تسعى المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC)، التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، إلى استكشاف فرص تمويل مشاريع تنموية جديدة بالمغرب في قطاعات تحلية مياه البحر والطاقات المتجددة والبنى التحتية، لتنضاف إلى 2.5 مليارات دولار تمت تعبئتها لفائدة المملكة منذ سنة 2008، تاريخ تأسيس المؤسسة.
في هذا الصدد، قام هاني سالم سنبل، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، بزيارة رسمية إلى المملكة الأسبوع الماضي التقى خلالها وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، وعددا من مدراء المؤسسات العمومية والشركات الخاصة لبحث فرص الاستثمار.
وتضع المؤسسة نصب أعينها عدداً من القطاعات ذات الأولوية، على رأسها مشاريع توليد الطاقة وتحلية مياه البحر وبناء الموانئ والطاقات المتجددة؛ فيما من المرتقب أن يتم إصدار دراسة مع وزارة الصناعة والتجارة المغربية بشأن إنشاء منصات لوجستية لتعزيز التجارة في القارة.
في هذا الحوار مع هسبريس يتحدث سنبل عن حصيلة تمويلات المؤسسة في المغرب، وسبل تعزيز التجارة البينية بين البلدان الإسلامية؛ ناهيك عن تجربة المغرب في مجال المالية التشاركية ومميزات هذا النظام مقارنة بالنظام التقليدي.
هل من حصيلة لعمل المؤسسة مع المغرب من حيث حجم التمويلات والقطاعات المستفيدة؟
المغرب دولة مُؤسِّسة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية بداية السبعينيات، وقد واكبت ودعمت المملكة أنشطةَ المجموعة إلى اليوم، فيما أحدثت الأخيرة المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة سنة 2008 لاستكمال تاريخ طويل جداً من العمل في تمويل التجارة بين الدول الإسلامية، وحصيلتها اليوم تناهز ما يزيد عن 69 مليار دولار أميركي من التمويلات في مختلف الدول، كان نصيب المملكة المغربية منها حوالي 2.5 مليارات دولار كدعم لقطاعات الطاقة والصناعة بشكل عام.
المؤسسة لديها الكثير من البرامج التي انطلقت من المملكة المغربية، من بينها برنامج “جُسور التجارة العربية الإفريقية” الذي أطلق عام 2017 من الرباط برعاية سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس؛ ومنذ ذلك الحين ما فتئت المملكة تقدم الدعم لهذا البرنامج الذي يضم اليوم العديد من الدول العربية والإفريقية ويخدم أربعة محاور رئيسية: الاستثمار، والتجارة والبنية التحتية والتأمين على الاستثمارات.
والمغرب كان له دور أيضاً في برنامج المساعدة من أجل التجارة، ونتمنى أن ينضم إلى المرحلة الثانية من هذا البرنامج التي جاءت بطلب من قادة الدول العربية في القمة الاقتصادية في بيروت التي انعقدت سنة 2019.
التمويل ليس كل ما تقدمه المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، إذ تقدم حزمةً من البرامج والمبادرات الرئيسية، إضافة إلى مبادرات متخصصة، مثل دعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في إفريقيا ودول آسيا، وهو مهم جداً لدعم التنمية الاقتصادية. ولدى المؤسسة أيضاً القدرة على تعبئة الموارد من الأسواق ودعم المخططات الكبرى للدول الأعضاء.
خلال زيارتكم إلى المغرب التقيتم وزيرة الاقتصاد والمالية ومدراء مؤسسات عمومية.. هل هناك مشاريع مستقبلية مع الحكومة المغربية؟.
ناقشنا كيف يمكن للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة دعم توجهات التنمية في المغرب والإجراءات المتخذة لتحفيز الاستثمارات الخارجية وتحسين مناخ الأعمال، وهي سياسات ممتازة ستفتح آفاقا كبيرة للشركاء للقيام بدورهم في دعم هذه التوجهات، خصوصاً التوجه نحو إفريقيا لفتح آفاق للاستثمار والتجارة، وهذه من الأمور الهامة التي تضمن مستقبل التنمية في إفريقيا، وتعزز التكامل الاقتصادي والمالي في القارة. وهذا يتناسب أيضاً مع توجهات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية كمؤسسة جنوب-جنوب، وإفريقيا تحتل مكانة وتعد أولوية في توجهاته.
خلال لقاءاتي مع مسؤولي عدد من المؤسسات العمومية والشركات الخاصة تبين لي أن هناك قطاعات يمكن أن نمولها في المغرب، سواء توليد الطاقة أو تحلية مياه البحر أو بناء الموانئ أو الطاقات المتجددة. ونحن نعلم أن المملكة المغربية لها باع كبير في هذه المجالات، وهذا من أولوياتنا.
وقبل شهر فقط انتهينا من إطلاق دراسة مع المغرب لإنشاء منصات لوجستية مع الدول الإفريقية لتعزيز التجارة في القارة، ومن المرتقب أن تتم المصادقة عليها بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة المغربية. وكان لي لقاء أيضاً مع عبيد عمران، المدير العام لصندوق “إثمار كابيتال”، ومن المرتقب أن نوقع مذكرة تفاهم لتحديد مجالات التعاون بيننا.
بحكم اهتمام المؤسسة بالتجارة، كيف ترون وضع التجارة بين البلدان الإسلامية وداخل القارة الإفريقية؟.
مستوى التجارة البينية يحتاج إلى جهد أكبر. نسبة التجارة بين الدول الإسلامية لا تقارن بمستويات التجارة في مناطق أخرى في العالم، مثل القارة الأوروبية. ونحن نعمل بكل ما يمكن من طاقة إلى جانب شركائنا لزيادة نسبة التجارة البينية، وقد عملنا في البرنامج العشري الأول الخاص بمنظمة التعاون الإسلامي على تحقيق 20 في المائة من التجارة بين الدول الإسلامية.
هناك الكثير من التحديات تجب مواجهتها لتعزيز التجارة البينية، خصوصاً المتغيرات التي أثرت على سلاسل الإمداد ونقل البضائع وتكاليف التجارة، وانعكاس الأزمات المتكررة على التجارة بشكل عام، وزيادة نسبة الفائدة بشكل غير مسبوق.
المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص لها تجربة في البنوك الإسلامية في المغرب عبر “الأخضر البنك”، ما تقييمكم لهذه التجربة؟.
نشعر بارتياح كبير لما وصل إليه البنك، وقد كانت مشاركتنا في هذه التجربة في إطار دعم المؤسسات المالية، وخصوصاً الصيرفة الإسلامية. وقد أثبت هذا النوع من البنوك جدواه لأنه مبني على نظام قوي ومقاوم للأزمات، لأنه يعتمد على مبادئ فريدة تختلف عن البنوك العادية في ما يتعلق بآليات التمويل والغرض والأهداف. البنوك الإسلامية تصب في بناء الإنسان والتنمية وإعمار الأرض، وكل أهدافها تندرج ضمن القيم الإسلامية.
هل يمكن القول إن التجربة المغربية في المالية التشاركية نجحت؟.
التجربة مازالت في بداياتها، وهناك إدراك واضح ورغبة كبيرة لدى الزبائن للاستفادة من المنتجات التمويلية؛ ولذلك أتوقع تطوراً ونمواً في حجم التمويل الإسلامي في المغرب في السنوات القادمة، لأن التمويل الإسلامي يلائم أكثر ما يقع في العالم اليوم من تقلبات.
المصدر: وكالات