على بعد أقل من كيلومتر واحد من مقبرة المقاومين، كانت طلقات البارود تلعلع في سماء المنطقة المسماة “دراع الزيتون” على الطريق الوطنية رقم 9 الرابطة بين الدار البيضاء ومراكش.
بهذه المنطقة التابعة لجماعة نزالت لعظم، المحسوبة على إقليم الرحامنة، تعيش الساكنة على وقع “مهرجان دراع الزيتون”، الذي يخلد ذكرى معركة سيدي بوعثمان التي جرت أطوارها في السادس من شتنبر 2012 وقادها الشيخ أحمد الهيبة ماء العينين ضد المستعمر الفرنسي مع بداية الحماية الفرنسية.
وأعلن المنظمون أن الدورة الثانية من هذه التظاهرة الثقافية والفنية تروم “تكريس حب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل تحت قيادة الملك محمد السادس”.
وقال عبد المنعم بويدية، رئيس جمعية “دراع الزيتون”، إن هذه التظاهرة “تأتي بغاية استحضار تضحيات الشهداء والمقاومين الذين مروا بالمنطقة وخدماتهم الجليلة وآثارها الخالدة في معترك المقاومة ومسيرة التحرير والوحدة الوطنية”.
وأضاف أن الاحتفاء بهذه المعركة “هو تذكير بالتاريخ العريق والمشرق للمملكة المغربية، وتأكيد على واجب الوفاء بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأعلامها وأبطالها”.
وأردف بويدية بأن “هذه التظاهرة من شأنها أن تسهم في الترويج والتسويق لهذه المنطقة، وبالتالي التعريف بها جهويا ووطنيا، الشيء الذي يمكن أن ينعكس على التنمية المحلية”.
في السياق نفسه، شدد الدكتور الباحث أحمد طوالة على “ضرورة الاحتفاء بهذه المعارك التاريخية لما لها من دلالات وعبر يمكن استخلاصها من طرف الأجيال الحالية”.
وأثار أستاذ التواصل وتحليل الخطاب بالكلية متعددة التخصصات في مدينة الرشيدية، في معرض مداخلة له في ندوة “معركة سيدي بوعثمان: الذاكرة والحضور”، أهمية التركيز على الأدوار الرئيسة التي ينبغي أن تقوم بها الأجيال الحالية في ترسيخ وبناء الدولة الاجتماعية “من خلال تسويق أفضل للتراث وجعله ثروة تساهم في إثراء مداخيل خزينة الدولة”.
من جهته، استعاد عبد الخالق مساعيد، باحث في التاريخ الرحماني، كرونولوجيا الأحداث في معركة سيدي بوعثمان بين قوات المقاومة، بقيادة الشيخ أحمد الهيبة، وقوات الاستعمار الفرنسي.
وذكر الباحث في معرض مداخلته أنه “بتاريخ 24 ماي 1912، تم تعيين الجنرال ليوطي مقيما عاما على المغرب، بينما أُعلن أحمد الهيبة أميرا للجهاد وحاكما لتيزنيت وسوس، ليدخل هذا الأخير في الـ15 من غشت 1912 إلى مراكش”.
وأضاف: “بعد معارك أوهام، أمر الشيخ أحمد الهيبة خليفته ونائبه، مربيه ربه، بأن يتولى قيادة الجيش، حيث عقد مشاورات مع بعض القواد ليستقر الرأي على اختيار مكان سيدي بوعثمان ميدانا للمواجهة، لموقعه الاستراتيجي”.
وتابع بأن “عدد المقاومين بلغ 15 ألف مجاهد، كانوا يرابطون على مستوى باب الخميس بمراكش ليلة الخامس من شتنبر 1912 ليتم بناء المخيم في دراع الزيتون لتكون المعركة يوم سادس شتنبر”.
وتزامنا مع هذه الندوة، كانت طلقات البارود تلعلع في السماء من فوهات بندقيات “الخيالة” القادمين من مختلف المناطق بجهة مراكش-آسفي.
واستطاعت هذه التظاهرة جذب آلاف القرويين من الدواوير التابعة لجماعة نزالت لعظم وأحياء سيدي بوعثمان وباقي الجماعات المجاورة، إلى جانب عابري الطريق الوطنية.
المصدر: وكالات