كشفت بيانات حديثة الإصدار جاءت متضمنة ضمن تقرير حول “الموارد البشرية”، مرفَق بمشروع قانون المالية للسنة المالية 2025، عن تطور لافت في عدد موظفي الدولة المدنيين خلال العقد الممتد بين عامي 2014 و2024، إذ سجلت وزارة الاقتصاد والمالية حدوث “انخفاض إجمالي بنسبة 1,24 في المائة”.
وأظهرت البيانات التي طالعتها هسبريس ضمن التقرير ذاته، مرفقا بمشروع قانون المالية الذي يوجد قيد النقاش في البرلمان، أنه “برسم سنة 2024 بلغ عدد موظفي الدولة المدنيين 570 ألفا و917 موظفا وموظفة؛ وهو ما يشكل “حوالي ‰15,3 (في الألف) من عدد السكان بالمغرب، أي حوالي 15 موظفا مدنيا لكل 1000 نسمة”. كما أن ذلك العدد يمثل “ما يقارب 48 موظفا مدنيا لكل 1000 نسمة من السكان النشيطين”.
ووصف التقرير ذاته هذا الانخفاض بـ”الطفيف” متابعا بالتفسير أنه “انخفاض مسجل في عدد الموظفين المدنيين ابتداء من سنة 2016. ويرجع بالأساس إلى التأثير المزدوج لعملية التوظيف على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين التي انطلقت ابتداء السنة الدراسية 2016-2017 من جهة، ولتزايد ارتفاع عدد الموظفين المحالين على التقاعد من جهة أخرى نتيجة بلوغ حد السن القانوني أو نتيجة التقاعد النسبي خاصة بالنسبة لموظفي قطاع التربية الوطنية”، لافتا إلى ملاحظة دالة بشأن إتمام “توظيف 159 ألفا من الأطر التعليمية على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين خلال الفترة 2016-2024.
وأبرزت الوثيقة الرسمية أن “سوق الشغل ببلادنا يتميز بالمساهمة الوازنة للدولة في إنعاش التشغيل العمومي، من خلال إحداث مناصب مالية بالوظيفة العمومية لسد حاجيات الإدارة من الموارد البشرية الضرورية والرفع من جودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين والفاعلين الاقتصاديين”، وفق تعبيرها.
وحسب ما طالعته هسبريس ضمن التقرير المذكور، فإن تطور أعداد الموظفين المدنيين طيلة نحو 10 سنوات (خلال الفترة 2024–2014) أبان عن تراجُع في عدد الموظفين المدنيين للدولة في المغرب برسم سنة 2024 بعدما كان 578 ألفا و57 موظفا سنة 2014 من أصل 11 مليونا و677 ألفا من الساكنة النشيطة.
وقد بلغت نسبة تغطية الموظفين المدنيين لمجموع الساكنة من جهة ولمجموع الساكنة النشيطة من جهة أخرى، على التوالي، ما يناهز 1,61 في المائة و4,77 في المائة كمتوسط للفترة ما بين 2014 و2024، منخرطا بذلك ضمن “منحى تنازلي ملحوظ انطلاقا من سنة 2016”.
حسب القطاعات وسلالم الأجور
أورد التقرير المذكور أن “توزيع عدد الموظفين المدنيين حسب القطاعات الوزارية” أبان عن “تمركُز 90 في المائة منهم في سبعة قطاعات وزارية/حكومية”، مفيدا بأن “عدد الموظفين المدنيين في الوظيفة العمومية برسم سنة 2024 قد بلغ حوالي 570 ألفا و917 موظفا وموظفة، يتمركز نحو 90,4 في المائة منهم في سبعة قطاعات وزارية”.
وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تُشَغلان لوحدهما حوالي 40,3 في المائة من العدد الإجمالي للموظفين المدنيين، تَليها كل من وزارة الداخلية بحصة 29,1 في المائة، ثم وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بـ11,8 في المائة، قبل كل من وزارة الاقتصاد والمالية بـ3,8 في المائة، ووزارة العدل بـ2,7 في المائة، وإدارة السجون بـ2,6 في المائة؛ في حين تُشغل باقي القطاعات مُجتمِعة ما يمثل 9,6 في المائة من مجموع الموظفين المدنيين”.
وحسب “سلالم الأجور” في المغرب، فإن “نسبة التأطير بالوظيفة العمومية عرفت “تطورا ملحوظا”، حيث وصلت إلى 67,6 في المائة سنة 2024 مقابل 65 في المائة قبل عشر سنوات. و”يرجع هذا التحسن، بالأساس، إلى المراجعات المتتالية التي عرفها نظام الترقي؛ بالإضافة إلى التوجه نحو عمليات توظيف فئة الأطر بأسلاك الوظيفة العمومية في السنوات الأخيرة.
ووفق الإحصائيات الرسمية، فإن “نسبة موظفي الدولة المدنيين المرتبين في السلم من العاشر فما فوق يهيمنون على بنية الموظفين بالمغرب بـحوالي 68 في المائة”؛ فيما يشكل “أعوان التنفيذ” المرتبون في سلم الأجور السادس وما يماثله، ونسبة موظفي الإشراف المرتبين في سلالم الأجور من السابع إلى التاسع، على التوالي، 20 في المائة و12,4 في المائة من مجموع موظفي الدولة المدنيين برسم سنة 2024.
“الداخلية والدفاع والصحة”
تبيّن، وفق مصدر المعطيات ذاتها، أن أكثر “من 68 في المائة من إجمالي عدد المناصب المالية المحدثة برسم السنة المالية 2024 كانت قد ظفرت بها ثلاثة قطاعات وزارية؛ وهي: وزارة الداخلية وإدارة الدفاع الوطني ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية”.
وأوضح التقرير ذاته أن “الأولوية أُعطيَت لدعم القطاعات ذات الطابع الاجتماعي والأمني، لتلبية حاجياتها الضرورية من الموارد البشرية”.
وفي هذا الصدد، سجلت وزارة الاقتصاد والمالية الأهمية البالغة لـ”دراسة تطور عمليات إحداث المناصب المالية للتمكين من التوفر على رؤية واضحة حول التوجهات الحكومية في ما يتعلق بتوفير الموارد البشرية اللازمة للقطاعات ذات الأولوية”، لافتة إلى أن “عمليات إحداث وحذف المناصب المالية من المحددات الرئيسية لتطور عدد الموظفين في مختلف الإدارات العمومية”، موضحة أنها “تتأثر بعوامل عديدة؛ كالسياسات الحكومية، وحاجيات المرافق العمومية من الموارد البشرية والإكراهات على مستوى الميزانية العامة للدولة”، راصدة أنه “نتيجة التقاعد بعد بلوغ حد السن القانوني العامل الرئيسي فعملية حذف المناصب المالية داخل الإدارات العمومية وصلت نسبة 82 في المائة كمتوسط المناصب المحذوفة من مجموع المناصب المالية المحذوفة خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2024.
وعلى مدى الـ10 سنوات الماضية، أكد البيانات الرسمية ذاتها بلوغ “العدد الإجمالي للمناصب المالية المُحدثة خلال الفترة 2024-2014 ما مجموعه 264 ألفا و812 منصبا ماليا، يضاف إليها 159 ألف منصب مالي تم إحداثها على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين من أجل توظيف الأساتذة”.
خلال الفترة المذكورة، أبرز المصدر عينه “إعطاء الأولوية لدعم القطاعات ذات الطابع الاجتماعي والأمني، حيث تم تخصيص 63 في المائة من إجمالي عدد المناصب المالية المحدثة لفائدة قطاعات الداخلية والتربية الوطنية والتعليم العالي والصحة”.
المصدر: وكالات