يمثل الشريط السينمائي “فوي فويفوي” للمخرج عمر هلال مصر في المنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي بمهرجان الأوسكار العالمي لسنة 2023، وهو عمل يسلط السيناريو الخاص به الضوء على الهجرة غير الشرعية من الشرق الأوسط وإفريقيا.
وتدور قصة الشريط السينمائي حول شاب يدعى حسن، يعيش حياة الفقر مع والدته، ويعمل حارس أمن، ثم يتحايل بطريقة ما للانضمام إلى فريق كرة قدم للمكفوفين قريب من لعب بطولة كأس العالم في أوروبا؛ وفي هذه الرحلة يلتقي بالعديد من الشخصيات، ويدخل في مغامرات عديدة مثيرة وخطيرة.
وفي هذا الصدد قدم الناقد المغربي فؤاد زويريق قراءة نقدية في شريط “فوي فويفوي”، حيث اعتبر أنه أفضل فيلم مصري شاهده هذه السنة، “وهو ليس بفيلم كوميدي ولا بفيلم هزلي، بل هو عمل ساخر، لكنه تأملي، اعتمد على السخرية السوداء ليجعل المشاهد يتأمل الواقع بتفاصيله العبثية”، مضيفا أنه “يحسب للمخرج أنه دجّن الموضوع، وروّض القصة وجعلها بعيدة عن فخ الوعظ والرسائل المباشرة المبتذلة”.
وتابع زويريق بأنه “رغم كون المخرج يخوض تجربته الأولى في هذا الفيلم، كأول فيلم روائي طويل له، إلا أنه تعامل معه بذكاء واحترافية عالية، وروى القصة بكل بساطة وسلاسة وغادر، مستعملا جرعات محسوبة من اللذع دون إيلام مبالغ فيه، كما اعتمد على المجتمع المصري كأرضية محايدة دون خصوصية محددة، وهو الأمر الذي يمكن من إسقاط الموضوع على أي مجتمع آخر يعاني من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، دون أن يتأثر جوهر القصة”.
وأبرز الناقد المغربي أن “الفيلم مؤلم لكنه مبهج، لا يحرض على البكاء ولا على الضحك، وهنا تكمن المعادلة الصعبة؛ مواقفه متشابكة ومقنعة، فكل حدث وقع له مبرراته وحساباته، ما يدل على أن المشاهد أمام سيناريو محكم، ومترابط، ببناء درامي منطقي متجانس العناصر في شكله ومضمونه”، مضيفا أنه “حتى النهاية تظهر على أنها سعيدة لكنها في الحقيقة برؤية تراجيدية محبطة، لا تتوافق والأحلام والآمال والطموحات التي من أجلها غامر كل هؤلاء الأشخاص ورحلوا عن أوطانهم، وتركوا أسرهم وأحباءهم”.
وواصل المتحدث ذاته بأن “عناصر الفيلم كلها موفقة تقريبا، من إخراج وتصوير وموسيقى وتشخيص”، وزاد: “العمل في مجمله هو القصة أولا والرؤية الإخراجية التي شكلتها، فيمكن أن أقول إن المخرج هنا هو البطل، رغم أن هذا العمل لا يمكن تصنيفه ضمن سينما المؤلف، لكنه يُظهر لنا بشكل جلي عمق الكتابة واجتهاد المخرج في بلورتها إبداعيا”.
وعن أبطال الفيلم أشار زويريق إلى أن الأخير “لم يعتمد على نجوم الشباك، بل اعتمد على تشكيلة من أسماء مميزة ومنتقاة بعناية شديدة نجح بامتياز في توظيفها”، مضيفا أن “كل اسم في الدور الذي يليق به، وهكذا نجد محمد فراج يقوم بواحد من أجمل أدواره، حيث يمكنك أن تستلقي باسترخاء أمام الشاشة وتستمتع بتشخيصه وإبداعه الجميل، وهذا ليس بغريب عنه، فهو مُشخِّص مميز، بأدائه المتقن والمبتكر الذي يتجاوز بكثير قدرات أغلب من نسميهم نجوم الشباك؛ أما طه دسوقي فمازال كما عهدناه شابا مبدعا، مجتهدا، طموحا، يدهشنا من عمل إلى عمل، واختياره كان موفقا بأداء تعبيري صادق ومقنع”، وزاد: “نيللي كريم كانت هنا كممثلة مساندة، لكن بدور مؤثر، وهي كما نعرفها فنانة حقيقية بعيدة عن الابتذال والمبالغة في التشخيص؛ والأمر نفسه بالنسبة لأمجد الحجار، فقد كان متماهيا ومنصهرا مع الباقين. أما بيومي فؤاد فوظف هنا ليس للإضحاك كما عهدناه في الكثير من الأعمال، بل في دور مختلف بأداء أكثر انضباطا ونضجا. وتبقى حنان يوسف، التي جعلتنا نكتشف عمق موهبتها في مسلسل سفاح الجيزة، من أكثر الشخصيات تأثيرا في هذا الفيلم، حيث تميزت بحضور وكاريزما قويين، وسحر أداء متوازن ومقنع إلى أبعد الحدود”.
وخلص الناقد الفني المغربي إلى أن “الفيلم باختصار يستحق المشاهدة والقراءة من زوايا عدة، وقد جمع بين المتعة التي يتوخاها الجمهور واللمسة الفنية التي يبحث عنها النقاد”.
المصدر: وكالات