تقدمت مجموعة من النقابات التعليمية بشكاية رسمية إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، تنديدًا بما وصفته بـ”الاستهداف المستمر” لهيئة التعليم في القنوات الإعلامية الرسمية، والإهانة التي طالت المعلمين بعد عرض أولى حلقات السلسلة الرمضانية الفكاهية “أولاد يزة” عبر القناة الأولى.
وأعربت النقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان توصلت به هسبريس، عن احتجاجها القوي على التصوير السلبي لمهنة التدريس والمدرسين في وسائل الإعلام، معتبرة أنه يشكل تحقيرًا وإهانة لهم، ويهدف إلى الحط من مكانتهم بشكل ممنهج ومقصود، وذلك تحديدا بعد تقديم شخصية “المعلم” في السلسلة بشكل “يشوه صورته ويجعله موضوع فكاهة بدلا من تقديمه كقدوة ونموذج يحتذى به”.
وأبرزت النقابة إلى أن هذا النوع من التصوير يعكس صورة نمطية غير دقيقة للمعلمين، ويزيد من تشويه صورتهم في الرأي العام، ما يؤثر سلبًا على سمعتهم ومكانتهم في المجتمع، داعية إلى وقف هذا النوع من التصوير السلبي في الإعلام، والعمل على تقديم صورة حقيقية وإيجابية لمهنة التدريس وللمدرسين، كما دعت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إلى التدخل الفوري لمعالجة هذه الظاهرة ومنع تكرارها في المستقبل، إضافة إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة.
السحيمي: إساءة واستهداف
قال عبد الوهاب السحيمي، عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم، في تصريح لهسبريس، إنهم تابعوا جميعا الحلقة الأولى من السلسلة ووجدوا أن هناك إساءة لمهنة التعليم بشكل مباشر، مضيفا أن “هذه ليست المرة الأولى؛ فقد تكرر هذا الأمر في أعمال أخرى سابقة، لكن الوضع اليوم كان استهدافا أكبر لرجل التعليم وتصويره على أنه شخص غير سوي ومتهور وضعيف، في الوقت الذي يجب فيه حفظ كرامة رجل التعليم وتحصينها (…)، فعندما سيرى المتمدرس ذلك ستتكون لديه تلك الصورة عن المعلم المغربي ولن يحترمه أحد وسيصبح من الصعب أن يقوم بدوره، لأنه سيفقد الاحترام داخل القسم والمجتمع”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “مهنة رجل التعليم تنبني على كسب احترام المتعلمين لكي يشتغل ويكون لديه إنصات، لكن عندما تكون صورة الأستاذ في المجتمع مخدوشة، سيؤثر ذلك على المردودية داخل الفصل”، محملا “الوزارة الوصية على القطاع المسؤولية في ذلك وفي عدم الدفاع عن أهل المهنة من التطاول الذي يطالهم من الإعلام العمومي ومن الأطراف البعيدة عن المجال التي تتناوله بدون الأخذ بعين الاعتبار المكانة والرمزية التي تحظى بها هذه المهنة”.
واعتبر السحيمي، في حديثه مع هسبريس، أن هذا الأمر يأتي في سياق هجوم معروف ومعلوم على أسرة التعليم، مبرزا أنه “من المؤسف رؤية أعمال مسيئة تفتقد للذوق والرقي والسمو بالذوق العام وتحط من الفن”، وأنه لا يرى في ذلك العمل أي إبداع أو فن.
واكريم: تكرار التجربة المصرية
قال الناقد السينمائي الفني عبد الكريم واكريم إنه “بعدما احتج المحامون منذ ثلاث سنوات على الصورة التي ظهر بها المحامي في عمل مغربي سابق، بدأت نقابات التعليم تحتج على عمل فني”، مضيفا أنه يرى أن “هذا الاحتجاج، للأسف، نابع من جهل بالعملية الدرامية، لأن الشخصية التي تشاهد في العمل هي شخصية متخيلة لا تمثل القطاع أو الأشخاص المنتمين إليه”.
وتابع واكريم، في تصريحه لهسبريس، أن “أي عمل إبداعي، سينمائيا كان أو تلفزيونيا أو أدبيا، نجد فيه شخصيات غير سوية تنتمي لقطاع ما، وإذا خرج كل قطاع للاحتجاج وممارسة الرقابة على العمل الفني، فيجب وقف جميع الأعمال الفنية على هذا الأساس”، مضيفا أنه “يجب الوعي ومعرفة أن العملية الفنية لا تستقيم بدون حرية”.
وأبرز الناقد المغربي أنه “بغض النظر عن مستوى هذا العمل المنتقد، فنحن لا نتحدث عن قيمته الآن بل عن الحرية التي لا يمكن للعمل الفني أن يكون بدونها، والاحتجاجات في غير محلها من وجهة نظري ويجب أن تتوقف، فقد شاهدنا مثل هذه الأمور في مصر سابقا وكان المحامون يرفعون قضايا على مجموعة من الأعمال لكن الإبداع يستمر دائما، ولا يمكن لمثل هذه المواقف أن توقف العمل الفني”.
وجدد المتحدث تأكيده أنه لا يدافع عن هذا العمل الفني الكوميدي من ناحية القيمة الفنية، بل يتحدث بصفة عامة عن أن أي عمل كيف ما كان مستواه لا يمكن أن تتدخل فيه أي جهة بحجة أن شخصية ما تسيء لهذا القطاع، لأن ذلك يعد جهلا بالعملية الفنية المؤسسة على الحرية.
المصدر: وكالات