحد من الأرق، ويمكن لأسرة الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد تنفيذ العديد من الاستراتيجيات بنجاح.
المصدر: وكالات