الأحد 8 أكتوبر 2023 – 05:00
قال المحلل السياسي الليبي ومدير مركز السلام فرج ناجم إن “البلدان الأوروبية تحاول شيطنة النازحين والمهاجرين من جنوب الصحراء عبر شمال إفريقيا، وخاصة ليبيا التي تعيش وضع اللادولة، فيما يبحث المظلومون عن لقمة العيش، وعيش حياة أفضل، نظرا لترسبات تاريخية تركها الاستعمار ببلدهم”، ضاربا المثل بليبيا “التي تقول لها إيطاليا دائما إنها مستعدة للتعامل مع أي جهة من الأطراف الليبية في الشرق أو في الغرب”.
وأضاف فرج، متحدّثا ضمن المحور الثالث والأخير من الندوة الافتتاحية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الـ44، بعنوان “الصحراء الكبرى: من الحاجز إلى المحور”، أن أوروبا مازالت تتعامل مع الهجرة بمنطق تهديد الأمن، لكن “بالنسبة لليبيين فإن هناك علاقة وضعية عرفية اقتصادية سياسية تستمر، وتجمع ليبيا مع الصحراء الكبرى، وبالتالي تجعل ضبط الحدود مشكلة جد صعبة في وضع سياسي متأزم بالدولة الليبية”.
وأكد مدير مركز السلام، في المداخلة ذاتها ضمن محور الندوة الموسوم بـ”البنية الجيوسياسية الجديدة للصحراء الكبرى ومتطلبات الأمن الإقليمي”، أن “انهيار الدولة ووضع اللادولة مازال يؤثر على المنطقة الإقليمية، وخصوصا في ما يتعلق بموضوع الهجرة غير النظامية نحو أوروبا”، مردفا: “تصورنا لهذا الموضوع محليا يختلف عن منظور الغرب له، الذي مازال يعتبره خطرا جيوسياسيا. لكن يبدو أن عدد النازحين واللاجئين داخل البلدان الإفريقية ربما أكبر حاليا”.
وجدد المتحدث ذاته تأكيده على أن “ليبيا تتمتع بعلاقة جد خاصة مع الصحراء والساحل، إذ كانت دائما هذه المناطق تمثل عمقا لها ولغيرها من بلدان الشمال الإفريقي، وكانت هي الملجأ وعنوان الوشائج العرقيّة والإثنية والثقافية”، متابعا: “نلجأ إلى إفريقيا حين تشتدّ المحن في الشمال. وعمر المختار المقاوم الليبي كان يقاتل الفرنسيين في تشاد… بمعنى أن الروابط متينة وعميقة، ولا يمكننا أن نتنكر للمشترك كما فعلت أوروبا”.
واستطرد المحلل السياسي الليبي: “أوروبا تستمر في ابتزازنا للعب الدور القذر الذي يريدونه لنا، لكننا نجد الأمر مستفزاً وصعبا أن نتعاون مع بلدان ساهمت في ما يعيشه الإنسان في الصحراء الكبرى وفي ليبيا”، وزاد: “يبدو أنهم يعتبرون أن علينا حراسة الحدود الصحراوية التي تمثل أكثر من ألف و800 كيلومتر، ونحن لا نستطيع أن نقوم بهذا الدور ونحن نعيش حالة اللادولة”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “مراقبة الحدود في الوضع الذي تعرفه الدولة في ليبيا مهمة من ضرب المستحيلات، والمجتمع الليبي غني ومتنوع ولا يمكن أن يقصي أبناء الصحراء أو يرفضهم لكون العديد من المجتمعات المحلية داخل ليبيا ذات جذور من الصحراء والساحل، وهؤلاء جزء لا يتجزأ من التركيبة الليبية”، مبرزا أن “هذه العلاقة موغلة في القدم، وستستمر هكذا، ومن الصعب محو جذورها تلبية لرغبات غربية لحراسة الحدود”.
وفي سياق آخر من مداخلته، قال فرج ناجم: “علينا أن ننظر فقط إلى بلدان من قارتنا متطورة وقوية وناهضة بحماس، مثلاً كجنوب إفريقيا التي تخلصت من العديد من مشاكلها الاقتصادية، وضمنت للأقلية البيضاء مكانا آمنا في المجتمع الجنوب إفريقي”، مذكرا بحالة رواندا بدورها، التي تمكّنت أن تخرج من مشاكلها الداخلية، وأيضا “الدولة المغربية العريقة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهي دول ناجحة يجب أن نحتذي بها في مساراتها”.
المصدر: وكالات