بعث المكتب النقابي المحلي لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، التابع للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي، رسالة مفتوحة إلى مدير المعهد يعبر من خلالها عن “المخاوف الكبيرة بشأن المستقبل الغامض للمعهد”.
جاء في الرسالة أنه “بعد عامين من ولايتكم كمدير لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، فإن المكتب المحلي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي يشعر بالقلق البالغ إزاء الوضع الذي آلت إليه مؤسستنا، سواء من حيث الحكامة والإدارة البيداغوجية والعلمية، أو من حيث مستوى تطبيق القانون والمساطر التي تؤطر مؤسسة للتعليم العالي والبحث العلمي”.
وقال المكتب النقابي إنه “اتخذ، منذ إنشائه، نهجًا بنّاءً للمساهمة في تحسين ظروف العمل داخل المؤسسة، ورفع مستوى وجودة التكوين والبحث، سعيا منه إلى استعادة السمعة الرائدة للمعهد، حيث حشد المكتب المحلي تجربة مجموعة من الأساتذة الباحثين من أجل العمل على وضع خارطة طريق تم اقتراحها عليكم في شكل كتاب أبيض، ومن الواضح أنكم تجاهلتم تلك المبادرة دون اقتراح أي مشروع أو خطة عمل بديلة لتطوير مؤسستنا”.
وسجلت الرسالة أن “النقص التام في الاستجابة يظهر ازدراءً للأساتذة الباحثين واستهزاءً بالحد الأدنى من القيم الأكاديمية التي تميز دائما العلاقات بين الزملاء، بغض النظر عن مستوى مسؤوليتهم. لذلك، فإن رفض المدير الدائم للحوار يدفع إلى توجيه هذه الرسالة المفتوحة”.
وأضافت: “لا يخفى عليكم أن معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بمثابة مؤسسة مستقلة للتعليم العالي، وهذا يعني أنها تتمتع باستقلالية في الإدارة وصنع القرار، وأنتم مسؤولون عن تطويرها وضمان استقلاليتها وحسن سيرها. وهذا يفترض توفر رؤية وخطة عمل تلتف حولها كل القوى الحية داخل مؤسستنا”.
لكن للأسف، تتابع الوثيقة ذاتها، “منذ تعيينكم، لم تُظهروا أي رغبة في إشراك هذه القوى الحية، ولا لطمأنتهم بشأن مستقبل المعهد الذي يواجه حالة غموض كاملة، وأكبر دليل على ذلك أن أي مشروع مهيكل لم ير النور منذ توليكم منصبكم، ولم تتعهدوا بزيارة الأقسام ومقابلة أساتذتها الباحثين للاستماع إلى شكاويهم واحتياجاتهم ومشاكلهم، كما أنكم لم تقترحوا أبدًا خطة عمل حتى يعرف الجميع الاتجاه الذي يجب أن تسلكه جبهة المعهد”.
وذكر المكتب المحلي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة أن “الفرصة أتيحت للمدير لإعداد تصور ينطلق من الكتاب الأبيض الذي أعده مجموعة من الأساتذة الباحثين وتم اقتراحه على المدير من قبل النقابة المغربية، لكن، وبدلا من ذلك، فقد تبنى أسلوبا إداريا للمؤسسة يتسم بالارتجال والمحسوبية وتصفية الحسابات”.
ونبهت الرسالة إلى أنه “تم الاتصال بمدير المعهد في عدة مناسبات، عبر طلبات المقابلات، ومن خلال البيانات، للفت انتباهه إلى الخلل الوظيفي الخطير الذي تعاني منه المؤسسة، ولسوء الحظ، ظلت المحاولات حبرا على ورق ولم تقابل إلا باللامبالاة والازدراء. وفي المقابل، فإن المدير يمنح أهمية غير مبررة لبعض الأشخاص الذين لا يجلبون أي مصلحة إلى المؤسسة، مع أنهم يتألقون بغيابهم المتكرر ويتفوقون في إساءة استخدام السلطة”.
