قال الغالي الغيلاني، رئيس المركز الدبلوماسي الدولي أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض بمراكش وجامعة الأمم المتحدة للسلم والمركز الإفريقي للذكاء الاستراتيجي، إن قرار مجلس الأمن رقم 2797 جاء ليُرسّخ ما وصفه بـ”دبلوماسية الخطوط الحمراء” التي أرساها الملك محمد السادس في تدبير ملف الصحراء المغربية، مؤكدا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي أصبحت الإطار الوحيد الجاد والواقعي لإنهاء النزاع المفتعل.
جاء ذلك خلال ندوة وطنية احتضنتها مدينة سوق السبت أولاد النمة، خصصت لتحليل سياقات القرار الأممي 2797 واستعراض دلالاته الدبلوماسية والاستراتيجية، بمشاركة نخبة من الأساتذة الجامعيين والخبراء في القانون والعلاقات الدولية. وقد افتتحت الجمعية الجهوية للتربية والثقافة أشغال الندوة بكلمة شددت على أهمية النقاش الأكاديمي حول المستجدات الوطنية المرتبطة بالوحدة الترابية.
وأوضح الغالي الغيلاني أن القرار 2797 منح زخما جديدا للمكتسبات التي حققتها الدبلوماسية المغربية، سواء من حيث اتساع دائرة الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي، أو من خلال الاعتراف المتنامي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية من طرف قوى دولية مؤثرة. كما شدد على أن الدينامية التنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، خاصة في ظل النموذج التنموي الذي أطلقه الملك سنة 2015، أصبحت اليوم عاملا أساسيا في تعزيز الشرعية الميدانية للمقترح المغربي.
من جانبه، أشار الدكتور محمد الغالي، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، إلى أن القرار 2797 جاء في لحظة تشهد فيها المنطقة تحولات استراتيجية عميقة، مبرزا أن المقاربة المغربية لم تعد تقتصر على البعد السياسي التقليدي، بل امتدت لتعزيز الأمن الجماعي المشترك في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والقارة الإفريقية، ما يرسخ موقع المغرب كفاعل إقليمي واستراتيجي محوري.
وذكر أن تنظيم الندوة يندرج في إطار الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والتفاعل الأكاديمي مع القرار الأممي الأخير، الذي يعكس المكانة التي باتت تحظى بها المملكة في تدبير هذا الملف.
وعرفت الندوة مداخلة لمولاي إسماعيل بصير، مدير مؤسسة محمد بصير للدراسات والأبحاث والإعلام، بعنوان: “دروس وعبر مستلهمة من خطاب مولانا أمير المؤمنين بمناسبة عيد الوحدة”، تناول فيها القيم الوطنية والمرجعيات الثابتة التي يؤكدها الخطاب الملكي في الدفاع عن الوحدة الترابية، موردا أن الخطاب الأخير يشكل مرجعا موجها للمؤسسات والفاعلين والهيئات المدنية، ويساهم في تعزيز اللحمة الوطنية وترسيخ ثقافة المسؤولية المشتركة.

كما قدم الدكتور عبد الفتاح بلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بمراكش – جامعة القاضي عياض، مداخلة بعنوان: “الصحراء المغربية بين المشروعية التاريخية والشرعية الدولية: قراءة في ضوء الخطب الملكية والقرار الأممي 2797″، أبرز من خلالها تلاقي الأسس القانونية الدولية مع المشروعية التاريخية للمغرب، مؤكدا أن القرار الأممي الجديد يقوي الحضور المغربي داخل المنتظم الدولي ويعزز موقف المملكة على المستويين القانوني والدبلوماسي.
ومن جهته، قدم الدكتور سعيد بوفريوى، رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق بقلعة السراغنة – جامعة القاضي عياض، مداخلة بعنوان: “الاستشرافات الجيو-تنموية لقرار مجلس الأمن 2797 وتأثيرها على التوازنات الاستراتيجية الدولية”، تناول فيها التحولات الجيو-سياسية المنتظرة جراء القرار الأممي، وأشار إلى أثره على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية وعلى مواقع النفوذ المغربية في التوازنات الإقليمية والدولية.
أما الدكتور المتاقي البشير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة السلطان مولاي سليمان، فقد قدم مداخلة بعنوان: “مكتسبات الدبلوماسية الملكية في قضية الصحراء المغربية في ضوء آخر القرارات الأممية”، أوضح فيها أن القرار 2797 يعكس نتائج الرؤية الملكية الواضحة القائمة على الحزم والوضوح الاستراتيجي، مؤكدا أن هذه المقاربة جعلت المغرب فاعلا محوريا في المعادلات الإقليمية والدولية وعززت مكانته داخل مجلس الأمن والمنتظم الدولي.

تجدر الإشارة إلى أن الندوة نظّمها المجلس الجماعي لسوق السبت أولاد النمة بشراكة مع الجمعية الجهوية للتربية والثقافة وجمعية أم الربيع للتنمية المندمجة، وحضرها عامل إقليم الفقيه بن صالح، وعدد من المسؤولين المحليين والإقليميين والفاعلين السياسيين والجمعويين، إلى جانب نخبة من الأساتذة الجامعيين والطلبة والخبراء المتخصصين في القضايا القانونية والسياسية الدولية.
المصدر: وكالات
