تجددت معاناة ساكنة المناطق الجبلية مع موجة البرد القارس التي أعادت أزمة حطب التدفئة إلى واجهة النقاش، نظرا إلى ارتفاع تكلفته في ظل غلاء أسعار المواد الأساسية بالمملكة المغربية، الأمر الذي ينعكس بالسلب على المردود الدراسي لتلاميذ مناطق الأطلس.
وأشارت مصادر جمعوية في هذا الصدد إلى ارتفاع أثمنة حطب التدفئة من جديد، وسط مطالب السكان بتدخل السلطات المحلية لإعانة الأسر المعوزة، داعية كذلك السلطات الحكومية إلى التفكير في برامج مستقبلية للتخفيف من وطأة البرد القارس بمناطق الأطلس في هذه الفترة السنوية.
حري بالذكر أن الملك محمد السادس، أصدر تعليماته السامية للإطلاق الفوري للمبادرة التضامنية الرامية لمواجهة موجة البرد القارس، لفائدة الساكنة القروية المتضررة من الانخفاض الكبير لدرجات الحرارة بأقاليم الأطلس الكبير والأطلس المتوسط
وكشفت الحكومة، في وقت سابق، عن حصيلة المخطط الوطني الحالي لحماية الأسر القاطنة بالمناطق الجبلية من موجة البرد القارس، إذ يستهدف ساكنة تقدر بـ 795 ألفا و727 نسمة منتظمة في إطار 150 ألفا و460 أسرة تقطن بـ1816 دوارا.
ولفتت الحكومة إلى أن محاور التدخل تهم دعم الخدمات الصحية المقدمة لساكنة المناطق المعرضة لموجة البرد، وذلك عبر برمجة 3179 وحدة طبية متنقلة و164 قافلة طبية، بالإضافة إلى تعبئة 3311 طبيبا وإطارا طبيا، و863 سيارة إسعاف، وتهيئة ما مجموعه 160 منصة مؤقتة لتأمين نزول المروحيات التابعة للدرك الملكي أو لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، قال إن “ساكنة العالم القروي تتجدد معاناتها مع كل فصل شتاء، نظرا إلى الوضعية الجغرافية الصعبة لهذه المناطق”، مبرزا أن “السياسات الحكومية الموسمية تفاقم معاناة الأسر الجبلية بسبب عدم ابتكار حلول عملياتية ناجعة تستهدف صلب الأزمة”.
وأضاف الديش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المعضلة الأولى التي تواجه الساكنة هي الحصول على حطب التدفئة، وهي المشكلة التي لم يتم حلها رغم تكررها في كل سنة، حيث تضاعفت ميزانية الأسر المرصودة لهذه العملية خلال السنوات الماضية بسبب ارتفاع الأسعار، فانتقلت من 300 درهم إلى 1500 درهم للطن الواحد، علما أن حاجيات الأسرة الواحدة تصل إلى 5 أطنان في السنة الواحدة”.
وأوضح المتحدث أن “حطب التدفئة أولوية الأولويات بالنسبة إلى أسر المناطق الجبلية، ثم تأتي بعده أولوية الصحة والتعليم والتغذية”، مؤكدا أن “حطب التدفئة يفرض على العائلات توفير ميزانية مالية تصل إلى 6000 درهم سنويا رغم ضعف القدرة الشرائية في هذه المناطق التي تعتمد على الزراعة المعيشية وتجارة المواشي”.
وأردف بأن “تلاميذ المناطق الجبلية يجدون صعوبات كثيرة في العملية التدريسية أثناء فصل الشتاء بسبب قلة حطب التدفئة في الوحدات التعليمية، مما ينعكس بالسلب على مردودهم المدرسي بالمقارنة مع أقرانهم في بقية مناطق المملكة”، داعيا السلطات الحكومية إلى “البحث عن حلول هيكلية لهذه المعضلة بعيدا عن البرامج اللحظية المرتبطة بتخفيف تداعيات البرد القارس”.
المصدر: وكالات