يلتقط العديد من النقاد المغاربة مؤخرا ملامح “النهضة” التي تسم المشهد السينمائي المغربي بفعل تعدد روافده الإبداعية، خصوصا بعدما صارت السنوات الأخيرة فرصا لتقاطر العديد من الجوائز أو حتى المشاركات الوازنة في المهرجانات الدولية المعروفة، كمهرجان “كان” ومهرجان “برلين” ومهرجان “البندقية”…
ويبدو أن حماس المخرجين المغاربة أو صناع السينما في البلد الشمال إفريقي لم يهدأ، لكون النقاد الذين تواصلت معهم هسبريس يقرّون بأن “نفحة الإبداع تتخذ منحى تصاعديا ملحوظا في الشرائط المغربية، ما يجعلها ذات قيمة نوعية وذات منزع فني وجمالي تنافسي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”.
نهضة إبداعية
الناقد السينمائي محمد شويكة لا يخفي ملاحظته كون “السينما المغربية في السّنوات الأخيرة تعيش نهضة إبداعية وفنية وجمالية، بعد بداية كوكبة من المخرجين من قبيل مهدي بنسعدي ومريم التوزاني ونبيل عيوش، وغيرهم من الذين تمكنوا من معالجة العديد من المواضيع الحساسة المسكوت عنها واللامفكر فيها، لكن بطرق إبداعية متميزة تمتح من الذخائر المتاحة في السينما العالمية”.
شويكة أكد، ضمن تصريح لهسبريس، أنّ “هذه النهضة السينمائية رغم ذلك مازالت محدودة، لأن أي نهضة سينمائية تستدعي أن تكون شاملة في مجمل محطات الصناعة السينمائية من الإنتاج حتى التوزيع ثم التلقي”، موضحا أن “الحلقة المفقودة في السينما المغربية هي التلقي، رغم وجود أفلام مشرفة تتجاوز العديد من الآفاق التي كانت مرسومة قبلا للمشهد السينمائي المغربي”.
وأفاد بأن “الدعم الذي قدمته الدولة بفعل تضافر جهود العديد من المهنيين، جعل السينما المغربية قوة إفريقية وعربية وذات تجربة رائدة، لكنها ظلت دائما تشكو من خصاص من حيث المشاهدات، لكون استهلاك السينما، رغم جودتها وتفوقها، مازال لا يمثل ثقافة حقيقية بالمغرب”، مبرزا أنّ “السينما تتّجه لأن تصبح صناعة حقيقية، والدعم السينمائي يحمي هذه الصناعة، إلى حدود الآن، من هيمنة سينما الشباك أو غيرها”.
تعيش منعطفا
من جهته، قال عبد الله الشيخ، ناقد سينمائي مغربي، إنّ “السينما المغربية تعيش بالفعل ربيعا في السنوات الأخيرة، لكونها صارت تتمتّع بقدر من الحريّة في الإبداع والإنتاج”، موردا أن “هناك العديد من الشرائط المغربيّة التي تبعث نفسا جديدا في المشهد السينمائي المغربي، بحيث إنها تعالج قضايا القرب والهامش لكن بتقنيات كونية وعالمية، اعتبارا لكون أشكال الاستلهام والتّجريب صارت مثيرة”.
وأضاف الشيخ، في تصريح لهسبريس، أنّ “المخرجين المغاربة صاروا يتمتعون بدور طلائعي وبرؤية فنية بميكانيزمات معاصرة، لهذا تتقاطع العديد من الأفلام المغربية مع بعض السينمات التي تحظى بمصداقية كبيرة عالميا”، مسجلا أن “الأعمال المغربية تحتاج إلى ترويج وتسويق، وإلى إمكانات إنتاجية تنافسية لا تقتصر على الدعم بشكل حصري”.
وأفاد الناقد السينمائي عينه بأنّ “الأفلام المغربية التي يتم انتقاؤها وتترشح لمجموعة من الجوائز أو تشارك في مهرجانات وازنة، هو تتويج يقر بالقيمة والمستوى المشرف الذي حققه الإنتاج الفيلمي المغربي”، مشيرا إلى وجود “تقدم ملموس على مستوى الإخراج والسيناريو والصناعة السينمائية بشكل عام، وأصبحت لدينا فرجة سينمائية ترقى إلى بعض الصناعات ذات الشأن الدولي، سواء من حيث الصوت أو الصورة أو الموسيقى المصاحبة”.
المصدر: وكالات