يسجل الفنان المغربي ميلود الحبشي عودة جديدة لأحضان أبو الفنون بعد غياب بسبب ظروفه المرضية، وذلك من خلال عمل مسرحي جديد من تأليفه وإخراجه شرع في عرضه بالمسارح المغربية.
وفي حوار خص به جريدة هسبريس، على هامش تقديم عمله الجديد بمدينة بني ملال، يتحدث ميلود الحبشي عن جديده الفني، ومشاركته في المسلسل الدرامي “المختفي”، وإقصاء الرواد المغاربة، ووضعيته الصحية ومواضيع أخرى.
حدثنا عن عملك المسرحي الجديد “سوق الظلمة”.
المسرحية تتحدث عن سوق غريب يتم الاتجار فيه بشكل غير قانوني أحيانا، لكن واحدا من التجار سيدخل في يوم من الأيام بعض الأشياء غير العادية والمعاصرة في التجارة، كالإنسان الآلي الذي أصبح يقتحم مجموعة من المهن، وهذا يعني أن فرص الشغل ستقل وبعض الدول لن تحتاج لليد العاملة لأن الآلة تعوضها، وهذا هو المغزى من العمل المسرحي الجديد الذي يطرح التساؤل حول مسايرة العصر مستقبلا، وكيف ستكون حياة الأجيال القادمة.
والموضوع فيه تنبؤات حول اندثار العديد من الأشياء المتعلقة بحضور الإنسان، في وقت سيكون أصعب مما نعيشه حاليا.
هل تعرضت للظلم في حياتك؟
أكيد تعرضت له، حتى الأنبياء لم يسلموا منه، لكن الله والصبر يعيناننا لنتجاوز المرحلة التي نكون فيها مظلومين. وحسب اعتقادي فإنه لا يوجد إنسان لم يتعرض للظلم، لذلك على الإنسان التعامل معه بصبر وذكاء لكي ينتصر عليه.
ما رأيك في الإقصاء والتهميش الذي يطالكم كرواد مغاربة؟
نتمنى ألا يكون هذا التهميش أبدًا، فيما لا يكون أحيانا من جهات رسمية، بل من سماسرة الفن الذين يتاجرون به ويتكلفون بمرحلة “الكاستينغ”. هؤلاء يميلون لأصدقائهم أو لديهم نية سوء لأخذ ربح من شخص مقابل حضوره، وهذا الأمر يعاني منه أكثر الرائد في الفن، لأن هناك أدوارا أصبحت اليوم تكتب فقط لجيل معين، يعيش الآن وقته ولا نستطيع مناقشة ذلك، لكن المرحلة مازالت في حاجة لنا.
وهذا الأمر عاشه أشقاؤنا في مصر وفي دول أوروبية كذلك؛ فربما صناع الأعمال يريدون التغيير، لكن ضحية ذلك هو الفنان الرائد، وهذا أمر غير معقول.
الكثير من الفنانين يشتكون من عدم دعوتهم للحضور للمهرجانات، فهل تصلك الدعوات؟
صراحة لا تصلني نهائيا أي دعوة، سواء لمهرجانات السينما أو المسرح، كأنني لا أنتمي إلى هذه المهنة نهائيا. لكن لا أخفيك أنني وجدت راحة في عدم الحضور، لأن بعض المهرجانات تبدر منها تصرفات غير لائقة في حق الفنانين.
لا تصلني أي دعوة ولا يضايقني هذا الأمر، فالخير في ما اختاره الله. حضوري واجب، لكن لا يمكنني فرض نفسي وطلب الحضور لمهرجان ما. من باب أخلاقيات المهنة أن يتم استدعاء الفنان الرائد وعدم إقصائه.
حدثنا عن مشاركتك في مسلسل “المختفي” الذي يعرض حاليا.
مسلسل “المختفي” موضوعه جميل اعتمد على المفاجأة ولا يمكنني كشف كواليسه وهو مازال في مرحلة العرض، فالناس يكتشفونه، وأتمنى في نهاية العمل أن ينال إعجاب الجمهور، والتوفيق للشباب المشاركين فيه، فقد بصموا اسمهم.