وسطرت الرسالة المفتحة عينها مجموعة من النقط، تمثلت في “الاعتماد المفرط لحكامة المعهد على وزارة الفلاحة، على الرغم من تمتع المعهد بالاستقلالية في الإدارة واتخاذ القرار”، و”عدم الالتزام بالقانون والشروط اللازمة لتعيين بعض المسؤولين وأعضاء الهيئات الرقابية بالمؤسسة”، و”إقالة المسؤولين المنتخبين دون إبداء الأسباب كما حدث مؤخراً مع مدير مسلك الفلاحة”، و”التغاضي عن التعاطي مع توصيات المجلس الأعلى للحسابات، وتقديم الدعم الغير المشروط لأشخاص لا يحترمون التزاماتهم في التدريس والبحث”.
بالإضافة إلى “عدم وجود تقارير دورية عن أداء الأساتذة الباحثين من شأنها أن تشكل نوعا من التقييم الذاتي الداخلي الذي له تأثير إيجابي واضح على سمعة المؤسسة ووضوح الرؤية وتقييم الأداء المقارن”، و”التأخر الملحوظ في نشر النصوص المنظمة لمسالك التكوين وصلاحيات مديري المسالك وعلاقتهم برؤساء الأقسام”، و”الافتقار إلى التواصل والغموض في إدارة المؤسسة”، و”عدم احترام المساطر والهياكل والإدارة الارتجالية للشؤون البيداغوجية”، و”الإدارة عن بُعد لموقع المعهد الإلكتروني من قبل شخص غير متخصص، مما يطرح الشكوك في فعالية أداة التواصل هذه لمؤسسة كبيرة من قبل المعهد والتهديدات التي تتعرض لها سرية محتواها”، و”عدم وجود رؤية لمستقبل مجمع البستنة بأكادير”.
وعلى المستوى البيداغوجي، خاطب المكتب المحلي مدير المعهد بالقول: “من الواضح أن الوضع قد تدهور بشكل خطير منذ تنصيبكم، وقد أدى عدم الامتثال لدفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية وملفات الاعتماد أحيانا إلى حالة من الفوضى وغياب فعلي للتنسيق البيداغوجي لمسالك التكوين، كما تم الاحتفاظ بمديري المسالك التي انتهت ولاياتهم منذ فترة طويلة، مما يدل على عدم وجود رغبة في التفكير الجدي في تطوير نظام التكوين بالمعهد”.
وفيما يتعلق بالتعاون والشراكة، أشارت الرسالة إلى “الانخفاض الحاد في فرص التعاون الموجهة للأساتذة الباحثين بسبب فقدان المصداقية مع الشركاء”، واستمرار المعهد في “الاعتماد على الإنجازات التي استفادت منها الإدارة السابقة، كما أن الإدارة الحالية تبتدع باستمرار القواعد والإجراءات وتتدخل في شؤون الأساتذة الباحثين، وتتجاوز صلاحياتها المحددة في الهيكل التنظيمي لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة”.
وخاطب المكتب النقابي مديرَ معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة قائلا إن “منتصف ولايتكم يتميز بالعديد من المظالم ضد بعض الأساتذة الباحثين الذين عانوا من تصفية الحسابات وسوء المعاملة غير القانونية والظالمة وغير الأخلاقية منذ تعيينكم، سواء من جانبكم أو من جانب المتعاونين الذين عينتموهم أو من خلال أشخاص معينين قمتم بتعيينهم ومنحهم صلاحيات لا تستند إلى أي أساس تنظيمي، وقد كان حريا بكم أن تسائلوا الأساتذة الذين يقضون معظم أوقاتهم خارج المغرب، أو أولئك الذين لا يحترمون التزاماتهم تجاه المؤسسة، أو أولئك الذين يعملون باستمرار خارج المعهد ضدا على قانون الوظيفة العمومية”.
وجاء في ختام الرسالة المفتوحة أنه “نظرا لجسامة وخطورة الموقف، فإن النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي، وانسجاما مع مبادئها وقناعاتها، تمد يدها مرة أخرى للمساهمة في الجهود المبذولة من أجل تطويق الأزمة التي تطال المؤسسة والإسهام في تطويرها”.
المصدر: وكالات