على خلفية “هجوم مسلح”، الثلاثاء27 غشت، استهدف معتصمين في منطقة “أبو كماش” نواحي مدينة زوارة الأمازيغية كانوا يحملون مطالب اجتماعية واقتصادية، واندلاع اشتباكات بين قوات تابعة للحكومة في طرابلس وقوات محلية عقب ذلك، استنكر نشطاء مغاربة أمازيغ “القمع” الذي يتعرض له إخوانهم في ليبيا، مطالبين في الوقت ذاته بتدخل المجتمع الدولي من أجل حماية حقوق الأمازيغ في هذا البلد المغاربي.
من جهته، وصف الهادي برقيق، رئيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، هذا الهجوم، في تصريحات إعلامية، بـ”الحادث الإرهابي”، محملا “الميليشيات” التابعة للحكومة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المسؤولية، معتبرا أن “هذا الاعتداء قد يكون مقدمة لحرب أهلية وعنصرية تستهدف منطقة زوارة”.
ولمح برقيق، في تصريحاته، إلى أن “المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا قد يضطر إلى إعلان حالة النفير العام دفاعا عن حقوق الأمازيغ، وحقنا للدماء إذا لم تتوقف هذه الاعتداءات”، مجددا تحميل حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي الذي يقوده محمد المنفي مسؤولية هذه الأحداث.
وتصاعدت حدة التوتر في الشهور القليلة الماضية بين الحكومة في طرابلس والمسلحين الأمازيغ في زوارة، خاصة حول إدارة معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، وسط اتهامات لحكومة الدبيبة بالتخلي عن دورها في حماية المدنيين وإطلاق يد الميليشيات المسلحة في المنطقة، ورفض الأمازيغ التخلي عن المعبر الذي يسيطرون عليه منذ سقوط نظام معمر القذافي.
عواقب وخيمة وجزء من الهموم
في هذا الإطار، قال عمر إفضن، ناشط أمازيغي، إن “ما وقع في ليبيا من اشتباكات في منطقة زوارة الكبرى، هو تعد مسلح على اعتصام مدني من قبل مليشيات محسوبة على الحكومة تمارس كل أشكال الإرهاب والممارسات اللاأخلاقية ضد الأمازيغ”، مضيفا أن “أمازيغ المغرب يعتبرون ذلك اعتداء شنيعا يمس المدنيين العزل، كما أن طريقة قمع هذا الاعتصام طريقة إرهابية ميليشياوية قد تكون لها عواقب وخيمة، ونعتبره في تقديرنا مقدمة لحرب أهلية وعنصرية تستهدف مدينة زوارة”.
وأوضح المتحدث لهسبريس أن “من حق الأمازيغ في هذه الحالة، في جميع مناطق تمازغا والشتات، التضامن مع إخوانهم في ليبيا، بما فيه مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل الفوري لإنهاء القمع الذي يتعرض له الأمازيغ في هذا البلد”، مسجلا أن “طبيعة العقلية التي تدير المجلس الرئاسي والحكومة في طرابلس، هي المسؤولية الكاملة على هذا الخرق”.
وشدد الناشط الأمازيغي ذاته على أن “أولئك الذين يحنون إلى الفوضى باسم العروبة، يجب أن يتذكروا بأن شرعية الحكومات والأنظمة تسقط بمجرد الاعتداء على شعبها بإشهار السلاح في وجهه”، مضيفا: “نحن كأمازيغ المغرب خاصة، وشمال إفريقيا عامة، نرى أن ما يقع لإخواننا في ليبيا جزء من همومنا وما يمسهم يمسنا”.
وخلص إلى أن “المكون الأمازيغي في ليبيا عانى الويلات، خاصة في عهد النظام السابق ذي التوجه العروبي القومي، ولهذا نحمل مسؤولية ما يحدث الآن من قمع المدنيين المعتصمين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا”، مؤكدا أن “الإنسان الأمازيغي إنسان مسالم لكنه لا يقبل الإهانة والتعدي على الحقوق”.
استهداف وسنوات من الترهيب
يوسف بن الشيخ، ناشط حقوقي أمازيغي، قال إن “الحركة الأمازيغية في المغرب تستنكر بشدة الاستهداف الممنهج الذي يتعرض له الأمازيغ في ليبيا وتؤكد أن المجلس الأعلى هو الممثل الوحيد والشرعي للأمازيغ هناك، خاصة في ظل حالة الانقسام السياسي بين الشرق والغرب وانتشار السلاح خارج إطار الدولة”.
وأوضح المصرح لهسبريس أن “إيمازيغن ليبيا من حقهم في هذه الحالة الدفاع عن حقوقهم وأرضهم ضد بعض الجهات التي تحاول استهدافهم في إطار سعيها إلى تعزيز سيطرتها على الأراضي الليبية، خاصة المعابر الحدودية الحيوية، وتعزيز مواقفها التفاوضية، وبالتالي إيجاد موطئ قدم لها في المشهد السياسي والأمني القادم في هذا البلد”.
وأكد أن “الحكومة في طرابلس تحاول التصعيد ضد الأمازيغ في زوارة وجر المنطقة إلى حرب مفتوحة على جميع الاحتمالات، حيث إن فض هذا الاعتصام وما نجم عنه لن يساهم إلا في مفاقمة التوتر”، مشددا على أن “الحركة الأمازيغية في المغرب تؤيد جميع الخطوات التي يتخذها المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا من أجل المرافعة على حقوق إيمازيغن ووقف انتشار الميليشيات في المناطق الأمازيغية”.
وبين ابن الشيخ أن “الأمازيغ عاشوا على وقع الترهيب والقمع في ظل حكم النظام السابق الذي كان يقمع الأصوات الأمازيغية ولا يعترف بحقها في الوجود”، مسجلا أن “أمازيغ زوارة والنواحي كانوا في مقدمة الثوار الذين أطاحوا بنظام القذافي، وعليه فإنه في ظل غياب مشروع الدولة في ليبيا وارتفاع حد الانقسام السياسي وحالة الفراغ الأمني، من حق الأمازيغ أن يدافعوا عن النموذج السياسي الذي يعتمدونه الآن إلى حين التوصل إلى حل سياسي برعاية أممية يضمن استدامة الأمن ويضمن حقوق الأمازيغ كذلك”.
المصدر: وكالات