ما هي تطورات الأحداث؟ وهل سيشكل دورك عنصر المفاجأة؟
لا أستطيع القول حاليا، فهذا سر. من الأحسن للمشاهد أن يفاجأ على الشاشة كيلا يغيب عنصر التشويق، وعلى الجمهور الصبر إلى النهاية.
ما رأيك في مستوى الفنانين الشباب اليوم؟
هو مستوى جيد. هناك من لم يتحسن مستواه بعد، لكن أنا على يقين أنه سيتطور، فجميع المهن تتطلب الممارسة. لا يمكن لشاب حديث التخرج من المعهد وأعطي الفرصة أن نحكم عليه من عمل أو اثنين، سنكون قد ظلمناه، فالسنوات هي التي تحدد.
ومن مستواه ضعيف نتمنى أن يتحسن، لأننا في وقت سابق عانينا من هذه الأمور، وفي وقتنا كان الممثلون قليلين، خاصة العنصر النسوي. لكن يد الله مع الجماعة، والآن هناك فائض يبشر بالخير، ووجوه متنوعة وشباب أداؤهم يمزج بين القوي والمتوسط، لكن مع المدة كل شيء سيتغير.
هل تفضل الحضور أكثر في المسرح أو الأعمال الدرامية؟
بالنسبة لي صراحة لا يمكنني التمييز بين أبنائي، وهو الأمر نفسه هنا، فسواء على الخشبة أو أمام الكاميرا الأمر لا يختلف. التعبير يجب أن يكون صادقا سواء بشكل مباشر مع الجمهور أو من خلال الشاشة.
ما رأيك في قرار التقليل من المسلسلات التركية المدبلجة على التلفزيون تشجيعا للإنتاجات المغربية؟
تشجيع الإنتاج المغربي يعنينا جميعا كمغاربة، ولديه أولوية، لكن المسلسلات الأخرى نعرف من خلالها العديد من الثقافات، فقد نشأنا كذلك على المسلسلات المصرية واللبنانية والبرازيلية، وهي ثقافات تكتشفها، لكن لا يجب أن تكون هناك كثرة، ونعكس نسبة حضورها لصالح أعمالنا.
هل تجاوزت أزمتك المرضية؟ وكيف هي حالتك الصحية اليوم؟
الحمد لله ربي كريم وكبير. أنا حاليا بخير أحمد الله. ومن هذا المنبر أريد أن أشكر كثيرا فنانة ومخرجة كبيرة أعتبرها أختي، وهي زكية الطاهري، فقد صورت معها المسلسل بعد 12 يوما من خروجي من قاعة العمليات، وفكرة التخلي عني بسبب عارض صحي لم تكن في بالها أبدًا، بل ظلت محافظة على الاتفاق بيننا للمشاركة في العمل، وقالت لزوجتي وأنا داخل غرفة الجراحة إنها ستنتظرني إلى حين تحسن حالتي من أجل تصوير مشاهدي؛ لذلك أشكرها وزوجها كثيرا، وأشكر كل الفنانين الذين رافقوني في التصوير، حيث تعاملوا معي معاملة خاصة، مع مراعاة وضعيتي. والحمد لله أنا بخير الآن وسعيد بالوقوف من جديد فوق الخشبة ومعانقة جمهوري.
كيف استقبلت تضامن وحب المغاربة خلال فترة مرضك؟
أشكرهم جزيل الشكر. حين يواسيك الجميع ويقف معك تحس بأنك لست وحدك، بل لديك إخوة وسط أربعين مليون مغربي. أتمنى أن يستمر هذا الحب والتضامن لدينا جميعا، لأن في جمع الشمل والإحساس بمعاناة بعضنا البعض حسنة، وفي التضامن قوة.
كلمة أخيرة
اللهم أدم محبة الجمهور علينا، لأن حبه ما يصنع الفنان ويجعله يبدع ويكون حاضرا، وبدونه لا شيء. الجمهور هو الفن والأرض التي تجرب فيها عطاءك وتخيلاتك وإبداعك، وهو الذي يحدد لك النجاح من الفشل، والاستمرار يكون بعطفه وحضوره.
وشكرا هسبريس على حضوركم الدائم معنا ومساندتكم لنا في السراء والضراء.
المصدر: وكالات