حل رادو ميهايليانو، المخرج وكاتب السيناريو الروماني الفرنسي الشهير، ضيفا على مهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط بتطوان كعضو بلجنة تحكيم الأفلام الطويلة التي تم اختيارها للمنافسة ضمن المسابقة الرسمية لهاته التظاهرة التي تعود في دورتها الـ29 وتحتفي بسينما المغرب والعالم.
وفي حوار خص به جريدة هسبريس الإلكترونية، يتحدث رادو ميهايليانو عن مشاركته في المهرجان، وواقع السينما المغربية اليوم وتطور السينما العالمية، إضافة إلى تصوير أعماله بالمغرب ومواضيع أخرى.
ماذا تمثل لك المشاركة في مهرجان البحر الأبيض المتوسط للسينما كعضو في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية؟
إنه لمن دواعي سروري أن أعود بعد عام؛ لأنه تمت دعوتي السنة الماضية وجئت لأربعة أيام فقط، وهذا العام لدي شرف البقاء طويلا في المهرجان وفي أجمل بلد في العالم وهو المغرب الذي يعد بلدي الثاني.. وأتشرف بمشاهدة أفلام مذهلة التي ستكون من جميع دول البحر الأبيض المتوسط، حيث سترافقني لجنة تحكيم رائعة والكثير من الأشخاص المثيرين للاهتمام من عالم السينما الذين سنتمتع معهم بامتياز في مناقشة السينما، وهو شغفنا اليومي.
أحيانا، لا نتفق وهي ليست مشكلة كبيرة؛ لأنها تثري النقاش برأي الآخر. لذلك، يسعدني أيضا أن أكون في المغرب، وأن أكون في تطوان وهي مدينة جميلة اكتشفتها العام الماضي؛ فقد كنت أعرف فقط طنجة، والقليل من منطقة شفشاون.
هل تتابع السينما المغربية؟ وما رأيك في حالها اليوم؟
أتابع السينما المغربية لفترة طويلة، ولدي العديد من الأصدقاء وصانعي الأفلام والمنتجين المغاربة.. وأعتقد أنها واحدة من أفضل أصناف السينما في العالم، حتى لو لم يكن هناك عدد كافٍ من الأفلام المنتجة سنويا؛ لكني آمل أن يكون هناك المزيد، لأنها سينما مفعمة بالحيوية ومبتكرة للغاية في صوتها وواسعة جدا مع توفر الكثير من صانعات الأفلام اليوم في المغرب، وهو أمر جيد جدا أن هناك جيلا جديدا قادما وبقيم مؤكدة.
بالأمس، تناولنا العشاء مع صديقي فوزي بنسعيدي؛ وهو مخرج عظيم وغير عادي، سواء في أفلامه أو كممثل أو مخرج. لذلك، أحب السينما المغربية المتنوعة جدا، والتي تعبر جيدا عن الهوية العميقة للثقافة المغربية والتي بدأت في الفوز بجوائز في جميع المهرجانات، لتكون مفتوحة للجمهور.
ما هي الأعمال المغربية الأخيرة التي شاهدتها وأبهرتك؟
سأخبرك عن فيلمي المفضل، وقد يكون من بين الأفلام الثلاثة التي أحببتها على المستوى العالمي؛ وهو شريط “أزرق القفطان”، الذي أجده غير عادي، وسأبوح لك بسر لم أخبر به أحدh من قبل.. لقد صوتت لهذا الأخير كأفضل فيلم أجنبي ضمن جوائز “السيزار”.
ما رأيك في تطور السينما العالمية، على مدى السنوات العشر الماضية؟
هناك نجاح باهر، وصراحة هذا هو سؤال كبير جدا ومهم؛ فبما أنني أمارس أيضا الكثير من السياسة في السينما والسياسة الثقافية، أرى أن السنوات الأخيرة كانت فترات معقدة، لكن تظل السينما حية وتظل مثيرة للاهتمام ومتنوعة بالرغم من أن لدينا الكثير من الأشياء والكثير من العقبات التي يتعين على بعض الناس مواجهتها.. فصحيح لقد تغلبنا عليها لكن هناك الفراغ الذي يعرفه الجميع؛ فقد كاد أن يدفن جزء من السينما، لأن هناك العديد من دور السينما التي أغلقت، والعديد من الأشخاص الذين فقدوا المال، ولم يعد بإمكانهم صناعة الأفلام، إلخ…
وهناك ظاهرة ثانية يعرفها الجميع وهي وصول المنصات والمنصات الرقمية، فهذا يعني أن الناس محبوسون في المنزل يشاهدون التلفاز طوال اليوم ويشاهدون المسلسلات طوال اليوم، وهناك مسلسلات استثنائية بالفعل؛ لكن أنا لا أقول خلاف ذلك، لكن كنا نخشى ألا يغادر الناس المنزل وأن يبقوا أمام التلفزيون مباشرة، مرتبطين بالشاشة ولا يأتون إلى السينما.
كيف كانت تجربة تصوير فيلمك “عين النساء” في المغرب؟
كانت صراحة قصة حب، لقد عشت ستة أشهر في قرى المغرب قبل كتابة السيناريو فقد أردت أن أعيش في الوسط لأفهمه من الداخل وتحدثت كثيرا مع النساء وراقبتهن طيلة فترة التحضير للتصوير.
صورت العمل بقرية في الأطلس المتوسط جنوب مدينة مراكش، ومنذ وصولنا الأول إلى عين المكان تحدثنا مع رؤساء القرى الذين رحبوا بنا بأذرع مفتوحة وبرفق ولطف، وكان الجو عائليا في صناعة الفيلم. لذلك، حرصت على أن تنال كل العائلات المشاركة نصيبها من المال بسبب كرمهم وترحيبهم.
وكما تعلمين، تم اختيار الفيلم للمشاركة في مهرجان “كان” العالمي وقد اخترت أن يمثل المغرب قبل فرنسا، ووعدت نساء القرية بإحضارهن معي إلى مدينة “كان” إذا نجح الفيلم في الوصول فكان ذلك، واصطحبت اثنتي عشرة امرأة في القرية تمثل الأجيال الثلاثة من الجدات والأمهات والبنات وصعدن معي إلى البساط الأحمر مثل النجوم لأنهن كنّ بالفعل نجمات.
تجمعنا قصة حب وطيدة وأنا مدين لهن بكل شيء، فعندما أزور المغرب أحرص على السفر للقائهن؛ لأنني أعتبر نفسي أنتمي إلى تلك القرية.
هل تراودك فكرة تصوير أفلام أخرى قريبا في المغرب؟
نعم سيكون شريطي المقبل في المغرب أكيد، ولا أستطيع الانتظار للعودة والعمل مع أصدقائي الذين ينتجون أفلاما في بلدي الثاني المغرب؛ لأنني هنا أحس كأنني أشتغل في منزلي.
كلمة أخيرة
شكرا على هذا الحوار الممتع والأسئلة الغنية، وأريد أن أقول للجمهور المغربي من نساء ورجال إنني أحبهم لأنه في كل مرة آتي فيها يكون الأمر مثل الإخوة، فنتعايش جيدا وكل شيء جميل، الناس جميلون، مرحبون في كل مكان في المدينة وفي القرى، يعطونني الطعام في كل مرة، يحتفلون بي ونغني معا ونرقص معا. لذلك، أحس بأنني في منزلي وأجد سعادتي.
المصدر: وكالات