طالبت أصوات نقابية وحقوقية بضرورة الاستجابة لمطالب العمال الزراعيين بعدد من مناطق المملكة، بما فيها إقليم اشْتوكا آيت باها الذي عرف احتجاجات عارمة لعُمال الضيعات الفلاحية المحلية، خلال الأيام الماضية، رفعوا خلالها مطالب بتحسين أوضاعهم الاجتماعية وإنهاء زمن استغلالهم من لدن “باطرونا المجال الفلاحي”.
ولا تزال مراكز بيوكرى وآيت عميرة تعرف غليانا في صفوف الشغيلة الزراعية، إلى درجة أن ذلك أدى إلى توقيف البعض منهم ممن يشتبه في “ضلوعهم في أعمال تخريب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة”، بعد تدخلات أمنية لتهدئة الأوضاع الناجمة عن مسيرة احتجاجية غير مؤطرة.
ورفع العمال الزراعيون مطالب تخص تحسين ظروف اشتغالهم وتقليص عدد ساعات العمل والرفع من الأجور واحترام مساطر تسجيلهم في الضمان الاجتماعي؛ وهو ما استأثر باهتمام أصوات نقابية وحقوقية سارعت إلى صياغة بلاغات ركزت على “دعم مطالب عمال الضيعات الفلاحية وضرورة الاستجابة لهم كفئة اجتماعية متضررة”.
ودخلت المنظمة الديمقراطية للشغل على خط هذه الأحداث مُعبرة عن “تضامنها مع عاملات وعمال الزراعة باشتوكة آيت باها”، داعية الحكومة إلى “فرض احترام الحد الأدنى للأجر والحقوق الإنسانية والاجتماعية لعاملات وعمال الزراعة يشتغلون في شروط قهر بالغة القسوة وبأجور هزيلة والتحرش والاستغلال”.
وذكر علي لطفي، الكاتب الوطني للمنظمة ذاتها، إشكالياتٍ تتعلق بـ”غياب المعدات الواقية من المخاطر الصحية، خاصة في الفلاحة التي تستعمل الأسمدة الكيماوية والمبيدات والوسائل البيولوجية، إلى جانب غياب أجور متدنية وغياب الحماية الاجتماعية”، مؤكدا أنه “يتم استغلال هؤلاء العمال والعاملات دون عقود العمل، وأصحاب الضيعات الفلاحية يحققون أرباحا كبيرة من خلال المنتجات الفلاحية الموجهة بشكل رئيسي الى التصدير الى الأسواق العالمية والمحلية”.
ولفت المتحدث إلى أن خروج عاملات وعمال الزراعة باشتوكا آيت باها يأتي من أجل “الاحتجاج الجماعي على معاناتهم واستغلالهم وانتهاك حقوقهم، على اعتبار أنهم يُواجهون ظروف عمل قاسية وشغل غير لائق وأجورا هزيلة جدا لا تتناسب مع الجهد الذي يبذلونه في العمل تحت ضغط العمل الطويل دون احتساب الساعات الإضافية وعدم احتساب الأقدمية في العمل وفق مدونة الشغل الوطنية، حيث إن أغلبهم يظلون في وضعية مؤقتين بعد سنوات عديدة من الاستغلال”.
كما ذكر الكاتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للشغل أن “العاملات كذلك يطالُهن التمييز في الأجر وساعات العمل عن القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى الاستغلال من قبل أصحاب الضيعات الفلاحية الذين يسعون إلى تحقيق الأرباح على حساب صحة وسلامة العاملات”.
وتابع لطفي: “على الرغم من مصادقة الحكومة على الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي، فإن أجور هؤلاء العاملات تظل أقل من الحد الأدنى المحدد قانونيا، فضلا عن عدم تسجيلهن كذلك في أنظمة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي ويُتركْن بدون أي حماية في حالة المرض أو الحوادث”.
كما طالب، باسم المنظمة التي يقودها، الوزارةَ الوصية على قطاع الشغل بـ”التدخل من أجل الزيادة في الأجور واحترام الحد الأدنى القانوني للأجر عن ساعات الشغل في النشاطات الفلاحية وتحسين ظروف العمل لتتماشى مع أدنى معايير الحقوق الإنسانية، مع إعمال الرقابة الصارمة على المشغلين الفلاحيين لضمان احترام القوانين وتنزيل إجراءات قانونية رادعة لضمان معاقبة أية جهة تخالف حقوق العاملات والعمال الزراعيين توفير وسائل نقل آمنة ومشروعة”.
من جهته، قال عبد الله مهماوي، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكا آيت باها، إن “الأمر يتعلق في نهاية المطاف بتراكم في المشاكل والأوضاع الشغلية غير المُرضية لهذه الفئة، وعلى رأسها عدمُ احترام مُدونة الشغل المغربية، على الرغم من علاتها”، مشيرا إلى أن “أرباب العمل لا يحترمون القوانين الجاري بها العمل؛ وهو ما يثير مسؤولية السلطات الوصية على قطاع التشغيل”.
وأضاف مهماوي، في تصريح لهسبريس، أنه “يتم في بعض الأحيان توظيف القضاء ضد العاملين والعاملات. كما يتم تشغيل هؤلاء في ظروف لا توفر شروط الكرامة لهم، وهو ما يتضح عند الإشارة إلى مسألة نقلهم إلى الضيعات، حيث يتم ذلك باعتماد مجموعة من وسائل النقل المهترئة”، موردا أنه “لا نجد كذلك تعويض العاملين عن حوادث الشغل، ومنهم من لا يتوفر على الضمان الاجتماعي كذلك”.
أشار الفاعل الحقوقي ذاته بحدة إلى معطى مركزي يتعلق بـ”ضرورة الزيادة في الأجور بالنسبة لهذه الفئة، حيث إن أجرة 80 درهما لليوم تقريبا لا يمكنها أن توفر حياة كريمة لهؤلاء العمال، فضلا عن تمتيعهم بحقوقهم في الضمان الاجتماعي وتوفير وسائل ملائمة للنقل وتحترم كرامتهم، مع استحضار التمييز الإيجابي بخصوص النساء”.
المصدر: وكالات